التوقيت الخميس، 28 مارس 2024
التوقيت 10:56 م , بتوقيت القاهرة

صورة مشرقة

لا يتوقف نجاة للعالم من شر الارهاب على استخدام سلاح الحوار الراقي بين الاديان فقط ولا قيمة لهذا الحوار دونما وجود قوة تسانده وتدعمه. لذلك اتفق تماما مع ما قاله الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر بان الحوار الديني غير قادر وحده على إيقاف الإرهاب، ما لم تكن هناك سياسة عالمية تعمل بعدل مطلق، وما لم يتوقف استغلال دماء الفقراء والمتاجرة بهم.

وقال الامام أن الأزهر قام بجهود كبيرة لمد جسور الحوار مع قادة الأديان، حيث التقى قادة كنيسة كانتربري البريطانية، ومجلس الكنائس العالمي، وبابا الفاتيكان، وفي جميع اللقاءات أكد على براءة جميع الأديان وليس الإسلام فقط من الممارسات الإرهابية.

وأوضح أن مجابهة الإرهاب تكون عبر عدة طرق أولها قطع الإمدادات المادية والعسكرية عن الإرهابيين، وثانيها خلق تنمية للمجتمعات الفقيرة، وثالثها الحوار بين الأديان، وهو ما يؤكد أهمية رسالة الأزهر ودوره في مواجهة الفكر المتطرف.

اسعدني ان اجد ما يدعم وجهة نظر شيخ الازهر للتاكيد علي دوره في الحوار وذلك من خلال كتاب مهم صدر في سلسلة الكتاب الذهبي تحت عنوان " المسيح بين الانجيل والقران " للشيخ الازهري محمود البرشومي، فبعد توقف يزيد على أربعين عامًا، اعادت مؤسسة روز اليوسف، نشرسلسلة " الكتاب الذهبي " والذي صدر عام 1956، واختارت روز اليوسف وقتها مجموعة من الأدباء العظماء للإشراف عليه أمثال طه حسين، ومحمد عبد الحليم عبد الله، وعلي أحمد باكثير، وعبد الرحمن الشرقاوي، ونجيب محفوظ، ويوسف السباعي وغيرهم.

يعتبر " الكتاب الذهبي " نافذة أطل منها العديد من الكتاب والمفكرين والمبدعين الكبار الذين قرأنا لهم فيما بعد أعمالًا حفظها لنا إبداعهم المتميز وكتاب "المسيح بين الإنجيل والقرآن " للشيخ محمود البرشومي صدرت طبعته الاولي عام 1976 والشيخ من علماء الأزهر غير المشهوريين للاسف ولكن كتابه هذا يقدمه ويقدم الازهر في اجمل واحلي صورة حيث يعبر عن حوار محترم وقديم بين الاديان دون اساءة او تجريح حيث قدم الكتاب العقيدتين المسيحية والاسلامية من مراجعهما الاصلية دون افتاء او افتراء او تشويه حيث قال الشيخ البرشومي في مقدمته ان المسيحي الصادق لن يتالم من عرض دينه كما هو- فهو في المسيحية الاله المتجسد - كما لن يتالم من قراءة راي الاسلام في المسيح عليه السلام وراي الاسلام انه نبي ورسول من عند الله وانه جاء برسالة وان كتابه الانجيل وانه من اولي العزم من الرسل فالمعرفة اساس صالح للارتقاء بالانسان.

واضاف اذا كان اصحاب الدينين الكبيرين يؤمنون بالمسيح فأولى بهم ان يتحابوا فيما بينهم وان يكون المسيح نبراسا به يهتدون وعلي هديه يسيرون ولقد كان المسيح نموذجا راقيا للانسانية في سموها ورفعتها تجمعت فيه  صفات النبل والطهر والحب والخير والهداية.

ويؤكد الشيخ أن البشرية لن تتعاون الا بالمعرفة وباشاعة الثقافة والعلم بين الجميع وكلما اتسعت دائرة الثقافة والمعرفة التقي الناس علي كلمة سواء.

إن المطالبة بأن تقرر وزارة التربية والتعليم تعميم دراسة هذا الكتاب علي الطلاب من اقباط ومسلمين للخروج من خندق الطائفية الخانق ولمحاربة الجهل بعقيدة الاخر هو أمرا ضروري، كما إنني اتمنى ايضا ان تقوم مجلة الازهر بطبع هذا الكتاب وتوزيعه مجانا مع مجلة الازهر للافتخار والتباهي بهذا الشيخ الجليل وكتابه النفيس ليعطي الصورة المشرقة عن التكامل بين الأديان.