هل أخرجت حواء آدم من الجنة؟ ادخل وشوف


كتب-حسن الخطيب
يظن كثير من الناس أن أمنا حواء كانت سببًا في خروج أبينا آدم- عليهما السلام- من الجنة، وأنّها كانت سبب شقاء الجنس البشر لأنها أغوته ليأكل من الشّجرة المحرمة، وأنها لولا ذلك ما هبطا إلى الأرض.. فهل هذا الكلام صحيح؟ وإذا كان صحيحًا، هل له سند في القرآن الكريم، أو السنة النبوية الشريفة؟
وسوسة الشيطان
يقول الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن القرآن الكريم أوضح حقيقة إخراج آدم من الجنة، فقال تعالى " وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ. فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ"، منوها أن ماحكاه القرآن أن المعصية ارتكبت منهما معا، لكنها جاءت بوسوسة الشيطان لهما.
وأوضح هاشم أن ما فعله آدم وحواء بأن عصا الله تعالى، وخالفا أمره، بعدما نهاهما عن الأكل من الشجرة، فأكلا منها معا، فلذلك كانت عقوبتهما أن يهبطا إلى الأرض، وأن يرث أبنائهما هذا الشقاء، فجاء من بعدهما قابيل وهابيل، وارتكبا خطيئة القتل، وعلى هذا النهج سارت البشرية، مصداقا لقول الحق تعالى " قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ".
براءة حواء من الغواية
ونوه الدكتور أحمد عمر هاشم بأن ماحكاه القرآن الكريم يقول بأن آدم وحواء معا يشتركا في الذنب، ولا يوجد أي دليل على أن حواء هي من أغوت آدم عليه السلام، ومن ينظر إلى ما جاء في بعض الآيات يجد الله تعالى يعاتب سيدنا آدم فقط، لقول الله تعالى "فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَى* فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى"، منبها بأن التوراه وليس القرآن، هو من حكى بأن حواء أغوت آدم، ولنا أن نتبع ما جاء في القرآن الكريم، ونسير عليه، بأن الذنب كان مشتركا.
رأيان
ويرى الدكتور سعد الدين الهلالي، استاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون، بجامعة الأزهر، أن في هذا الأمر رأيان، الأول ماحكاه القرآن الكريم، بأن إبليس هو من اغوى آدم وحواء معا، ليعصيا أمر ربهما، حقدا منه، وعلى هذا يتحملا معا إثم وذنب المعصية، ولهذا نزلا من الجنة معا وهبطا إلى الأرض بفعلهما هذه المعصية.
والرأي الثاني- كما يقول الهلالي- ماحكاه حديث البخاري ومسلم ومسند أحمد، وهو حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم "لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها"، ومعنى هذا الحديث أن أمنا حواء هي من زينت لآدم الأكل من الشجرة حتى وقع في المعصية، بعدما زين لها ابليس اللعين الأكل من الشجرة، منوها عن معنى خيانتها، أي أنها قبلت ما زين لها إبليس حتى زينته لآدم عليه السلام، وعلى هذا سارت سائر بنات حواء، في تحسينها للأمور لزوجها.
وبين الهلالي بأن الحقيقة التي يجب أن نسير عليها، هي تلك الحقيقة التي قالها شيخنا الإمام الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي، بأن قدر الله تعالى بأن يهبط آدم وحواء إلى الأرض، فلم تكن الجنة التي دخلاها آدم وحواء، هي جنة الخلد، أو جنة الجزاء، وإنما هي جنة أخرى، مشيرا غلى ما ساقه الشعراوي من دليل على انها ليست جنة الجزاء، بأن إبليس دخلها ووسوس لآدم وحواء، وزين لهما المعصية، وعلينا أن نتبع ماحكاه القرآن الكريم في قصتهما بأن الذنب كان لهما معا.