التوقيت الجمعة، 03 مايو 2024
التوقيت 05:39 م , بتوقيت القاهرة

أصوات من السماء| محمد الصيفي.. حكيم القراءات السبع

"اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها".. قيثارات عذبة ندية وأصوات شجية وروحانية فكانت أصوات من السماء لمقرئين نتذكرهم دائما شوقا واشتياقا. يوميا وحتى انتهاء شهر رمضان نستعرض فيها حلقات أبرز مقرئي القرآن الكريم في مصر.


حنجرة مميزة تمتلك أحبالا صوتية عريضة، تنطلق في سماء التلاوة بثقة بالغة تجعلنا نطير معها إلى العلو لنلمس السماء، تنقل مثل الفراشة بين حدائق القرآن، لينشأ دولة التلاوة يكون هو حاكمها، وبعلمه الغزير في علم القراءات السبع، تنقلت أحباله الصوتية لتعزف لنا أكثر من لحن سماوي حجزت له مقعدا مميزا في قائمة الرعيل الأول من القراء، توجت الشيخ محمد الصيفي لمنحه عددا من الألقاب من بينها "أبو القراء"،"القارئ العالم".


الشيخ الصيفى1


طفولة في رحاب القرآن


عانقت طفولة الشيخ محمد الصيفي القرآن الكريم، ومن قريته البرادعة التي ولد بها بمحافظة القليوبية بدأت رحلته في رحاب التلاوة، ليتقن حفظ القرآن على يد شيخه عبده حسين وهو دون التاسعة من عمره، ليسافر إلى القاهرة بعدها ويتلقى القراءات على يد الشيخ عبد العزيز السحار.


ولحبه الكبير للتلاوة تفرغ لها رغم تخرجه من كلية الشريعة والقانون ليكون مؤهلا للقضاء الشرعي، لكنه فضل التلاوة التي أخلص لها، وكانت سبب شهرته، ومن مسجد السيدة فاطمة النبوية بالعباسية التي عاش فيها حياته بالقاهرة، انطلقت شهرة الشيخ" الصيفي" بين مريديه ومحبيه، كما كان لمسجد الإمام الحسين دورا كبيرا في تنامى شهرته كقارئ عظيم لقب بعددا كبيرا من الألقاب من بينها "أبو القراء"، ولعلاقته الطيبة بعددا كبيرا من القراء أنشئ لهم رابطة " تضامن القراء" يتولى رئاستها في البداية، والتي تحددت مهامها في الدفاع عن مطالب القراء



قراء حول" الصيفي"


تميز" الصيفي" بمحبه جعلت مكانته عظيمة في قلوب عددا من الشيوخ أبرزهم الشيخ طه الفشنى الذي جمعته به صداقة ميتنه، كما كان يسكنان معا في بداية شبابهم، بالإضافة للعلاقة الوطيدة التي جمعته بالشيخ محمد رفعت، والذي مثل لـ"الصيفى" الصوت القدوة الذى لا يدخل في منافسه مع أحدا، وكثيرا ما كان يسئل عن رأيه في صوت "رفعت" فكان يصفه بأنه موهبة من السماء، كما كان يرى في الشيخ علي محمود صوتها يحدث انقلابا وتطورا في فن التواشيح و المدائح، أما وصفه للشيخ عبد العظيم زاهر، فكان يؤكد أنه الصوت الباكي الذي يصل اللي القلوب مباشرة.


كان يؤمن "الصيفي" بموهبته الفذة في القراءة، ولذكائه الشديد لم يعتمد فقط على تلك الموهبة ولكنه وجد أن القراءة المطلوبة يجب أن يشترك في ترتيلها اللسان والعقل والقلب



فقيه القرآن


أدرك الشيخ محمد الصيفي أن الموهبة وحدها لا تكفي لصناعة قارئ مميز وله حضور كبير وصيت في دولة التلاوة، وأن الموهبة لابد وأن تلازمها اجتهاد كبيرا للتدريب الدائم على تحسين الصوت بالتعلم والتفقه في الدين، وهو ما ساهم في أن يكون ضليعا في الحفظ والتلاوة، ليتعمق في التففه في آيات القرآن، وهو ما جعله منب ين القراء الأوائل اللذين شرف بهم مأتم الزعيم سعد زغلول، كما يمثل أول شيخ رفض القراءة في القصر الملكي، وهو يبلغ الديوان ان الملك عليه الاستماع إلى القراءة عبر الإذاعة، التي انطلقت منها شهرته ليسحل لعددا كبيرا من الإذاعات من بينها إذاعات لندن وموسكو وبرلين، كما كان صوت " الصيفي" يأثر قلب عددا من الشخصيات والرموز السياسية  من بينها المحامي الكبير مكرم عبيد الذى حرص على  سماع الشيخ محمد الصيفي، و ذكرأنه تعلم القران الكريم بأحكامه الصحيحة علي يد شيخ القراءة محمد الصيفي



وفاته


بعد رحلة عظيمه في دولة التلاوة توفى" الصيفي" في 25 سبتمبر لعام 1955، عن عمر يناهز الـ 70 عاماً، وقبل وفاته اعتزل إحياء الليالي واكتفى بقراءة سورة الكهف في مسجد الإمام الحسين، وعلى الرغم من عمله الغزير في علم القراءة، إلا أن أبناء الشيخ " الصيفي" لم يسلكوا الاتجاه الذى مضى فيه، ولكنهم سلكوا اتجاها مغايرا في العمل، فولده الأول هو المخرج الكبير حسن الصيفي، والثاني هو محمود الصيفي، الذي عمل مساعدا في الإخراج السينمائي مع شقيقه، وكانت زوجة الشيخ هي شقيقة الممثل والكاتب والمخرج الكبير إبراهيم عمارة.