التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 03:18 ص , بتوقيت القاهرة

"القوة الناعمة" سلاح مصر الأول

مين فينا ما اتفرجش على فيلم من أفلام هوليوود، زمان أو دلوقتي؟


مين فينا ما أكلش فى مطعم من مطاعم الوجبات السريعة، أو البيتزا من العلامات التجارية الامريكية الأكثر شهرة في العالم، أو له مشروب مياه غازية مفضل زي البيبسي أو الكوكاكولا؟


مين ما هتمش بمغني أمريكي، أو موسيقى أجنبية لها ذكريات معاه؟


مين ما عندوش في دولابه بنطلون جينز، ولا تيشيرت شبابي؟


مين مش بيستخدم فىي كلامه على الأقل كلمة ولا اتنين من المصطلحات الأمريكية في الحياة اليومية؟


دى أسئلة تصب في مجملها في تأثير الثقافة الأمريكية في المجتمع.


و لو سألت نفس الاسئلة في أي دولة في العالم هتكون الاجابة واحدة: كلنا أو أغلبنا تأثرنا بهذه الثقافة لهذا البلد اللي سنوات عمره ضئيلة بالنسبة لدول لها حضارات عريقة تعد بآلاف السنين .


لكن أمريكا حاولت تغزو العالم .. وللأسف نجحت.. غزوها وسيطرتها على الشعوب بكذا طريقة واستخدمت كذا نوع من القوة؛ لأنها مش هتقدر مثلاً تحتل مصر أو دول أخرى بالقوة الصلبة أو المعروفة بالقوة العسكرية وفرض السيطرة بالاكراه، لكن كان عندها بديل يعتبر هو البديل الأخطر والأسهل، والأكثر، والأسرع تأثيرًا وانتشارًا.


البديل اللي يساعدها على جعل الدول تتحرك في إطار تحقيق مصالحها، كان بديلها  ما يسمى بالقوة الناعمة.


القوة الناعمة فى تعريفها هي: أن يكون للدولة قوة روحية ومعنوية، من خلال أفكار ومبادئ وأخلاق، والدعم في مجالات حقوق الإنسان والبنية التحتية، والثقافة والفن، و ده يجعل الآخرين يحترموا هذا الأسلوب ويعجبوا به تلقائيا ويكون من الطبيعي بعدها اتباع مصادر هذا الاسلوب، وهذه الثقافة والميل لها.


وده نلاحظه بوضوح في تأثير هذه القوة على الجيل الجديد وتغير ثقافته وميوله، وحتى اتجاهاته السياسية أصبحت محاطة بحالة من (الأمركة) أو التأثر بأمريكا .


طريقة حياتهم.. كلامهم.. ملابسهم.. ثقافتهم الفنية سواء أغاني وسينما.. تفكيرهم السياسي.. حتى طموحاتهم واحلامهم فى السفر خارج مصر، وخاصة لأمريكا .


وهنا لازم يكون لنا السؤال: فين القوة الناعمة الخاصة بمصر؟ ايه هى مصادر قوتنا الناعمة كمصريين؟


هل لها دور؟ وهل ممكن يكون لها تأثير على المجتمع من تانى بعد سنين من الفوضى ؟ وهل ممكن تمتد هذه القوة لخارج مصر ولو على المستوى الاقليمى ؟


الحقيقة مصر قوتها الناعمة ثلاثية الابعاد  بمعنى إنها تتمثل فى اللغة .. التاريخ .. الثقافة


وكنا فى فترة الخمسينات والستينات كان للثقافة المصرية سواء فن أو أدب بالغ التأثير فى العالم العربى كله و الخارج


كان الفنانين المصريين سواء الغناء أو التمثيل وكمان الادباء أشهر الشخصيات على الاطلاق ... كانوا يشكلوا الوعى والتفكير الجمعى للشعوب .. لدرجة إن الشباب فى فترة الستينات مثلا يقلدوا الممثلين المصريين والمغنيين فى طريقة ملابسهم وتسريحات الشعر وفى حركاتهم فى الحياة العادية .


بدأت تخبو قوتنا الناعمة لسنوات كثيرة.. ضعفنا فيها .. سمحنا لأفكار هدامة تدخل فى عقول شبابنا سواء تعصب دينى أو انحلال أخلاقى ... وده كان له دور فى حدوث خلخلة فى المجتمع المصري .


لكن آن الاوان إننا نستعيد قوتنا الناعمة.. هى أولى وأهم و أقوى ما تحتاجه مصر فى الوقت الحالى وعلى وجه السرعة .


محتاجين نولى أهمية لثقافتنا الأصيلة على أي ثقافة .. تبني أجندتنا الوطنية فوق أي أجندة مهما كانت .


محتاجين تسليط الضوء على المبدعين والفنانين الحقيقيين.


محتاجين نكتر من الأغانى الجميلة والموسيقى الراقية.


محتاجين ننشر الأعمال الأدبية غزيرة الفكرة والابداع ودعمها لتكون في كل بيت مصري، ويكون الكتاب فى كل إيد شاب وطفل.


محتاجين أعمال مسرحية محترمة في كل مدينة من خلال قصور الثقافة والمسارح القومية.


محتاجين فن الشارع يوصل لكل حي ولكل حارة.


محتاجين فرق الفنون الشعبية ومهرجانتها من تاني يعرف العالم فلكلور كل محافظة من محافظات مصر.


محتاجين مسلسلات تحكي السير الذاتية لعظماء مصر، وملاحم بطولات شعب مصر .


محتاجين دعاية جيدة لآثار مصر وسياحتها في كل شبر على أرضها.


محتاجين يكون وجه من أوجه الاستثمار يكون في دعم القوة الناعمة.. واللي بها يكون لمصر، مصدر جديد من مصادر دخلها القومي.


محتاجين كتير لكن مش صعب لما يكون في إرادة وايمان بالقوة الناعمة لمصر اللي عمرها مش من 60 سنة فاتت، ولكن من الآف السنين موجودة على كل حجر من حجارة معابد أجدادنا.


إحنا عندنا كتير .. المهم نؤمن بنفسنا.


نؤمن إن القوة الناعمة هي السلاح الأقوى لمواجهة كل تطرف وإرهاب وفساد.. هي السلاح الأقوى لاستعادة صورة مصر ودورها على خريطة العالم.. السلاح الأهم والأكيد في استعادة شباب مصر لحضنها و لأرضها بانتماء وحب .


أتمنى مقالي يجد صدى ولو مجرد تذكرة، وتسليط ضوء على كلمة ومصطلح مهم، وحقيقة.. آن أوان رجوع "القوة الناعمة لمصر"


دمتم أقوياء بمصريتكم وإيمانكم بها.