جولة يومية اعتدت عليها منذ بداية مرحلتي الثانوية حتى الآن، جعلتني أحفظ شارع الهرم بكل تفاصيله، وأراه في كل أطواره، أعشقه ليلا وأكرهه نهارا، أول تعامل لي مع وسائل المواصلات منفردة، وأول تعارف لي على- اللي مايتسمّاش-  التحرش.

شارع الهرم ليلا يأخذ الطابع الغربي، فتضفي عليه الفنادق الفاخرة ولافتات المحالات التجارية المضيئة، رونقا، خاصة متاجر الورد التي لا تجعلك تمل من أسفلته الذي يعج بالسيارات ليل نهار، كما أن درجة الحرارة تكون ألطف، بينما نهاره.. اللهم احفظنا- ماتفكرونيش!

وفيما يلي، تحليلي الشخصي لشارع الهرم، بكل موضوعية، وبخبرة 24 سنة.

الهرم الراقي

حينما تخرج من النفق الفاصل بين الهرم وميدان الجيزة سالما، تجد نفسك في منطقة مترو الجيزة ونصرالدين، دعنا نتجاهلها قليلا، ولنذهب سويا نحو منطقة مبنى المحافظة، أرقى أحياء الهرم بحسب أقوال قاطنيها، فلا يحتلها الباعة المتجولون، ولم تخرج منها المظاهرات، ولم تفرض العشوائيات هيمنتها عليها، بينما ظهر فقط على نواصيها مؤخرا "التوك توك".. لا بأس، تظل أحياء شارع الهرم هكذا، مرورا بسينيما رادوبيس، وفاطمة رشدي والمساحة حتى قبيل الطالبية.

ويقل مستوى الرقي بعض الشيء في مناطق التعاون والعريش، وشارعه المقابل عزالدين عمر، لكثرة المحال التجارية، وإن ظلت ذات مستوى اجتماعي عال، خاصة في ظل ارتفاع أسعار العقارات بها. وتماثلها في المستوى والرقي والهدوء، منطقة الكوم الأخضر، وسهل حمزة، وشارع المستشفى.

أما المريوطية، فلها رقيها الخاص، حيث تضم الفيلات الفخمة، التي يحتل مدخلها "موقف الميكروباصات"، لتظن للحظة أنك على أعتاب ميدان، عكس حقيقتها.

الهرم التجاري

على عكس الشقيق الأصغر لشارع الهرم، وهو فيصل، الشارع الموازي المعروف بالمحال التجارية من أوله لآخره، فإن الهرم به أوكار تجارية، تتمركز في منطقة الطالبية، التي تحتوي على السوق الشهيرة، ناهيك عن ممرها المكون من طابقين، الأعلى للماركات المعروفة والشركات المهمة، والسفلي لمتاجر الأسعار الموحّدة والأثمان البسيطة.

وبعد أمتار قليلة من الطالبية، ستجد ما يعرف بـ "كايرو مول"، الذي يعد متنزه المراهقين وشباب المدارس الثانوية أكثر من كونه مركزا تجاريا، لذا تستحوذ عليه محال الهدايا والأدوات المكتبية وإكسسوارات الفتيات.

خطوات قليلة أيضا وتجد شارع ضياء، الذي يشتهر بموديلاته الشعبية، وأسعاره المعقولة، وتحتل معظم محاله الرصيف المقابل لها، وربما قطعة من الشارع نفسه، وهو ما يتفقمعه فيه شارع العريش، الذي لا تخف منه القدم، حتى في الساعة الرابعة فجرا، إلا أنه مثلما يحوي بائعي الأرصفة والأسعار الزهيدة، تنتشر به المحال باهظة الثمن، والعلامات التجارية العالمية.

مراكز التحرش

الزحام الدائم في شارع الهرم يجعل التحرش فيه عادة يومية، إلا أنه يكثر أمام "المدارس الثانوية بنات"، وهي "مدرسة الهرم، وأم الأبطال، وأم المؤمنين" صباحا، ثم الطالبية وكايرو مول وشارع العريش بقية اليوم، ناهيك عن المدارس الثانوية الفنية الموجودة في الشوارع الفرعية، خاصة المدرسة التجارية، في شارع سعد زغلول.

الهرم الهادئ

رغم  "موقف الميكروباصات" الذي يحتل مداخل المريوطية من اتجاهي الهرم وفيصل، فإنها من أهدأ أحياء الهرم من الداخل، تنافسها في الهدوء شوارع سهل حمزة والمستشفى، ومنطقة المطبعة والمحافظة والتعاون، رغم أنهم أقل رقيا من حيث المستوى الاجتماعي.

مراكز المظاهرات 

لا غنى للطالبية عن تظاهرات الجمعة، منذ أن اندلعت الثورة، فمن شوارعها الجانبية تبدأ مظاهرات الإخوان وإليها تنتهي، بسبب كثرة المجمعات الحكومية بالمنطقة، ومجمعات المدارس، كما تخرج المظاهرات من جامع السلام على شارع الهرم الرئيسي، وأشهر تظاهرات ثورة 25 يناير خرجت من مسجد نصر الدين، الواقع في بداية شارع الهرم.