التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 09:52 ص , بتوقيت القاهرة

"حوامل الإخوان" في سجون الداخلية

التنظيم الدولي يتاجر بـ"شرف الأخوات" لإحراج السيسي خارجيًا


 تناقض الأرقام واستحالة الوقائع تفضح ادعاءات الجماعة الإرهابية


 


"45  فتاة وسيدة تعرضن للاغتصاب، في السجون المصرية وفي الأقسام وداخل سيارات الشرطة، وبعض الحالات أصبحت حاملاً نتيجة هذا الاغتصاب، وتم إجهاضهن، والبعض الآخر كان الإجهاض خطرًا على حياتهن، وهن الآن في الشهر السابع أو الثامن للحمل".


ما سبق كان جزءًا من تقرير مقتضب بثته قناة "الجزيرة مباشر"، ونُشر على الموقع الإليكتروني للقناة في أغسطس 2014، عن ادعاء تعرض نحو ألف فتاة "إخوانية" للاغتصاب والتحرش والتعذيب البدني والنفسي والحبس في ظروف بالغة السوء.


هذا التقرير تلاه تقرير آخر لنفس القناة عن تعرض القياديين الإخوانيين "محمد البلتاجي وعصام العريان" للاغتصاب داخل محبسهما، وتقرير ثالث عن تعرض فتيات ما يسمى بحركة "7 الصبح" بالأسكندرية للاغتصاب على يد قوات الأمن، وبعدها بأسابيع نشرت القناة والموقع أيضا تقريرًا آخر عن تعرض 63 فتاة للاغتصاب على يد الأمن في أماكن مختلفة.


اللافت أن كل هذه التقارير منسوبة لمصادر بما يسمى "تحالف دعم الشرعية"، الناطق بلسان حال تنظيم الإخوان الإرهابي؛ دون الإشارة إلى أسماء الضحايا، والضباط والجنود المتهمين، وأماكن الاحتجاز التي شهدت هذه الوقائع، أو حتى شهادات أسر الضحايا اللائي تعرض للاغتصاب أو التحرش.


اغتصاب "البلتاجي والعريان"


عقب القبض عليهما بأيام نشرت وسائل إعلام غربية تصريحات منسوبة إلى عصام العريان ومحمد البلتاجي، يزعمان فيها تعرضهما للاغتصاب داخل السجون، حينها التزمت جماعة الإخوان الإرهابية الصمت.



ولخطورة الواقعة تقدم المحامي سمير صبري ببلاغ للنائب العام ، طالب فيه بإخضاع العريان والبلتاجي، لكشف الطب الشرعي، لإثبات واقعة الاغتصاب داخل السجن- إن صحت، مؤكدًا أن الغرض من تلك الادعاءات هو الإساءة للشرطة والمصريين بصفة عامة، مشيرًا إلى أنه في حالة عدم ثبوت مثل هذه الواقعة، فإن القياديين الإخوانيين سيقعان تحت طائلة القانون، الذي ينسب إليهما تهمة الخيانة العظمى بغرض المساس بالكرامة الدولية للبلاد والاستقواء بمنظمات حقوق الإنسان العالمية ضد مصر.


كما تقدم الناشط الحقوقي حافظ أبو سعدة، أمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، ببلاغين للنائب العام، للتحقيق في هذه الواقعة، مؤكدًا أنه زار سجن طرة ضمن وفد حقوقي، ولم يتلق الوفد أي شكاوى من انتهاكات جنسية.. وتزامن ذلك كله مع نفي مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة السجون هذه الاتهامات، مؤكدًا على استعداده لتحمل المسئولية كاملة إن صحت هذه الواقعة.



بعد هذه التصريحات بأيام ظهرت رسالة على صفحة البلتاجي بموقع "فيسبوك"، اتهم فيها السلطة باختراع وتسريب هذه الشائعة؛ لتصدير القلق إلى أسرهم وذويهم، وإشغال الثوار الأحرار عن النضال، بحسب تعبيره، رغم أن وسائل الإعلام الغربية نقلت هذه التصريحات على لسان البلتاجي والعريان، وليس على لسان سلطة الانقلاب، كما يدعون.


اغتصاب فتيات "7 الصبح"


بعد واقعة "البلتاجي والعريان"، ادعت وسائل الإعلام الإخوانية، ولجانهم الإلكترونية تعرض فتيات ما تسمى بحركة "7 الصبح" للاغتصاب داخل أقسام الشرطة، قبل عرضهن على النيابة، وهي التهمة التي لم تثبتها أية منظمة حقوقية أو المعنية بالدفاع عن حقوق المرأة.



ولخطورة هذه الاتهامات عقد المجلس القومي للمرأة اجتماعًا طارئًا؛ وقرر تشكيل لجنة لسماع أقوال وزارة الداخلية والتحقيق في هذه الوقائع.. وتواصلت أحلام الأسمر، عضو المجلس الوطني للمرأة، مع كل الأطراف التي تساعدهم في توثيق تلك الحالات، لكنهم خرجوا بنتيجة واحدة هي عدم ثبوت هذه الاتهامات بحق رجال الشرطة.. والأهم من ذلك كله، هو نفي فتيات "7 الصبح" تعرضهن للاغتصاب، عقب الإفراج عنهن.


تقارير خطيرة


ما يسمى بـ"الائتلاف العالمي للمصريين"، أحد الأبواق الإخوانية في الخارج، نشر على صفحته بموقع "فيسبوك"، ما وصفه بـ"التقرير الخطير الذي يفضح انتهاكات أمن الانقلاب داخل السجون"، وذكر "الائتلاف" في التقرير المزعوم أنهم استطاعوا توثيق "7 حالات اغتصاب" دون ذكر أسماء المغتصبات، أو أي معلومات عنهن، أو الأماكن التي تعرضن فيها للاغتصاب، أو أفراد الشرطة الذين اعتدوا عليهن.


نفس الأمر تكرر على لسان أسماء جلال، عضو ما يسمى بالائتلاف الأوربي من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتحدثت عما وصفته بـ"الانتهاكات ضد المرأة المصرية" بمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في جنيف، دون أن تقدم دليلًا واحدًا على اغتصاب فتاة أو التحرش بها، أو هتك عرضها داخل الأقسام أو السجون.



وادعت أسماء أن "إحدى المحبوسات تم تعليقها داخل الزنزانة عارية، وتحرش بها كل رجال الشرطة داخل مركز الشرطة التي تم توقيفها به، في حين تم إجبار بعضهن على مشاهدة أفلام إباحية، في الوقت الذي تم إجبار فتيات محبوسات على مسح أرضية السجن بأجسادهن العارية".


هذا المشهد روته أسماء، وكأنها كانت في الزنزانة، وعلق عليه اللواء محمد راتب، مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة السجون آنذاك، بأنه "كفيل بدحض كل الادعاءات الإخوانية، لأنه ينافس في خياله أفلام الرعب في السينما الأمريكية".


تضارب أرقام 


موقع يسمى "مفكرة الإسلام" قدم إحصائية أخرى عن اللائي زعم أنهن تعرض للاغتصاب في السجون، إذ نشر تقريرًا بعنوان "الأجنة تتحرك بأحشاء بعضهن.. توثيق 54 حالة اغتصاب لحرائر مصر"، والتقرير منسوب لمصدر مجهول، بما يسمى بـ"التحالف الوطني لدعم الشرعية"، الناطق باسم جماعة الإخوان الإرهابية، وزعم فيه أن "التحالف وثق 54 حالة اغتصاب لفتيات داخل مقار الاحتجاز المختلفة، من بينها مراكز شرطة وسجون وسيارات ترحيلات ومدرعات شرطة وبعضهن في أماكن مجهولة، من بينهن فتيات حملن نتيجة الاغتصاب ولم يتم إجهاضهن حتى اليوم".


المصدر المجهول زعم أيضا أن "بعض الحالات أصبحت حاملًا نتيجة هذا الاغتصاب، وتم إجهاضهن، إلا أن البعض الآخر كان الإجهاض خطرًا على حياتهن، وهن الآن في الشهر السابع أو الثامن للحمل"، مضيفًا أن "هناك حالتين تم اغتصابهما أكثر من 14 مرة في يوم واحد داخل معسكر للأمن المركزي، فيما ظلت حالة تعاني الاغتصاب يوميًّا لمدة أسبوع داخل أحد مراكز الشرطة"، بحسب روايته.



أما "بوابة الحرية والعدالة"، الناطقة بلسان الإخوان، فنشرت تصريحات على صفحتها بموقع "فيسبوك"، على لسان ما وصفته بـ"المستشار" يزعم فيها "اغتصاب 4 بنات من حرائر مصر داخل أقسام الشرطة، 2 في القاهرة و2 في محافظات أخرى»، دون أن يذكر اسم المحافظتين.


وكعادة المصادر الإخوانية، لم تكشف لنا عن اسمها أو عن أسماء الضحايا، أو حتى معلومات عنهن، أو أماكن الاحتجاز التي شهدت هذه الوقائع، ما دفع عدد من النشطاء والمتابعين لهذه الصفحة إلى مهاجمة البوابة الإخوانية، واتهام التنظيم الإخواني بالمتاجرة بالبنات، بينما وجه بعضهم تساؤلات للإخوان: "كنتوا فين وقت الاغتصاب؟ كنتوا واقفين وشايفينهم ولا عرفتوا منين؟ وبعدين إيه عرفنا إنه اغتصاب؟ مش يمكن تكون كده من أيام جهاد النكاح اللي في رابعة العدوية وبترموا بلاكم على الداخلية؟".


أبو خليل يناقض نفسه


أكثر الملاحظات التي يمكن تسجيلها على حالات الاغتصاب الجماعي لما يسمونه بـ"الحرائر" داخل السجون، هو هذا التضارب والتناقض بين نشطاء الإخوان أو المحسوبين عليهم، بل التناقض بين ما يقوله الناشط نفسه، ففي الوقت الذي زعم فيه الناشط الحقوقي الهارب إلى تركيا هيثم أبو خليل، في إحدى حلقات البرنامج الذي يقدمه على قناة "الشرق"، وجود تقارير عن توثيق أكثر من 100 حالة اغتصاب داخل السجون، عاد في حلقة تالية وادعى أنهم وثقوا أكثر من 60 حالة اغتصاب داخل السجون وأماكن الاحتجاز، دون أن يبرر انخفاض أعداد المغتصبات- إن وجدن- إلى النصف.



أبو خليل اعتمد في تقاريره على مصادر لما يسمى بـ"غرفة عمليات انتفاضة السجون الثالثة"، وحركة "الأمعاء الخاوية"... إلخ، وهي كلها جهات وحركات من صنع الإخوان، في محاولة لإضفاء "مصداقية" أمام وسائل الإعلام العالمية العام العالمي.


وما يدعيه "أبو خليل" في برنامجه، يروج له الموالون للإخوان، الهاربون إلى تركيا أو قطر، وعلى رأسهم الإعلامي معتز مطر، ومحمد ناصر، الذي أعلن كفره على الهواء، وسلامة عبد القوى، مستشار وزير الأوقاف في عهد المعزول، وغيرهم ممن لا يعترفون بما تؤكده وزارة الداخلية بعدم استحالة وجود اغتصاب داخل أماكن الاحتجاز أو في السجون.


واستمرارًا للتناقض في أرقام المغتصبات زعم ما يسمى بـ"تحالف دعم الشرعية" أنه وثّق 63 حالة اغتصاب منذ عزل الرئيس محمد مرسي، وحتى الخميس 27 نوفمبر الماضي، كما زعمت "آية الله علاء"، المتحدثة باسم ما يسمى بحركة "نساء ضد الانقلاب"، أن "الحركة قدمت لعدد من الجهات الحقوقية والسياسة المعنية ملفًّا مفصلًا بحالات اغتصاب وانتهاكات جسدية خطيرة، لـ20 حالة موثقة في أقسام وسجون ومقار احتجاز غير رسمية".


اغتصاب "ندا في المدرعة"


الفضائيات والمواقع والصفحات الإلكترونية الإخوانية احتفت بفيديو لطالبة أزهرية تدعى "ندا أشرف"، وادعت فيه تفاصيل تعرضها للاغتصاب داخل مدرعة شرطية على يد ضابط، بحسب قولها.


ووفقًا لما جاء في الفيديو قالت "ندا": معاناتي بدأت عندما رأيت ضابط شرطة يتحرش بفتاة من الجامعة ويقبض على نهديها بالعنف، فخاطبته بعنف: "إنت فاكر إنك كده راجل"، فما كان من الضابط إلا أن ترك الفتاة التي في يديه وقال لي: "أنا هوريكي أنا راجل وللا لأ".



"هجم الضابط عليَّ ودفعني إلى المدرعة بالقوة، وجردني من ملابسي بقسوة، ثم اغتصبني وتركني للجنود يتحرشون بي"، تروي "ندا" مشهد ادعاء اغتصابها بكل جرأة، مضيفة أن الضابط بعد أن انتهى من اغتصابه لها، دعا الجنود إلى التحرش بها، بينما كان أحدهم يستنكر ما يحدث لها إلى حد البكاء، لكنه كان واحدًا ضمن مجموعة جنود داخل المدرعة، ولم يكن يملك فعل شيء.. وبعدها دخل الضابط ليكرر مقولته: "هتعرفي أنا راجل وللا لأ، واغتصبني مرة أخرى، ثم تركوني"، بحسب روايتها.


"ندا" أغفلت أن تخبرنا لماذا تركها الضابط تمشي إلى حال سبيلها بدلا من أن يلقي القبض عليها ويلفق لها عدة اتهامات؟ ولماذا لم تقدم بلاغًا إلى النائب العام، أو تطلب من النيابة إحالتها إلى الطب الشرعي، لإثبات الواقعة؛ حفاظًا على حقها؟ وكيف خرجت من القاهرة لتروي مأساتها في تركيا؟ ولماذا ولماذا؟


وشهد شاهد من أهلها


في 25 أبريل 2015، فضحت إحدى المنشقات عن الإخوان، فاطمة يوسف، ادعاءات الجماعة، والتي زعمت تعرضها للاغتصاب على أيدي ضباط أمن الدولة، قائلة، في لقاء تليفزيوني لها، إن الجماعة الإرهابية تسلم الفتيات قائمة بأسماء ضباط الشرطة لتوجيه الاتهامات لهم على الفضائيات، وكذلك وصف غرف التحقيق.



 وأضافت أن قيادات الجماعة الإرهابية كانوا وعدوها بالسفر خارج الدولة بعد مكالمة هاتفية لها مع إحدى القنوات المؤيدة للجماعة، للتشهير بالشرطة، واتهام عدد من ضباط الشرطة باغتصابها بقسم المرج، قائلة: "أعتذر لضباط الشرطة عما حدث وعاملونى باحترام داخل قسم المرج".


 وكشفت "فاطمة"، أن والدها أحد قيادات الجماعة الإرهابية، وأنه لا يعلم بظهورها على شاشات التليفزيون، قائلة: "أبويا هيسلمنى للإخوان بعد الهوا".


تشويه الشرطة والدولة


"لا صحة لوجود حالات اغتصاب لفتيات أو انتهاكات جسدية داخل السجون"، قالها اللواء أبو بكر عبد الكريم، مساعد وزير الداخلية السابق لحقوق الإنسان، في أكثر من تصريح صحفي، مؤكدًا أن "ما يتردد عن وجود حالات اغتصاب أو انتهاكات داخل السجون، كلام عار من الصحة"، مشددًا على وجود حارسات تقوم على تأمين وحراسة السجن إلى جانب المأمور، واثنين من الضباط، فضلا عن قيام النيابة العامة بزيارات مفاجئة لمصلحة السجون.



"أفراد الشرطة من الشعب، ويستحيل وجود مثل هذه الادعاءات التي تهدف إلى الإساءة لوزارة الداخلية وتشويه صورة مصر في الخارج"، قالها اللواء أبو بكر، مضيفًا أن الحديث عن انتهاكات للفتيات في السجون عار من الصحة، ولو كان صحيحا كانت السجينات قدمن شكوى للمجلس القومي لحقوق الإنسان أو بلاغا للنيابة العامة التي بدورها تنتقل لسؤال المسجونة وهو لم يحدث في أي حالة من المسجونات.


"نقوم بزيارات دورية بالتعاون مع أعضاء مجلس حقوق الإنسان، وننفرد بالسجينات اللاتي لم يبلغن عن أي حالات تحرش أو اغتصاب بينهن من جانبها"، قالتها عزة العشماوي، أمين المجلس القومي للأمومة والطفولة، مضيفة أنها "التقت بعدد من السجينات في سجن القناطر، وكل الشكاوى تتعلق بالمطالبة بتوفير خدمات صحية أفضل مما هي عليه داخل السجن".


"هولوكوست إخواني"


اللواء أبو بكر عبد الكريم، وأمين المجلس القومي للأمومة والطفولة، عزة العشماوى، وعدد من المنظمات الحقوقية المستقلة أكدوا أكثر من مرة أنهم لم يتلقوا أية شكاوى عن وجود حالات اغتصاب أو انتهاكات جنسية داخل السجون وأماكن احتجاز المتهمين.
لكنهم في الوقت نفسه أكدوا أن هذا النفي لن يروق للإخوان والمتحالفين معهم؛ لأنهم لا يصدقون إلا ما يريدون تصديقه من المنظمات والجبهات والحركات والتحالفات الوهمية التي يصنعونها من خيالهم، ثم يستشهدون بها في إعلامهم، لصنع "مظلومية"، أو "هولوكوست إخواني، لابتزاز الدولة".