التوقيت الجمعة، 29 مارس 2024
التوقيت 08:50 ص , بتوقيت القاهرة

"المخترع الصغير" مثل مصر عالميا ورفض العودة إليها

كتب - مصطفى فتحي

لم تطرق أبواب مخيلته مطلقا فكرة أن يرفض العودة إلى وطنه ليخدمه بابتكاراته، لكن ما وجده من معاملة جافة في بلده جعله لا يتردد كثيرا في اتخاذ قرار البقاء في الولايات المتحدة، بعد زجت به الحكومة وراء القضبان، بدلا من أن تقدم له يد العون، هو عبد الله عاصم الملقب بـ"المخترع الصغير".

شهدت محافظة أسيوط مولد "المخترع الصغير" الذي ظهر حبه لكل ما له علاقة بالابتكار منذ طفولته، ليعمل خلال دراسته في المرحلة الابتدائية في مجال صيانة وتركيب أجهزة الكمبيوتر، قبل أن ينتقل للعمل في قطاع صيانة الحواسيب المحمولة خلال المرحلة الإعدادية، ثم عمل كمشرف على شبكة الإنترنت وبرمجيات الحواسيب بإحدى الشركات.

مسابقة "إنتل"

وفي بداية دراسته في المرحلة الثانوية التحق عاصم بتدريب في مدرسته "دار حراء الإسلامية" يهدف إلى تعليم الطلاب كيفية استخدام التكنولوجيا في تطوير البرمجيات والألعاب والتقنيات المجتمعية التفاعلية، وفي العام التالي شارك في المسابقة المحلية للابتكار لشركة "إنتل" بعد تطويره لنظام تشغيل حصل به على المركز الثاني.

وبرز اسم "المخترع الصغير"، خلال العام الجاري، عندما طور نظارات تمكن مرضى الشلل الرباعي من التحكم في الحواسيب من خلال إيماءات العين، وهو الابتكار الذي حصل به على المركز الأول على مستوى الصعيد في المسابقة المحلية لـ"إنتل"، ما رشحه للمشاركة في مسابقتها العالمية، التي أقيمت الأسبوع الماضي بالولايات المتحدة.

القبض على المخترع

ولم يكن طريق عاصم إلى الولايات المتحدة مفروشا بالورد، حيث ألقت الشرطة القبض عليه يوم 25 من الشهر الماضي بمنطقة باب اللوق، موجهة إليه تهم التظاهر دون تصريح والاعتداء على مقر أمن الدولة وحرق سيارة ضابط وحمل سلاح، على حد قوله.

وأثارت قضية القبض على عاصم، البالغ من العمر 17 عاما، ضجة إعلامية وحقوقية كبيرة، ما دفع محمود أبو النصر، وزير التربية والتعليم، إلى المطالبة بالإفراج عنه، وبالفعل قبل أسبوعين، تم إخلاء سبيل المخترع الصغير من نيابة أسيوط، على ذمة التحقيق بكفالة مالية في قضية حرق سيارة ضابط، وكان قد حصل قبلها على قرار بإخلاء سبيله بعد اتهامه برفع "شارة رابعة"، والتظاهر دون تصريح.

وأعرب المبتكر المصري، بعد الإفراج عنه، عن دهشته من القبض عليه في أثناء تسوقه في منطقة باب اللوق، لاشتراء مستلزمات إلكترونية خاصة باختراعه.

وتخيل عاصم أن صراعه مع السلطات قد انتهى بإخلاء سبيله، ليحزم حقائبه ويتجه الأسبوع الماضي إلى المطار في طريقه إلى ولاية كاليفورنيا الأمريكية للمشاركة في مسابقة "إنتل"، إلا أن رياح الداخلية جاءت بما لا يشتهيه "المخترع الصغير"، حيث صرح بأنه في أثناء وجوده بالمطار مع وفد من المخترعين المصريين المشاركين في المسابقة، بلغه أن هناك أمر ضبط وإحضار له، وأنه ممنوع من السفر، ثم بمجرد إقلاع الطائرة أفرجوا عنه، قبل أن يسمح له بالسفر في اليوم التالي.

وازداد الجدل حول قضية عاصم عندما فاجأ الجميع، الأحد الماضي، برفضه العودة إلى مصر مع بعثته بعد انتهاء المسابقة، قائلا "في حالة رجوعي لمصر سيكون مستقبلي في السجن، نظرا لأني مهدد طول الوقت باعتقالي في أي لحظة.. في مصر مليش أي حقوق، بتعامل معاملة غير آدمية، في مصر مستقبلي ضايع زي ما مستقبل ناس كتير ضاع"، ليفقد بعض المتعاطفين معه، ويجذب آخرين إلى جانبه، فهل يغير العبقري الصغير موقفه ويعود إلى وطنه أم ستكون رحلته لتمثيل بلده بلا عودة؟