التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 09:13 ص , بتوقيت القاهرة

حكايات إخوانية| مرشد في الظل

يعد محمد حامد أبو النصر، المرشد الرابع لجماعة الإخوان الأقل شهرة فيمن تولوا هذا المنصب الخطير، فالرجل الذي التحق بالإخوان مبكرًا في العام 1934، ولم يكن يومًا من رجال النظام الخاص كما أشاع البعض، بل وسمه البعض بذلك لمشاركته في جمع السلاح من مخلفات الحرب العالمية في الصحراء الغربية، ومن أفريقيا عبر السودان، وقت أن كان الإخوان يجمعون السلاح للمجاهدين في حرب فلسطين.


يحكى ظروف التحاقه بالإخوان ولقائه بحسن البنا، وكيف أجابه عندما سأله البنا عن رأيه بخطبة ألقاها الأخير بحفل أقيم في منفلوط.

ما رأيك في المعاني التي ذكرت؟
قلت له إن المعاني التي ذكرتها فضيلتك كثيرًا ما تجري على ألسنة الخطباء والوعاظ والعلماء، لكن ليس هذا هو السبيل للرجوع بالمسلمين إلى عهدهم وأمجادهم السالفة.

* قال إذن ماذا ترى؟
يقول وكنت متوشحًا مسدسي الذي لايفارقنى في مثل استقبال ذلكم الزائر الكريم، الذى أحببته قبل أن أراه فقلت له "إن الوسيلة الوحيدة للرجوع بالأمة إلى أمجادها السالفة هو هذا، وأشرت إلى مسدسي".

* فانبسطت أساريره كأنما لقى بغيته وعثر على مطلبه، فأخرج البنا مصحفًا من حقيبته قائلاً: هل تعطى العهد على هذين مشيرًا إلى المصحف والمسدس؟
فقلت نعم بدافع قوي.


وأصبح عضوًا بالجماعة، وتولى الرجل مسؤولية شعبة منفلوط قبل أن يلحق بالبنا فى القاهرة ويترقى إلى عضو مكتب إرشاد وعضو بهيئة الإخوان التأسيسية، وعندما حدث الصدام مع ناصر في أزمة 54، حكم عليه بالمؤبد، حيث أمضى فترة بليمان طرة ثم سجن جناح بالواحات فالمحاريق ثم سجن قنا، قبل أن يفرج عنه فى العام 1974 بعد عشرين عامًا قضاها في السجن، عبدت طريقه لكي يكون مرشدًا لجماعة الإخوان، بعد وفاة عمر التلمسانى ،حيث توافق مكتب الإرشاد على اختياره وأوفدوا حسنا عبدالباقي، ومحمد حبيب؛ لإعلامه بذلك، وقابل التنظيم العالمي، ومجلس الشورى العالمي، اختياره بتذمر، حيث لم يكن معروفا لديهم، مقارنة بمصطفى مشهور الذي أسهمت السنوات الأربعة التي أمضاها بالخارج في تسويقه وتنامي شعبيته في الخارج.


اللافت للنظر أنه لما بلغ أبو النصر، رغبة إخوان الخارج اختيار مصطفى مشهور، مرشدًا رفض هذا التوجه، وقال إن مصر هى مركز الثقل في الحركة ولا ينبغى أن يفرض علينا إخوان الخارج، بما يكشف حالة التشوف للسلطة حتى لدى تلك القيادات التي يطيب للإخوان تسميتهم بالقيادات الربانية، وبالفعل تم إنفاذ رغبة الداخل خاصة مع وجود نية لدى النظام الخاص، وفريق مصطفى مشهور في أخذ الوقت الكافي لتوطيد أركان التنظيم، دون أن يظهروا في العلن بما يتوافق مع طبيعتهم في تغليب العمل السري.


كان الرجل حريصًا على أن يمضى بسيرة سلفه التلمساني وكثيرًا ما كان يسأل من حوله عندما يواجه موقف ما، "ماذا كان يفعل الأستاذ التلمساني في ذلك؟"، واستمر فى نهج الإنفتاح على القوى السياسية في الداخل والخارج، خصوصا مع ما شاب تلك الفترة 1986:1996 من انفتاح على القوى السياسية، ميز عهده الصدام مع السلطة ونشأ فى أحضان الجماعة في عهده تيار إصلاحي نجح في الحصول على 36 مقعدًا من مقاعد برلمان 1987 ، كما قدمت في عهده مجموعات من الإخوان إلى القضاء العسكري خصوصا مع حرص فريق مشهور على العمل السري واعداد خطط التمكين هو وفريقه.


إثر طول إقامته أحيانا في أسيوط لتقدم سنه، وقد ناهز الثمانين عامًا في مقابله صحفية مع مجلة المصور في 4/8/1995، فاجأه الصحفي بأن لديه معلومات بأنه قد تم عزله من منصب المرشد العام، فقال الرجل لم أعزل ولكنى فوضت نواب المرشد مصطفى مشهور، ومأمون الهضيبي، وهما يعودان إلي فى الأمور الهامة، وليس لدينا في الجماعة عزل هذه إشاعات.


فجر يوم السبت 20/1/1996، توفي السيد حامد أبوالنصر المرشد العام للأخوان المسلمين عن عمر يناهز الثالثة والثمانين عامًا، ودفن فى مقابر القطامية ليرحل مرشد الظل الذي لم يكن مرشدًا فعليًا بل مجرد واجهة، مكنت مصطفى مشهور من بسط المزيد من السيطرة على التنظيم قبل أن تتكفل بيعة المقابر بنقل المنصب له بعد أعوام من نهوضه بأدوار المرشد الحقيقي السري، وبعد أن توفي مرشد الظل محمد حامد أبوالنصر .