التوقيت الثلاثاء، 23 أبريل 2024
التوقيت 09:20 م , بتوقيت القاهرة

لا تربى إرهابي

صورة حذاء لطفلة صغيرة تعتليه دماءها الطاهرة.. صورة دمية صغيرة استقرت بجانب جسد فتاتها التى كانت تلهو بها منذ لحظات.

صورة حبيب افترش الأرض ينظر برجاء وحسرة وأمل مفقود فى رجوع الروح لجسد حبيبه الذي فارقه دون سابق إنذار.

وغيرها من الصور التى نراها يوميا لأعمال ارهابية وحوادث بشعة تحت مسمى الدين .. أرواح زهقت بلا سبب.. أجساد قتلت وتسأل بأى ذنب قتلت?!

حادثة نيس بفرنسا ومن قبلها تفجيرات بغداد.. وبينهما وقبلهما حوادث ارهابية متكررة فى جميع انحاء العالم .. جعلتني افكر واتأمل فى نفسية مرتكبي هذه المجازر.. جعلتني أكتب هذه السطور.

لن أكتب تحليلًا سياسيًا.. فليس مجالي.

لن أكتب سردًا تاريخيًا لظهور الارهاب وجماعاته... فبماذا يفيد هذا السرد أو التحليل. 

هل التحليلات و التكهنات تعيد الارواح التى فارقت عالمنا ؟؟ 

هل الشجب والحزن على مافات يسترد الذين ذهبوا فاجأة لتقر أعين محبيهم مرة أخرى برأيتهم؟ 
هل الإدانة تنهي هذا الظلام المسمى الارهاب وتبدله بالسلام على كوكبنا؟

اعتقد لا.. بل حتما لا.. لأنه لم يتم حل المشكلة، ولم تتم المواجهة بقوة.. والقوة هنا هى معرفة أساس هذا الارهاب و بتره. 

لا تتعجبوا أننا جميعا نشارك فى صنع هذا الضيف الثقيل وتواجده في عالمنا.
نعم .. هذه الحقيقة التى يغفلها البعض .. وبدون الدخول فى مقدمات وتفاصيل .. سوف أخبركم ببعض ما نقوم به فى حياتنا اليومية من سلوكيات وعادات تساعد على خلق ارهابى أو مشروع ارهابى .. قنبلة موقوتة تتحرك بيننا وتنتظر من يتلقفها ليغذيها ببارود ونيران الكارهية والعدوان على العالم.

تأملوا معي الأتي :
-    عندما نحدث الناس عن الله بالنار والترهيب .. وليس بالجنة والترغيب .. فإننا نربى ارهابى عقله تمت تغذيته بأن الاله يعذب ويقتل ليسود ويُعبَد.


-    عندما نتدخل فى علاقة العبد و ربه ولو بابداء الرأى بحلال او حرام .. فإننا نربى ارهابى تعلم منا كيف يكون حكم على تصرفات الناس وأنه الاصح و أنه الوصى 
-    عندما نعلم أبناءنا قيمة دينه بأنه الوحيد فى الجنة وباقى ديانات الله السماوية فى النار.. فإننا نربى ارهابى يري نفسه فوق الجميع .


-    عندما يقوم الاب بعقاب أبناءه و حتى زوجته بالضرب وليس بالتوعية .. فإننا نربى ارهابى تمت برمجة عقله على أن العنف و القسوة هما سبيل التقويم والصلاح . 


-    عندما نفرق بين الشخص والاخر على حسب دينه ... فنحن نربى ارهابى يعيش فى عزلة ولا يتواصل مع من يختلف معه فى الديانة أو اللون .. فتنبت فى قلبه الكراهية من هذا الاخر . 


-    عندما تسود لغة السب واللعن بين أطراف الأسرة ولو حتى على سبيل الهزار .. فإننا نربى ارهابى يصب لعناته على من حوله فيقسو قلبه ويتحجر.


-    عندما تكون التهديدات بالنار والعقاب والعذاب والفقر و غيرها بسبب تقصير أحدهما فى عبادة ما أو سوء سلوك لاحظناه عليه .. فإننا نربى ارهابى لا يري فى الدنيا إلا هذه التهديدات وينقلها لغيره من البشر . 

إذا سردت لكم ما نفعله من تصرفات وسلكويات فى تربيتنا لأبناءنا أو تعاملنا مع غيرنا فى الحياة اليومية ونحن الاشخاص العاديين .. بالرغم من أن جميعنا ضد الارهاب . .نجد أن الأمثلة كثيرة وأننا نفعلها دون وعى ولا ندرك خطورتها فيما بعد فى نفسية الانسان والتى تنمو معه حتى تأتى فرصة مناسبة لجذبه وتحويله إلى قنبلة موقوتة تنفجر حينما يشاء من سرقها من حياتها الطبيعية واشعل ما بها من كراهية دفينة لهذا العالم . 

إن التحليل النفسي لشخصية الإرهابي أو الانتحاري نجد أنه دائماً رد فعل علي شعوره بالظلم والاضطهاد من مجتمعه فتزداد بداخله المشاعر السلبية الخاصة بالانتقام من هذا المجتمع .

والحل بوضوح ومباشرة ... هو .. تنقيح الدين من كل دخيل عليه .. من كل زائف وحقائق مزيفة وأقوال ليست به .. تخليصه من كل ماهو غير إنسانى .. فأى أمر ضد الانسانية وضد الفطرة السليمة قطعا لم يأمر بها الله ولم ينزل بها وحى ولم  يبعث بها نبي.

المجتمعات ككل التى تضع الدين فى اعتباراتها الأساسية إن لم تقم بهذه الخطوة وفى أقرب وقت سوف يدمرها ما صنعته أيديها .. من تدليس و تزييف لكثير من الحقائق لحساب السياسة و المال.

كما أنه على المستوى الفردى وعلى مستوى الأسر ... نصيحة فى أذن كل أب وأم: اتبعوا الحب والسماحة و التنوير فى تعليم وتنشئة أبناءكم .. تأملوا مرة أخري فى كل ماتقولوه وتبرمجوا به عقول أبناءكم .. ولا تكونوا سببا لغرس نواة إرهاب فى بيوتكم ... فكما تزرعون .. فإنكم أول الحاصدين .