هكذا فتح عمرو بن العاص مصر مرتين.. وهذا آخر ما قاله


في 16 أبريل 641م سقطت مصر في يد الفاتح الإسلامي عمرو بن العاص، بعد أن تداعى حصن بابليون أمامه، فدخل الجيش الإسلامي إلى مصر، وانتقلت تبعيتها من حكم الرومان إلى الحكم الإسلامي المتمثل وقتها في الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
فتح مصر كان أمرا حتميا للصحابة، لأن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، بشرهم بفتحها وأوصاهم بأهلها، فقال: "إنكم ستفتحون مصر، وهي أرضى يسمى فيها القيراط، فإذا فتحتموها، فأحسنوا إلى أهلها، فإن لهم ذمة ورحما"، وكانت وصايا النبي في آخر حياته "الله الله في قبط مصر، فإنكم ستظهرون عليهم ويكونون لكم عدة وأعوانا في سبيل الله".
إسلام ابن العاص
فاتح مصر عمرو بن العاص، أسلم في السنة الثامنة للهجرة بعد هزيمة قريش في غزوة الأحزاب، فقدم إلى المدينة المنورة مع خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة، مسلمين، بعد مقاتلتهم الإسلام، ثم غزا في عهد النبي وشارك في الفتوحات في عهد الخلفاء الراشدين.
فتح مصر الأول
بعد موت يزيد بن أبي سفيان قائد جيوش المسلمين في فلسطين والأردن، ولى الخليفة عمر بن الخطاب، عمرو بن العاص قيادة الجيش، وأثناء وجود عمر بن الخطاب بالقدس ليتسلم مفاتيحها طلب منه فتح مصر وقال له: "إن فتحتها فستكون قوة وعون للمسلمين ولكي تؤمن حدود الشام من هجمات الرومان"، فوافق عمر وولاه قيادة الجيش الذاهب لفتح مصر ففتحها، وأمره الخليفة عثمان بن عفان عليها لفترة ثم عزله عنها وولى عبد الله بن أبي السرح، وكان ذلك بدء الخلاف بين عمرو بن العاص وعثمان بن عفان.
لكنه فتح ابن العاص لمصر لم يكن الأخير.
التحالف مع معاوية
يذكر البلاذري في "أنساب الأشراف"، والمسعودي في "مروج الذهب"، واليعقوبي في "تاريخه"، أن معاوية بن أبي سفيان طلب من عمرو بن العاص أن يباعيه وأن يسانده في حربه ضد الإمام علي بن أبي طالب، فقال عمرو: "لا أعطيك ديني حتى آخذ من دنياك"، فقال معاوية: ماذا تريد؟، قال عمرو: "مصر".
فتح مصر الثاني
في عهد الإمام علي بن أبي طالب، قام عمرو بفتح مصر مرة أخرى بغرض انتزاعها من علي ومن الوالي محمد بن أبي بكر الصديق، لإخضاعها لوالي الشام معاوية بن أبي سفيان، الذي تحالف معه ابن العاص ضد الإمام علي، وتم في هذا الفتح ذبح وحرق محمد بن أبي بكر، كما ذكر الطبري وابن كثير في تاريخيهما.
وكان تحالف عمرو مع معاوية وما حدث بينهما، فترة ما يدري أكان فيها على حق أم لا، وهذا ما قاله وقت وفاته.
آخر الكلمات
في 30 رمضان 43هـ الموافق 664م توفي فاتح مصر عمرو بن العاص رضي الله عنه، ونعرض آخر كلمات قالها، كما ذكرها ابن عبد البر في الاستيعاب فى معرفة الأصحاب، فقد روى أن عبدالله بن عباس دخل على عمرو بن العاص في مرضه فسلَّم عليه، وقال: كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ قال: أصلحت من دنياي قليلا، وأفسدت من ديني كثيرا، فلو كان الذي أصلحت هو الذي أفسدت، والذي أفسدت هو الذي أصلحت لفزت، ولو كان ينفعني أن أطلب طلبت، ولو كان ينجيني أن أهرب هربت، فصرت كالمنجنيق بين السماء والأرض، لا أرقى بيدين، ولا أهبط برجلين.
ويذكر ابن الأثير في أسد الغابة، أنه لما حضرته الوفاة بكى، قال له ابنه عبد الله: لِمَ تبكى، أجزعًا من الموت؟ قال: لا والله، ولكن لما بعده، فقال له: قد كنتَ على خير، فجعل يذكره صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتوحه الشام، فقال له عمرو: تركت أفضل من ذلك شهادة أن لا إله إلا الله، إنى كنت على ثلاثة أطباق ليس منها طبق إلا عرفت نفسى فيه:
1- كنت أول شيء كافرا، فكنت أشدَ الناس على رسول الله، فلو مت يومئذ وجبت لىَ النار.
2- لما بايعت رسول الله، كنت أشدَّ الناس حياء منه، فما ملأتُ عيني من رسول الله حياء منه، فلو مت يومئذ قال الناس: هنيئا لعمرو.. أسلم وكان على خير، ومات على خير أحواله، فترجى له الجنة.
3ـ ثم تلبست بعد ذلك بالسلطان، وأشياء فلا أدري أعلىَّ أم لي.