التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 12:16 م , بتوقيت القاهرة

حكايات إخوانية| مشهور زعيم الصقور

صقر الجماعة، الرجل الحديدي، رجل التنظيم السري كلها أوصاف لرجل نحيل الجسد خطير الأدوار فى تاريخ الإخوان، إنه مصطفى مشهور المرشد الخامس للجماعة، والذي لم يعرف له دور معلن في قيادتها حتى عام 1973، حين خروجه من السجن وإحاطة المرشد الثالث التلمسانى، مع مجموعة النظام الخاص الأقوياء، من قادوا مسيرة الجماعة منذ وفاة البنا وإلى لحظة الوصول لحكم مصر.


التحق بالإخوان فى سن مبكرة من حياته (كان عمره 15 عاما وقتها)، عمل مع زملائه فى كلية العلوم حيث أسس معهم جمعية لإحياء الثقافة الإسلامية، وكان أمينًا للصندوق، وظل نشاطه داخل الجماعة مجهولًا حتى اكتشف أمره وصلته بالنظام الخاص في حادثة السيارة الجيب في العام 1948، وهي تلك الحادثة التي كشفت وجود النظام العسكري للجماعة، عندما اكتشفها شرطى سري بالمصادفة، وهي تحمل ذخائر وأسلحة وأوراق تنظيمية كشفت مخططات الجماعة.


عرف مشهور بقدراته التنظيمية الخارقة، حيث شرع فور خروجه من السجن في العام 1973، في تجميع خيوط التنظيم وإعادة بنائه، بالاتصال برفاق دربه كمال السنانيري، وأحمد الملط، ونفيس حمدي، وأحمد حسنين، وكلهم من رجال النظام الخاص، ممن حاولوا دفعه لتولي منصب المرشد العام للجماعة في تلك الفترة خلفا لحسن الهضيبي، لكنه فضل أن يعمل فى الظل منفقًا جهده الأكبر فى تقوية مفاصل التنظيم وإحياء هياكله في الداخل والخارج، فى الوقت الذي كان فيه التلمسانى مشغولًا بمحاولة الخروج بالجماعة من نفق العمل السري، والتطبيع النفسي مع المجتمع المصري.


حرص مشهور على أن يتولى المسؤولية عن قسم الطلبة بالجماعة في عام 1974، ونجح من خلال هذا القسم أن ينفذ إلى أهم شريحة نشطة في المجتمع، وهي شريحة الطلبة، وضخ دماء جديدة في شرايين التنظيم التي شاخت، وانخرط في نشاط مكثف في الجامعات المصرية التي أتاح لها السادات حرية واسعة، استفاد منها الإسلاميون على وجه الخصوص.


وفي عام 1981، ومع اشتعال المناخ السياسي، وتصاعد المعارضة ضد السادات، علم مشهور ومجموعة النظام الخاص أنهم مدرجون على قوائم الإعتقال المزمع في سبتمبر، وتمكنوا من الهرب إلى الكويت التى منحتهم حق الإقامة، وتمكن مشهور خلال عام واحد من زيارة عدد كبير من دول العالم، ليعلن فى 29/7/1982 من اسطنبول في تركيا إشهار لائحة التنظيم الدولى للإخوان المسلمين، بل ونجح في ضم تنظيمات إسلامية أخرى لاتنتمى للجماعة تنظيميًا، وإن توافقت معها في المشروع والأفكار، كالجماعة الإسلامية في باكستان، والحزب الإسلامي في ماليزيا، وحزب الرفاة في تركيا واتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، وتشعب التنظيم الدولي حتى تواجدت فروع للجماعة في 70 دولة حول العالم.


مشهور كان الشخص الثاني في مسيرة العنف التي بدأها النظام الخاص، أول ميليشيا عسكرية تتقنع بالإسلام في التاريخ الحديث، وحامل وزر مجموعات العنف من الجهاد للجماعة الإسلامية للقاعدة وصولاً لداعش التي كان أبوبكر البغدادي الذى كان عضوًا سابقًا بالإخوان.  


من بين عشرة شكلوا أول نواة للتنظيم الخاص ذهب كل منهم في طريق بالموت أو الإنزواء، إلا اثنين بقيا هم الأرسخ وجودا والأكبر تأثيرًا أحمد حسنين ومصطفى مشهور، يذكر المصريون لمشهور تصريحه في التسعينات بأن الإخوان يجب أن يدفعوا الجزية، كما يذكرون أنه كان بطلاً لما يسمى ببيعة المقابر، وقصتها باختصار أن التلمساني كان قد أوصى قبل وفاته أن تجرى إنتخابات لإختيار مرشد الجماعة من بعده ولكن فور انتهاء مراسم دفنه، وفي حضور عدد كبير من الإخوان، تقدم مأمون الهضيبى بترتيب مع مجموعة النظام الخاص وبايع مشهور مرشدا عاما للجماعة، ليتقدم بعدها لاشين أبوشنب فيبايع هو الأخر وتتوالى المبايعات فيما سمى وقتها بيعة المقابر، والتي احتج بعضهم بأنها كانت لقطع الطريق على الأمن فى افساد اختيار المرشد، لكنها لم تكن في الحقيقة سوى حيلة من صقر الجماعة لقطع الطريق على فريق الإصلاحيين، الذين تصوروا أن التلمسانى قد هيأ الجماعة لقبول مرشد إصلاحي ظنه البعض أبوالفتوح لكنه لم يكن يحظى بثقة هذا التيار.


ميزت فترة رئاسته الجماعة صعود سياسي لافت مع صدام محسوب مع مبارك، بلغ ذروته مع قضية حزب الوسط، التي ربما تكون محور مقال قادم لما انطوت عليه من أسرار قمع التنظيم لأبنائه واستبداد قياداته .