صور| تعرف إيه عن حملة "مكافحة الحفاة" بمصر؟


عمرك سألت نفسك قبل كدة إمتى "الجزم" انتشرت في مصر؟، وإمتى الفلاحين المصريين اللي كان أغلبهم يعيش يومه بالعافية امتلك حذاء أو صندلا يلبسه، بدل ما الطين والجلد المتشقق كان "جزمته" في غيطه ومزارعه؟
الإجابة عن السؤال دا ترجعنا لسنة 1941، وتحديدا في 6 فبراير 1941، لما وجه الناظر الخاص بالملك فاروق الأول خطابا لمجلس الوزراء أعلن فيه صرف مبلغ 2000 من أجل القضاء على ظاهرة "حفاة الأقدام" بمناسبة عيد ميلاه، وطلب منهم أن الميسورين من المصريين يتبرعوا من أجل هذا الهدف.
من جانبها استجابت وزارة حسين سري باشا لتوجيهات الملك، واعتمد رئيس الوزراء قرار بشراء 60 ألف حذاء للمصريين الحفاة، وتشكلت لجنة مركزية حكومية من كبار رجال الدولة لتدشين مشروع مكافحة الحفاء الذي كان منتشرا بين أبناء الطبقات الرقيقة في المجتمع.
ومن طريف ما ذكرته مجلة المصور فى عددها في أبريل 1941، أن أحد الفلاحين ذهب إلى قصر عابدين لكي يقرأ الفاتحة على الملك الذي بدأ له وكأنه أحد أولياء الله الصالحين بعدما منح قدمه فرصة اللقاء بحذاء لأول مرة في حياته.
أحد مشايخ وكبار أبناء الريف المصري كان له رأي في الموضوع إذ قال "المهم في التنفيذ مش في الكلام لأننا عندنا عادة وحشة وهي إن اللي يلبس له جزمه يقولوا عليه ده اغتني ولا بقاش فلاح! وعلشان كده ما تلاقيش فلاح يشتري جزمه جديدة، إنما لازم تكون ملبوسة – أي مستعملة – حتى ولو كانت “بُلغة"، والمهم كمان إن الحكومة تعاقب اللي يمشي حافي ما دام أخذ الجزمة، وساعتها الفلاح راح يعرف فايدة الجزمة وتصبح عنده عادة، فأول ما تدوب يروح من نفسه يشتري غيرها!!”
المشروع راعى الفروق بين العمال والفلاحين، فقد كان الحذاء المكشوف – أي الشبشب- من نصيب الفلاحين، فيما حظى العمال بالحذاء شبه المكشوف أي الصندل.
والطريف أن بعض الفلاحين والحفاة كانوا يرفضون ارتداء الحذاء، ويفضلون السير عراة الأقدام، باعتبار أن الطين قد كوًن طبقة سميكة على الجلد، هي عندهم أفضل من الحذاء. أما من وافق منهم على ارتداء الحذاء، فقد كان يضعه تحت أبطه في القرية خوفا عليه من التراب والاتساخ، ولا يضعه في قدمه إلا حينما يضع أقدامه في شوارع القاهرة.
ومساهمة منها في هذا المشروع الاجتماعي أصدرت مجلة المصور عددا خاصا- الصور الموجودة في هذا الموضوع نشرت به- يتناول مستعينة بآراء نخبة من قادة الرأي والمفكرين، على أن تتبرع بإيراد العدد كاملا لصندوق المشروع، داعية قرائها إلى التبرع “بحرارة” “والاشتراك معنا في هذا العمل النبيل بالإقبال على شراء العدد أو الإعلان فيه”، باعتبار أن كل قرش يدفعه القارئ أو المعلن في هذا السبيل يذهب توا للمشروع.