التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 09:29 م , بتوقيت القاهرة

دليل الفتاة الذكية للتصنيفات السياسية

في عصر ما قبل أحداث يناير 2011، عاش جيلي (مواليد معاهدة السلام) وما بعده من أجيال فترة طويلة من الركود السياسي المستقر. لم تكن فكرة التوجهات السياسية مهمة. لم يكن لمصطلحات مثل اليمين واليسار أي أهمية تذكر سوى في حوارات بعض "المثقفين". كان مسرح السياسة المصري في نظر المواطن العادي منقسمًا إلى توجهين: توجه الحكومة وتوجه المعارضة.


ثم كانت أحداث يناير التي أحدثت بلبلة ليس فقط على المستوى العام، بل على المستوى الشخصي لكل مواطن سواء شارك أو لم يشارك في تلك الأحداث.


اختلف التصنيف السياسي بعد أحداث يناير من معارضة وحكومة إلى فلول وثوار. ثم استحدث أحدهم مصطلح "حزب الكنبة" في محاولة منه لتفسير تحركات المواطنين المتأرجحين بين أولئك وهؤلاء.


وسادت حوارات "المثقفين" المشهد. تحدث المحللون عن "الشباب الطاهر" و"المواطن غير المؤدلج" (من أيديولوجية). كما دفع معسكر يناير بفكرة "ليبرالية الثورة". وأصبحت العدالة الاجتماعية فجأة مرادفة لأفكار الاقتصاد الشيوعي.


ونتيجة لهذه البلبلة ولفوضى التعريفات والمصطلحات أصبح التوجه السياسي نوعا من الموضة. فمثلًا أصبح الكل "ليبراليًا" فجأة. حتى أن طائفة أيدت قياديا إسلاميا بارزا كمرشح لرئاسة الجمهورية لأنه "ليبرالي". وظنوا فيه هذا الظن، والظن بعضه إثم كما نعلم، لأنه "يمثل الإسلام المعتدل"! ووجدنا أفرادًا يطنطنون بانتمائهم لأقصى يسار الطيف السياسي مصطفين بغرابة مع الجماعات الإسلامية اليمينية.


ولأن "حوارات المثقفين السياسية" أصبحت جزءًا لا يتجزأ من "الدردشات القصيرة" و"حوارات كسر الجليد التعريفية" وغيرها من "الرغي" العام. ولأن التوجهات السياسية أصبحت من العوامل المؤثرة في العلاقات الشخصية سواء صداقات أو علاقات عمل أو حتى علاقات عائلية وعاطفية. إليكِ عزيزتي القارئة (وعزيزي القارئ) ملخص سريع عن الأطياف السياسية حتى تتمكني من ضبط بوصلتك ومن ثم تحديد موقعك من الأشخاص والأحداث حولك.


يتم تحديد تصنيفك السياسي تبعًا لمواقع مواقفك من القضايا الاجتماعية والسياسية المختلفة على محاور الطيف السياسي. أو بلغة أبسط، الطيف السياسي نظام يُستخدم لتصنيف المواقف السياسية تبعًا لمواقع هذه المواقف على محور هندسي (أو أكثر).


تصنيف محور "اليمين – اليسار" البسيط يعد من أقدم طرق التصنيف المستخدمة. حيث بدأ استخدام مصطلح اليمين واليسار كطريقة مختصرة للتعبير عن الأفكار والمواقف السياسية بعد الثورة الفرنسية. جاءت التسمية من أماكن جلوس مؤيدي الأفكار التقليدية (الملكية والأستقراطية) ومؤيدي الأفكار التحررية (الثورة) على يمين ويسار مقعد رئيس البرلمان في ذلك الوقت.


على محور "اليمين – اليسار" البسيط تقع الشيوعية والاشتراكية على اليسار في حين تقع الأفكار الفاشية والمحافظة على اليمين. على محور "اليمين – اليسار" البسيط قد تكون الليبرالية يسارية إذا كانت ليبرالية إجتماعية وقد تكون يمينية إذا كانت ليبرالية إقتصادية.


ولنتائج أكثر دقة يتم استخدام محورين لتمثيل المواقف السياسية. حيث يمثل المحور الرأسي القضايا الاجتماعية ويمثل المحور الأفقي القضايا الاقتصادية، كما هو موضح بالصورة.



وللتبسيط يمكننا القول بتأييد أنصار اليمين الاجتماعي للتقاليد، وسعيهم للحفاظ عليها. ورغم أن اليميني ليس بالضرورة متدينًا ولكن كل داعٍ للحفاظ على "الدين" يميني. ويؤيد اليمين الاقتصادي الحرية الاقتصادية الكاملة.


على النقيض يأتي اليسار الإجتماعي داعمًا للحرية الفردية ورافضًا للتقاليد. ويدعم اليسار الاقتصادي أشكال مختلفة لتدخل الدولة في إدارة الاقتصاد. 
يتنج عن تقاطع المحورين أربع مساحات للتصنيف. يمكن للشخص أن يكون من أتباع اليمين الاقتصادي واليسار والاجتماعي مثلًا. ولكن لا يمكنه أن يكون من أتباع اليمين الاقتصادي واليسار الاقتصادي في نفس الوقت.


لا يمكن للشخص أن يستخدم التقاليد أو الدين كمرجعية اجتماعية ثم يصنف نفسه "ليبرالي". لا يمكن للشخص أن يدعي دعمه للسوق الحرة وفي نفس الوقت يطالب الدولة بتوفير إعانات بطالة. كما لا يمكنك الاعتماد على اليمين الاجتماعي المتطرف لتنفيذ أجندة الحريات الفردية.


لا يمكنك أن تكوني الشيء وعكسه. ولا يمكن أن تنبع مواقفك السياسية من اتباع "الموضة". الموضة كما نعلم نحن النساء تذهب وتجيء على عكس "الستايل". 


"الستايل"جزء من شخصيتك، "الستايل" بصمتك على حياتك .. وكذلك مواقفك السياسية!