التوقيت الجمعة، 10 مايو 2024
التوقيت 04:05 م , بتوقيت القاهرة

فيديو وصور| "المصوراتي" مهدد بالانقراض في عصر "الديجيتال"

الغربية - محمد سعيد


"اسعى اسعى.. خدلك صورة ستة في تسعة"، مقطع من أوبريت "الليلة الكبيرة"، الذي جسد عادة من عادة قديمة ارتبطت بالموالد وهي التصوير، حيث كان يتجول "المصوراتي" بالكاميرا الخاصة به في الموالد، ويتوافد عليه الزبائن الذين يأتون من كل حدب وصوب.


ومهنة "المصوراتي" لها مهارات خاصة يتمتع بها ممارس مهنة التصوير، يحفظ لحظة من لحظات الحياة لتبقى معنا إلى الأبد، فالمصور يستشير العميل لتحديد نوع الصور المطلوبة وأسلوبها وأي معلومات أخرى.


يختار وينظم المكان، والتهيئة الخلفية المناسبة، والإضاءة الكافية للحصول على التأثير المطلوب، يضع آلة التصوير في الموضع الصحيح والمسافة الصحيحة ويضبط البؤر لتوضيح الصورة، ويضبط سرعة الغلق والضوابط المتحركة الأخرى، يضغط على الزر ويلتقط الصورة.


المصوراتي


مهنة كانت في لحظة من التاريخ عبقرية، تصارع حاليًا الانقراض بسبب عصر التكنولوجيا الذي سهّل لأي شخص استخدام الكاميرا، فتأثر دخل أصحاب المهنة، واختفت مهن أخرى كانت تعتمد عليها .


وباقتحام التكنولوجيا عالم مهنة التصوير الفوتوغرافي، أصبح عرش أصحاب هذه المهنة مهددًا من أصحاب "استديوهات" التصوير، الذين اقتصر عملهم على الصور الورقية، التي مازالت مطلوبة ضمن الأوراق الرسمية، إضافة إلى تصوير بعض اللحظات التذكارية لحفلات الزفاف.


وبات أصحاب المهنة يواجهون تحديًا غير متكافئ، في ظل التطور الهائل في آلات التصوير وسهولة استخدامها إضافة إلى برامج التعديل على ما يتم التقاطه من صور، لضمان الحصول على أعلى وجودة.


 


"الخواجات" لم يبخلوا بعلمهم على المصريين


"العربي قطب"، صاحب أقدم استديو للتصوير بمحافظة الغربية، ورثه عن والده الذي تعلم أصول المهنة على يد أحد محترفي التصوير اليونانيين، حيث كان والده يعمل مساعدًا له، مؤكدًا أن الخواجات لم يبخلوا على تعليم المصريين، العاملين معهم، أصول المهنة وكافة الخبرات الفنية، بعكس الزمن الذي نعيشه الآن، فكانت المهنة لها طعم ومعنى أكثر قيمة من الآن.



وأشار العربي إلى أنه في الماضي كان المصور المحترف يعرف من يديه لكثرة تعامله مع الأحماض وأقلام الرصاص التي يعالج بها رتوش الصور، والتي حل محلها الآن" فلاتر الفوتوشوب"، موضحًا أنه كان يظل بالساعات داخل غرفة مظلمة ليستطيع تحميض الصور وتحديد الصور التي يجب أن تكون مظلمة نوعًا ما أو مضيئة بدرجة معينة، من خلال لمبة حمراء ضعيفة الإضاءة، مؤكدًا أن المشتعلين بالمهنة الآن لا يحتاجون إلى هذه الخبرات، وأصبح التصوير الآن للضرورة، بعد أن كانت للمزاج وللذكرى.


وعن أبرز الحالات التي يلجأ إليها راغبو التصوير في التعامل مع الاستوديوهات الآن هي حفلات الزفاف، والتي تكون بالحجز مسبقاً وفي مواسم معينة، خاصة الصيف، لكثرة الحفلات.


A1 (1)


 


وتابع "العربي قطب"، أن إمكانيات إنتاج الصور بالاستوديوهات أصبحت مكلفة جدًا، بعد أن كان أصحاب المهنة يتنافسون في العروض المقدمة على الصور المتمثلة في ألبومات حفظ الصور والصور المكبرة مع الصور الصغيرة "4×6".


ويرى أن المهنة أصبحت مهنة من لا مهنة له، حيث يستطيع أي شخص أن يلتقط العديد من الصور ويجري التعديل عليها من خلال برنامج على الكمبيوتر، وهو الأمر الذي أدى لانتشار العديد من استوديوهات التصوير، مما أدى إلى انخفاض معدل الربح مع انخفاض عدد الزبائن.


 


"زافيل" الخواجة رائد التصوير في طنطا


ويعد "كوستا زافيل" أول من نشر المهنة بمحافظة الغربية في أوائل 1957، وهو يوناني، الذي كان له دورًا كبيرًا في نشر ابتكار جديد في ألوان الصور، كما يقول" العربي"، حيث تمكن من عمل تداخل للألوان وتتحول من اللون الأسود السادة إلى اللون الزيتوني أو الزيتي وكأنها ألوان؛ من خلال تداخل الأحماض.


وكان أشهر أستوديو في مدينة طنطا ومحافظة الغربية، أستوديو ديماس كوس، وبعده استوديو عمارة، ولم يبقَ من رائحة هذا الزمن الجميل سوى استوديو الأهرام، الذي يمتد إلى الخبرة اليونانية.


A1 (3)


 


مهن تأثرت بعصر "الديجيتال"


وعن المهن التي تأثرت بتطور تكنولوجيا التصوير، هم مصممو الخلفيات اللازمة للتصوير، حيث كان عبارة عن ستائر مرسومة بالألوان الزيتية بطريقة معينة، ويجب ألا تكون لامعة حتى تمتص إضاءة "فلاش" كاميرا التصوير، وهؤلاء لم يعد لهم دور في المهنة منذ اختراع الكاميرا الالكترونية "الديجيتال"، وظهور برامج المونتاج التي يمكن من خلالها اختيار وتحديد أي خلفية لما يتم التقاطه من الصور بطريقة آلية بطريقة الخدع.


 


ونفس الحال لأصحاب ورش تصنيع أثاث التصوير، حيث كانت المقاعد الخشبية المصممة بطريقة فنية والمستخدمة في التصوير، لها دور أساسي في الاستديو هات، وأدى تطور آليات المهنة إلى اتجاه أصحاب الورش إلى إنتاج أنواع أخرى من الأثاث بعيدًا عن سوق الاستوديوهات.


A1 (4)


أما مصممو براويز الصور، خاصة صور الزفاف، فقدوا مهنتهم تمامًا بعد انتشار البراويز الصينية الجاهزة، فكان هناك العديد من ورش صناعة براويز الصور من الخشب الذي كان يتم نحته بأشكال ورسوم فنية، وطلائه بالألوان أشهرها اللون الذهبي، إضافة إلى صناعة البراويز من النحاس والمعادن القابلة للتشكيل والتي سبقت مرحلة البراويز الخشبية، حيث لجأ بعض أصحاب تلك المهنة إلى بيع البراويز الصينية المستوردة، وامتهن البعض الآخر حرف أخرى في مجال التجارة والتوزيع.


واختفت صناعة أفلام التصوير وتجارها بعد انتشار الكاميرات الديجيتال التي تعتمد على الذاكرة الالكترونية، وإنتاج الصور الرقمية، ونفس الأمر لمحترفي مهنة تحميض الصور، فهي مرتبطة بنظام التقاط صور ما قبل عصر "الديجيتال".