التوقيت السبت، 20 أبريل 2024
التوقيت 07:18 ص , بتوقيت القاهرة

بالصوت| رحلة في موسيقى أفلام محمد خان


رحلة استمرت على مدار 25 فيلما، أغلبهم من درر وأيقونات السينما المصرية، كلها حملت توقيع وبصمة وروح الراحل محمد خان، 25 عملا فنيا خلقوا بداخل كل من شاهدها خليطا من المشاعر والأحاسيس، مزجت خلالها التكوينات البصرية بالمشاعر، بالكلمات بتعبيرات الوجه بالموسيقى التصويرية لتخلق سينما خان.


الموسيقى في سينما خان حاضرة دائما، وهي عنصر أصيل في سينماه، حتى حينما قرر عمل فيلم بدون موسيقى تماما مثل فيلم "مشوار عمر" تكون الموسيقى حاضرة عن طريق مقطوعات منتقاة تبث عبر الراديو في سيارة عمر.



في الأساس شريط الصوت لدي خان يستحوذ على أهمية كبيرة لديه، فهو الذي نشأ وتربي على "سماع" الأفلام، لأنه كان يسكن في منزل يطل على سينما صيفي، ولكن لم يكن هناك شباك يمكن أن يرى منه خان شاشة السينما، ولكنه كان يستمع للأفلام ولا يراها، وهذا سبب أساسي أن شريط الصوت في أفلام خان مميز جدا.



في رحلته تعامل خان مع أسماء مهمة في عالم الموسيقى أولهم كان كمال بكير، وبكير ليس أولهم فقط، بل أيضا أكثرهم تعاملا مع خان، حيث قدم معه 7 أفلام، من أول أفلامه وهو الرغبة عام 1979، وتلاه بضربة شمس عام 1980.



وأيضا تعاون خان مع هاني شنودة في فيلمين، وهما الحريف ونص أرنب، وجورج كازازيان في زوجة رجل مهم وفتاة المصنع، ياسر عبد الرحمن في 4 أفلام منهم مستر كاراتيه وفارس المدينة، ومع تامر كروان في فيلمين وهما في شقة مصر الجديدة وبنات وسط البلد، بينما تعامل مع عمار الشريعي في فيلم أحلام هند وكاميليا، ومع راجح داوود في فيلم الغرقانة، بينما أخر أفلامه "قبل زحمة الصيف كانت موسيقاه تحمل توقيع ليال وطفة.



الموسيقي في أفلام خان ليست فقط لتغليف الصورة السينمائية ولا حتى بيان حالة الشخصية أو بيان الموقف، بل الموسيقى، هي حدث درامي، من خلال الموسيقى يبين خان فروق بين عوالم مختلفة، يظهر أجزاء مختفية في شخصيته، وربما أكبر مثال على ذلك حينما أراد خان وصف زحام المدينة وصخبها وسوأتها قرنها بصوت عدوية، في فيلم خرج ولم يعد، وربما لم يكن المقصود هنا هو عدوية نفسه كفنان أو كصوت لا خلاف على جماله، ولكن المقصود تلك الحالة من "الزحمة" التي تعيشها المدينة، بينما كمال بكير يصيغ موسيقى فردوسيه الطابع عن الريف.



وأيضا في فيلم فارس المدينة، يستغل خان الموسيقى لبيان أجزاء خفية في شخصية فارس الحريف السابق، هذا الذي مازال حريصا على سماع الست أم كلثوم صبحا ومساء، ربما كانت دلالة على ما يتبقى داخله من أصالة ربما غير متوقع أن تراها في فارس الذي يسير أمامنا جيئة وذهابا، وعلى العكس تجد موسيقى الفيلم التي ألفها ياسر عبد الرحمن بها من العنف والصراع ما يتناقض مع موسيقى أم كلثوم، وكأن خان أراد القول إن هذا الفارس الأصيل يعيش داخل هذا الصراع العنيف، دون ان يكتب هذا، فقط من مجرد التيتر تدرك الأمر بالموسيقى فقط.




وبالعودة للحريف، في رأيي لم يكن فيلم الحريف سيخرج بتلك الروعة دون موسيقى هاني شنودة، الموسيقى المؤلفة لأغنية كتبها جاهين " الشوارع حواديت" والتي أستخدمها خان وشنودة، هنا الموسيقى ليست مغلف للحالة أو نفسية الشخصيات، ولكن الموسيقى هنا هي تاريخ الشخصية، الجزء الذي لم نشاهده في الفيلم، الجزء الذي يسبق دخول فارس في صراعه الأخير مع الزمن.



خان بموسيقاه بشخصياته بمشاعرها وازماتها، كان لابد لها من موسيقى خاصة جدا، وحمالة أوجه لتواكب هذا القبس والفيض السينمائي الذي نتلقاه في أغلب أفلام خان، لذلك كان منطقي أن تصبح أغلب موسيقى أفلامه علامات موسيقية، وان يتم اقتطاعها من الفيلم وتتحول لتراكات صوت تسمع منفردة من الحين للأخر، خان المايسترو استطاع بحق أن يخلق موسيقاه الخاصة جدا.