التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 03:15 ص , بتوقيت القاهرة

دليل الحيارى في تهنئة النصارى!

لست في حاجة إلى تملق الأخوة المسيحيين بتقديم التهنئة لهم بمناسبة عيد الميلاد.. فليس عندهم أكثر مما عند المسلمين.. فكلنا "مصريون".. نعيش على أرض واحدة، ونشرب من نهر واحد، ونتنفس هواءً واحدًا.. ونستظل بسماء واحدة.. ونعبد ربًّا واحدًا، وإن اختلفت المسالك والدروب إليه.


العلوم الشرعية التى درستها خلال دراستي الجامعية، ومعظم الكتب الدينية التى قرأتها، والفتاوى الصادرة عن الأزهر الشريف، كلها تجيز تهنئة المسيحيين بأعيادهم، بعكس الفتاوى الصادرة عن بعض الشيوخ المتشددين، ودعاة الإخون والسلفيين، الذين يحرمون مشاركة المشاركة في مناسبات "النصارى"، وتهنئتهم بأعيادهم، حتى ولو بقصد المودة والرحمة، أو كنوع من أنواع التلاحم الوطني.


ويمكننا أن نسوق عشرات الأدلة التى تجيز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم.. ولكن يكفي للرد على هذا البيان الزيارة التى قام بها وفد رفيع المستوى من مشيخة الأزهر ودار الإفتاء المصرية، لتقديم التهنئة للبابا تواضروس الثاني، ولكل المسيحيين.


لن أرد على "فتوى" الدكتور على السالوس، رئيس الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، ولن أرد على الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، ومَنْ هم على شاكلتهم، بالآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية، ولكنى أسألهم وأسأل أمثالهم.. هل تقرأون قرآنا غير الذى نقرأ؟ وهل تؤمنون برسول غير الذى نؤمن به؟ بالطبع لا.. إذن كيف أباح الله لنا – كمسلمين- الزواج من أهل الكتاب "اليهود والنصارى"، ونأكل من طعامهم ولا نهنئهم بأعيادهم؟!


هل يعقل أن سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- كان يتجاهل زوجته السيدة "مارية القبطية"، التى أنجبت له ولده إبراهيم؟ هل يعقل أن النبي، وهو نموذج الرحمة والتسامح والمحبة، يحرم علينا تهنئة "اليهود والنصارى"، وهو الذى أمرنا بالتواصل معهم، ومحبتهم، وطالبنا بحماية أعراضهم وأرواحهم وأموالهم وبيوتهم وكنائسهم وصلبانهم؟!


بأي منطق صحيح، وبأي عقل سليم التفكير نقبل ذلك؟!.. هل العيب في القرآن والسنة الشريفة؟ معاذ الله.. هل العيب في الفاروق عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، الذى عاهد المسيحيين فيما عرف بـ"الوثيقة العمرية"؟ حاشا لله.. هل العيب فينا؛ لأن عقولنا عاجزة عن إدراك ما يدركون، وفهم ما يفهمون، أم أن العيب في عقولهم، وأفكارهم، وفهمهم؟!


أيها المشايخ الذين ترددون دوما هذا الكلام.. أليس من الممكن أن تكون تهنئة الأقباط بعيدهم من باب تأليف قلوبهم، وترغيبهم في الإسلام وإظهار محاسنه، والتعريف بسماحته ومحبته واحتوائه للآخر.. أم أنكم لا تدركون ذلك؟!


أيها الدعاة الذين تحرمون ما أحله إسلامنا.. إننا عندما نقدم التهنئة للمسيحيين فلا نفعل ذلك نفاقًا ولا رياء لهم- كما تدعون- ولكن لأننا نؤمن بأنهم "أشقاء" لنا بالفعل، يعيشون معنا على تراب هذا البلد، ويقتسمون معنا أفراحنا، كما يقتسمون معنا همومنا ومشاكلنا..


إن المرض لا يفرق بين أتباع محمد وأتباع عيسى.. والموت لا يحصد أرواح النصارى ويترك رقاب المسلمين.. والنار عندما تشتعل في جسد الوطن فإنها لا تفرق بين مسلم ومسيحي..


أيها الشيوخ والدعاة الذين لم تعرفوا من الإسلام غير "التحريم".. كفوا عن فتاواكم الطائفية القاتلة.. تعاملوا مع المسيحي واليهودي أو حتى البوذي باعتباره "إنسانًا".. واتركوا "الدين" لله الذى خلق الأنام.


كل عام و"الأقباط" -المسيحيين والمسلمين- بكل خير وسلام.