التوقيت الثلاثاء، 23 أبريل 2024
التوقيت 09:38 ص , بتوقيت القاهرة

تهاني المصريين وأحزانهم

كم كنت أتمنى أن نخرج جميعنا بعبارات التهاني بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم، ولكن جاءت غصة جريمة دير الأنباء صموئيل المعترف بمحافظة المنيا عشية رمضان لتفسد هذه البهجة باستقبال الشهر الكريم.


إن هؤلاء الذين استهدفوا أطفال ونساء وعمال مصريين مسالمين من المؤكد أنهم ليسوا بمسلمون، بل إنهم يرغبون فى النيل من الدولة المصرية عامة، وأبدا لن يستطيعوا.


لم يمر الوقت سريعا، إلا وأعلنت داعش تبنياه للحادث الإرهابى الغادر الذى استهدف مجموعة من المصريين الأبرياء، وأدى إلى سقوط عدد من الشهداء المدنيين.


إلا أن الأمر الذي يثير الخوف والريبة والقلق هو مدى قدرة هذا التنظيم الإجرامي على إختراق المجتمع المصري فكريا ليصبح بينه عناصر داعشية تسير وتنفذ على دربهم، فالطريقة التى تم تنفيذ الجريمة الغادرة بها تؤكد أن الدولة المصرية أصبحت بشكل مباشر الآن فى قلب المعركة ضد الإرهاب الدولي، وأن تهديدات داعش للمصريين  يجب أن يتم التعامل معها بطريقة مختلفة من جموع الشعب المصري حتى يكون قدر المسئولية على المواجهة مع من يسعون لهدم الدولة المصرية.


ويبدو أننا نعاقب على مشاركتنا فى إعلان الرياض بمشاركة السعودية والإمارات وأمريكا والذى يعتمد فى الأساس على تحالف لمواجهة الإرهاب على المستوى الدولي، وليس فى المنطقة أو فى أى دولة دون أخرى، وهنا يجب علينا أن نعي كافة كلمات الخطاب التاريخي الذى ألقاه الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال قمة الرياض والذى أشار خلاله إلى أن الإرهاب ليس مجرد تنظيما واحدا وإنما هو تنظيمات فروع منتشرة ودول تمول وأخرى تقدم الدعم اللوجستي، فبالتأكيد تنظيم مثل داعش والقاعدة من قبله، لن يستطيع أن يحقق هذا الانتشار فى المنطقة إلا إذا كان ممولة تمويلا ضخما ولديه من يدعمه بتقديم المعلومات الإستخبارتية ويساعده على الحركة والتنقل وشراء المعدات والسلاح.


صحيح أن رد الدولة المصرية كان سريعا وحاسما من خلال ضربات القوات الجوية والتي إستهدفت بشكل مركز معسكرات المجاهدين فى درنا بليبيا، إلا أننا يجب أن نتوقف أمام العديد من الإستفهامات التي إجابتها تظهر كم التهديدات التي تواجه الدولة المصرية، فكيف تم تأسيس معسكرات تدريب فى ليبيا بهذه السرعة، ولماذا ليبيا لتكون مركز لتلك المعسكرات، ومن مولها ومنحها الدعم المادى واللوجيستى ونقل إليها الأفراد لتكون مركزا لتدريب الإرهابيين الدواعش، ولمصلحة من تعمل مثل هذه المراكز ولماذا لا تعلن دول أخرى عن مشاركتها فى هجمات مشابهة ضد الإرهاب إذا كانت أغلب التقارير الصحفية منذ تنفيذ الحادث الإرهابى فى مانشستر تشير إلى أنه تم تخطيطه وإدارته من قلب درنا، فلماذا لم تسارع دول الإتحاد الأوربى فى المشاركة فى الحرب على الإرهاب وتشارك فى ضرب منصات الإرهابيين التى بدأت تطالهم أيضا.


إن جريمة المنيا الغادرة تشير إلى أن هناك عناصر من داعش تخطط وتنفذ وتمول بطريقتهم، ولكن من قد يكون ساعدهم فى تحديد أهداف سهلة وبسيطة مثل الأديرة البعيدة فى الصحراء، ومن تعاون معهم ليعرفوا طبيعة هذه الأماكن المسيحية ويسهل عليهم استهدافهم، فقد يكونوا بعض المصريين الذين اعتنقوا الفكر الداعشى وانضموا له، أو أن عناصر سلفية أو جهادية أو إخوانية مصرية ممن يفتقدون الولاء والانتماء للوطن، هى من منحتهم هذه المعلومات وقد يكونوا شاركوهم التنفيذ وليس التخطيط فقط المعاقبة النظام السياسي على حالة التقارب التى سعت لها جميع القوى فى المنطقة وتبلورت فى قمة الرياض.


المؤكد الآن إننا وبعيدا عن الشعارات  يجب علينا التكاتف والتماسكً والترابطً لاجتثاث جذور الإرهاب والتطرف، وعلينا أن نتفهم أن هذه الهجمات الغادرة تعمل على محاولة الواقعية واستفزاز المشاعر فى إطار حرب الدولة المصرية ضد الإرهاب ويجب علينا أن ندرك أن تلك العمليات للأسف الشديد لن تنتهى في الوقت القريب لأن الهدف الذي تعمل عليه هو إسقاط الدولة المصرية منذ 30 يونيو 2013، بدءًا من نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة ومحاولة إثارة الفتن وإستهداف أبنائنا من القوات المسلحة والشرطة والقضاء والمدنيين الأبرياء.