التوقيت الجمعة، 29 مارس 2024
التوقيت 01:38 ص , بتوقيت القاهرة

الحب على طريقة سيزيف!

في الأسطورة عوقب سيزيف على مكره وخداعه بأن يدحرج صخرة كبيرة من أسفل الجبل إلى أعلاه، حتى إن أوشك على بلوغ القمة هوت الصخرة للوادي ليعيد الكرّة من جديد.


تتكرر لعنة سيزيف في حياتنا اليومية، تتخذ الصخرة أشكالا مختلفة ونطلق على محاولاتنا دحرجتها مرة بعد مرة أسماء مختلفة. تطاردنا لعنة سيزيف في كل مرة نجرب فيها طريقة قديمة لحل مشكلة قديمة فشلت في حلها من قبل ونحن نتوقع منها أن تنجح. تطاردنا لعنة سيزيف ونحن نبحث عن إجابات لأسئلة أكثرها بلاغية بلا إجابة.


- "هو مشي ليه؟"
- "هي بطلت تحبني ليه؟"
- "إشمعنى أنا اللي يحصلي كده؟"


تميل الأكثرية للإجابات القدرية للأسئلة البلاغية، فإجابة كل الأسئلة السابقة يمكن ببساطة أن تكون القدر (أو الصدفة لو عندك مشاكل مع القدر!). ولكن القدر كإجابة أولية بطبعها لا تصمد أمام إلحاح السؤال.


مثلًا سؤال: "هي بطلت تحبني ليه؟"، وهكذا تبدأ الصخرة الثقيلة في الدحرجة ببطء في اتجاه قمة الجبل. تطارد السؤال علك تصل للإجابة. وفي كل خطوة تقترب أكثر مما تظنه حل اللغز تتقرب أكثر من مصيرك لإعادة الكرة.


محاولةٌ بعد محاولة، فرصة جديدة بعد فرصة جديدة، تجرب "البداية الفريش"، كما تجرب "حوار الراشدين"، ثم تجرب "خلينا أصحاب". وفي كل مرة لن يمكنك يقينًا أن تعلم لماذا توقفت فلانة عن حبك، وفي كل مرة لن يخطر ببالك قط أن ربما فلانة لم تكن تحبك بالأساس!


في كل مرة تدحرج الصخرة طالبًا قمة الجبل لن يخطر ببالك أبدًا أن ربما المشكلة في الصخرة وربما أن الإجابة التي تبحث عنها تكمن في التخلي عن دحرجة الصخرة.


لفك لعنة سيزيف يجب عليك الوصول لل "قفلة" Closure. الطريق الوحيد للتوقف عن دحرجة الصخرة هو إغلاق صفحة السؤال دون محاولة إجابته (ولا حتى بالإجابة القدرية).


مثلًا، سؤال "هو مشي ليه؟" إجابته النموذجية "مش مهم" ثم إغلاق الصفحة للأبد. وكذلك باقي الأسئلة، "إشمعنى أنا؟"، "مش مهم!"، "هي بطلت تحبني ليه؟"، "مش مهم!".


السؤال الذي يطرح نفسه بعد إغلاق صفحات تلك الأسئلة بإجابة "مش مهم"، ماذا إذن مهم؟


إذا كانت إجابتك للسؤال "ولا حاجة" فعلي أن أبشرك بأنك بدأت بهذه الإجابة دحرجة صخرة جديدة. فهناك دائمًا ما يهم. والمهم أن تسامح نفسك وتتسامح مع غيرك وتتقبل وضعك الجديد.


المهم أن تتحمل مسؤوليتك دون أن تعفي الأخرين من مسؤولياتهم. المهم أن تتعلم الدرس دون أن تحتاج إلى تكراره بدحرجة الصخرة مرة بعد مرة. المهم أن تدرك أن ربما كل شيء يحدث لسبب، ولكن هذا السبب لن نعرفه أبدًا إلا بالقراءة العكسية للأحداث.


المهم أن تتأكد أن أيًا كان ما يحيرك الآن، فهو بكل تأكيد "مش مهم"!