التوقيت السبت، 11 مايو 2024
التوقيت 04:15 ص , بتوقيت القاهرة

عندما لا ننتمي

غريبةٌ أصبحت الدنيا، بالبشر، بالمواقف، بالأخلاق.. وفي كل محفل نندد ونشجذب، نتوعد ثم نتأمل أن القادم أوعى وأفضل، ولكن ما إن أتى هذا القادم حتى وجدناه أسوأ من ذي قبل.


 أتساءل ما إن كانت طبيعة الحياة التي تبدو أصعب شيئًا فشيئا هي التي تفرض ذلك أم أن في البشر " فيروس " يغزونا وينتقل بيننا بل ويتفشى دون أن نشعر .


أمضيت ليالى كثيرة أفكر بهذا "الفيروس" حتى تبين لي بصيص معرفة، وجدتنا جميعاً مجموعين في مكان كبير، بالقرب منّا لوحة كتب عليها "اللامنتمون". 


هل حقاً كل ذلك بسبب اللانتماء؟


في نظرة قريبة جداً بنظام" زووم أوت " على الفرد في مجتمعنا، نسأل، هل نشأنا على حد أدنى للانتماء؟ الانتماء للأسرة ؟ بالطبع لا وإلا لم تكن لتجد رب أسرة يهجر أسرته بحثًا عن سُكره وملذاته، بالطبع لا و إلا لم تكن لتجد الشاب أو الفتاة ينعزلان في حياتهما، ينجرفان مع أي تيار جارف يبتلعهما و أسرتهما آخر من يعلم- إن علم فعلا.


انتماء للوطن؟


بالطبع لا، لن تجد فينا انتماء لأوطاننا، فالكثير الكثير منا يجد أنها أوطان ما عادت تتسع لأبنائها بعد أن نهبها الكبار، الكبار الذين لا انتماء لديهم لأوطانهم بل  لمناصبهم، وتستمر الحلقة المفرغة في الدوران فلا الشعب ينصلح ولا الكبار يكبرون !


انتماء للمبادئ ؟
حدثني عن المبادئ التي تجعلنا نشمت بالموت، نتلذذ بالتعذيب، نفرح لحزن غيرنا، تجعلنا نقبل لغيرنا ما نرفضه، و نكره له ما نتمناه


انتماء للدين؟ 


لو أنه وُجد لما كان كل ما سبق! أعرف نماذج عديدة من الشباب، من يدعو ويبتهل طيلة شهر رمضان، يرفع رأسه إلى السماء ويتضرع، يبكي خشية وخشوعاً، وفي بيته وقلبه وعقله للحرام أعشاش وأعشاش. الله عفوٌ غفور، ولكنه لا يعفو عن حق عبد على عبد آخر، إلا برضاه و سماحه، فكيف لنا أن ننظر إلى عين الله، كيف لنا أن نطلب منه شيئًا، أن نقف أمام ربّ الأسرة، أن نحاسب الناس على مبادئ، أن ننتظر الأفضل من الوطن، ما لم نعطه نحن بذرة و ماء لينتج الزهور التي نتمناها.


عندما لا ننتمي، تصبح الأمور مختلطة لا ميزان لها ولا تصنيف، بدون مرجع لتصحيح الخطأ، دون حافز للعمل الجيد، أن تعمل لأجلك فقط، لأجل مصلحتك هو قانون الغاب الذي تمردنا عليه يومًا ما وانتصرنا.