التوقيت الثلاثاء، 23 أبريل 2024
التوقيت 11:12 م , بتوقيت القاهرة

"LSD" هل هو إكسير السعادة أم عقار للهلوسة؟

كتب- محمد عصمت:

هل تريد نسيان أحزانك ومحو المشاعر السيئة كانها لم تكن؟، بوسعك الاقتراب من السعادة وتحقيق حالة فريدة من الشعور المذهل، لكن الرحلة قد تكون محفوفة بالمخاطر، "دوت مصر" يخبرك عن أحد أهم الاكتشافات التي صدمت البشر، إنها حبوب السعادة أو عقار "lsd".

صدفة غير عادية

مثل كل الأمور الجيّدة والمميّزة، اكتُشف عقار "LSD"، أو باسمه الكامل ثنائي إيثيل أميد حمض الليسرجيك، بمحض الصدفة، في أحد أيّام ربيع العام 1943، جلس الكيميائي ألبرت هوفمان في مختبَره في سويسرا، وكان يعمل على مركّب كيميائي يدرسه منذ سنوات بهدف تصنيع دواء نسائي.

كانت المادّة صيغة ما لفطر كان ينمو على أجناس معيّنة من نبتة الجاودار، لم يتخيّل أي شخص أنّ دراسة كيميائية لمادّة عاديّة إلى هذا الحدّ ستقود إلى اكتشاف مزلزِل كهذا، بعد أن لمس هوفمان المادّة المُعالَجة، بدأ يشعر بالدُّوار، ودخل في حالة "تشبه السكر"، إذ بدأ خياله يعمل بشكل مفرِط، كان الاختبار الذي عاشه قويًّا وعميقًا إلى حدّ أنّ الكلمات لم تتمكّن من وصفه كاملًا.

بدأ هوفمان يرى أشكالًا متلألئة تتحرّك على الجُدران، وطلب من معاونه أن يرافقه إلى البيت. لكن فيما كان يركب على درّاجته إلى البيت، روى أنّ "كلّ شيء في حقل رؤيتي كان يتأرجح، وكان مُشوَّهًا كأنه انعكس في مرآة منحنية"، حين وصل، ظنّ خطأ أنّ جارته "ساحرة شرّيرة"، وعزل نفسه في البيت عاجزا عن صياغة جملة مفيدة واحدة، لكنّ الأمر الأكثر غرابةً الذي شعر به هوفمان هو أنّ إحساسه بالذات فارقه، وأنّ نفسه تغادر جسده بحيث يتمكّن من رؤية نفسه في الخارج، ضمن رؤية واسعة للعالَم.

عقار غير مسبوق

لا تتألف جرعة الـ "LSD" التي في وسعها التسبُّب بهلوسة شاملة من أكثر من 100 ميكروغرام، أي 0.0001 غرام، رغم أن عقاقير أخرى بكمية أكبر بـ 5000 ضعف على الأقلّ لإحداث الهلوَسة، لذلك سعرالجرام 3 آلاف دولار أمريكي.

ورغم أن هوفمان لم يؤيد استخدام العقار لأغراض المتعة والفنون لكونه نظر إليه كدواء شرعيّ، يمكن أن يساعد أبحاث علم النفس والطبّ النفسيّ، لهذا السبب، جرى استخلاص دواء يُدعى "Delysid" من العقار، بهدف مساعدة الناس على التغلُّب على الصدمات النفسية التي عاشوها، وتخفيف معاناة المصابين بأمراضٍ عُضال، إلا أن المادة الأصلية ظلت مصدر إلهام لوقت طويل.

تجارب خيالية


أبدت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) اهتمامًا خاصًّا بهذا الدواء، فقد نظرت إليه على أنه مفتاح السيطرة على المزاج البشَري، درست الوكالة تأثيرات العقار على العسكريين، الأطبّاء، وكلاء الحكومة، الطلاب الجامعيين، النساء، ومتلقّي العلاج النفسي.

في عام 1951 خرجت إحدى التجارب الأمريكية عن السيطرة كما يبدو، وأدّت وفق التقارير إلى تسمُّم قرية كاملة جنوب شرقيّ فرنسا، بعد أن تسرّب العقار إلى مخزونها من الخبز عام 1951، وكشفت التقارير الحكومية لمن تلقوا العقار أنهم خضعوا لتجربة تفوق الإدراك البشري وتخيلات مثيرة .

فقال أحدهم، "شعرت أني "طائرة"، وبعد ذلك قفز من الطابق الثاني، كاسرًا رِجليه. بالمقابل، أغرق رجل آخر نفسه لأنّه ظنّ أنّ الأفاعي تأكل بطنه من الداخل. وقال شخصٌ آخر إنه رأى قلبه خارجًا من جسمه عبر القدمَين، فيما حاول فتى في الحادية عشرة من عمره خنق جدّته لأنه تخيلها دمية من قماش.

الإلهام الأمريكي

أدرك كين كيزي، أحد المشاركين في تجارب وكالة المخابرات المركزية على "LSD"، أنه فيما كان الأطباء يعتقدون أنهم كانوا يستخدمونه، منحوه في الواقع مفتاح الكون كلّه، فقد قرّر الانطلاق في رحلة في الحافلة في أرجاء الولايات المتحدة الأمريكية، وقام بتوزيع جرعات من العقار في كلّ مكانٍ توقَّف فيه، وكان هدفه تحرير وعي الشعب الأمريكي، إثر تجربته للعقار، وضع كيزي كتاب "أحدهم طار فوق عش الوقواق"، الذي حُوّل إلى فيلم ناجح أيضًا.

الأقبال الشديد على العقار خلال الستينات، أثار هلَعًا كبيرًا جدًّا في الولايات المتحدة، بحيث منعت الحكومة نشره، وأزيل الدواء عن الرفوف. وتم منعه بشكل رسمي حتى اليوم، لكنه الإلهام الناجم عن تعاطي العقار ظل تجربة إنسانية فريدة، قفزت فوق الضعف البشري، ما جعل العقار ضمن المواد الثمينة على وجه الأرض.

الإبداع الحي

"لا يمكنك أن تتحدث عن العقار دون أن تحظى بتجربة مماثلة"، هكذا رد جون لينون أحد أعضاء فرقة "البيتلز" الشهيرة على سؤال صحفي حول تعاطيه العقار، رواج العقار بين الموسيقيين خلق نوعا جديدا من الموسيقى أطلق عليه النقاد "الإبداع الحي" وعرف نجاحا سريعا واشتهرت موسيقى "lsd" بفضل البيتلز وفرقة "دورز" ، وضمن ذلك أغنية البيتلز الشهيرة "Lucy In The Sky With Diamonds"



الاقتراب من السعادة

وفق مذكرات ستيف جوبز، مؤسس شركة آبل العملاقة، كانت تجربة الـ LSD اختبارا عميقا، وأحد أهمّ الأمور في حياته، فقد وصف ذلك بأن عقار الـ "LSD" يظهر جانبًا آخَر للعُملة، لا يمكنك أن تتذكر ذلك حين يزول التأثير، لكنك ببساطة تعرف ذلك، قوّى هذا العقار لديّ التمييز بين الهامّ وغير الهامّ، إرادة إنجاز أمور كبيرة، القدرة على إنتاج تفكير خاصّ بي، والمعرفة أنني جزء من التيار والوعي الكبير للجنس البشريّ.

سخر جوبز أيضًا من منافسه الشهير بيل غيتس لأنه لم يختبر العقار مُطلَقًا، وبقى بالتالي رجلًا يفتقر إلى الخيال يكتفي بنسخ أفكار الآخَرين.

النجمة الأمريكية مايلي سايرس أعلنت تعاطيها العقار من حين إلى آخر لاستعادة الإبداع والاقتراب من السعادة، مؤكدة أنها تحب هذة النوعية من المخدرات الاجتماعية التي تجعلك تود الجلوس مع أصدقائك والخروج ومعايشة تأثيرات رائعة.