التوقيت الخميس، 28 مارس 2024
التوقيت 01:07 م , بتوقيت القاهرة

احذروا حرب اللاعنف

وإحنا صغيرين.. ييجي من حوالي 30 سنة.. كان عيب أوي واحد مننا يشتم مصر أو يستهزأ بجيشها.


على طول نقوله إنت إسرائيلي؟! إنت بتتكلم زي الاسرائيلين ليه؟


بعفوية وطفولية كنا بنتكلم زي ماتعلمنا على اعتبار طبعا إن مايشتمش في مصر إلا عدوها.. وكنا نبقى مكسوفين جدًا من اللي عمله ده ونبعد عنه.

ايه اللي حصل؟ هو الزمن عدى أوي كده؟ هو ليه بقى شتيمة مصر وإهانتها وإهانة رموزها وقيمها وجيشها، من بعض من يحملون الجنسية المصرية، أصبح ده طبيعي عندهم من غير خجل ولا رادع من داخلهم؟


هيقول البعض فورًا .. دي قلة أدب وخيانة وعدم وطنية.


كلام جميل.. لكن برده إيه اللى خلع الوطنية من نفوسهم بكل سهولة؟ إيه اللي جعلهم بكل صراحة و بدون شعور بندم إنهم يتجرأوا على مصر أو على كل شىء جميل وعظيم فيها؟
- - -


مقالي لكم المرة دي يوضح لكم إيه السبب.


عقلنا بيشتغل بجزئين.. العقل الواعي والعقل اللاواعي أو العقل الباطن.. وهو اللي مسئول عن برمجة أفكارنا ومعتقداتنا و مخاوفنا و تصرفاتنا كلها.


ده تم إزاي؟


أي فكرة عايز تزرعها في عقل الإنسان.. يتم تغذيتها ونموها في العقل ببعض أدوات هي:


الكلمة وتكرارها على مسامع الانسان كتير ..
الصورة وتميزها ووضوحها وأيضًا تكرارها أمام العين ..
الأحاسيس وإشعال قوتها داخل النفس


مثلًا: لو تفتكروا أغنية (أ ب ت) اللي بتعلمنا الحروف الأبجدية وربطها بكلمات نغنيها وإحنا أطفال.. اعتقد إحنا كلنا لحد دلوقت بنغنيها بسهولة.. وكانت كلمات (وطني– علمي–حرية– قومية) وغيرها أثرت فينا وعظمت بداخلنا واحنا أطفال معنى الكلمات دي .. فأصبح مثلًا علم مصر رمز عظيم لازم نحترمه ونحيه .. وهكذا .
دي البرمجة الإيجابية للطفل ويكبر بها، وبما تم تغذية عقله ونفسيته، وبالتالي كان عندنا جيل مرتبط بالوطن، وتنميته والدفاع عنه وبالقيم العظيمة كلها، وخرج لنا قادة زعماء ومفكرين و علماء.


والعكس صحيح.. لو فضلت أكرر كلمة سلبية زي الخوف أو الفشل أو الديكتاتورية أو الظلم أو السخرية والاستهانة، ونربطها بصور تأكدها، مثل شكل بلياتشو، أو صور مرعبة، أو صور ساخرة، وتعليقات استهزاء زي ما ظهر لنا فى السنوات الأخيرة من قبل ما يسمون أنفسهم نشطاء أو حركات ثورية على مواقع التواصل الاجتماعى يبدأ العقل يخزنها ويصدقها بعد فترة، وتبقى من السهل استرجاعها واستخدامها ويتصرف الإنسان بها وعلى أساسها.


في الأول يرددها الطفل أو الانسان على إنها فكاهة أو موضة كلام، وبعد كده يتعود عليها و يستخدمها فى كل كلماته.. (تابعوا تصرفاتهم وكلماتهم هتتأكدوا).


طيب ايه حكاية "حرب اللاعنف".. عنوان المقال؟


الأول تعالوا نعرف أنواع الحروب وهي كالآتي:


- حرب الجيل الأول، وهي الأسلحة النارية والحرب النظامية المعروفة ومحددة الأطراف وأرض المعركة وقيل فيها: (الآن يتساوى الشجاع والجبان).


- حرب الجيل الثاني، وهي حرب العصابات مثل التي كانت تدور في دول أمريكا اللاتينية .


- حرب الجيل الثالث، يعرفها البعض بالحروب الوقائية أو الاستباقية كالحرب على العراق مثلاً، ويعرفها الخبير الأمريكي ويليام ليند ويوصفها بأنها طوُرَت من قبل الألمان في الحرب العالمية الثانية وسميت بحرب المناورات وتميزت بالمرونة والسرعة في الحركة واستخدم فيها عنصر المفاجأة. 


-  حروب الجيل الرابع: أن تترك عدوك يحارب نفسه بنفسه وباستثمار الصراعات الفكرية والدينية وتأثيرها.. قال (روجيه غارودي) عنها: "الآن يقاتل الغرب بالتكلفة الصفرية.. العدو يقتل نفسه.. العدو يدفع ثمن السلاح ثم يقتل نفسه به.. العدو يطلبنا للتدخل لإنقاذه فلا نقبل!".


وقال عنها بكل صراحة البروفيسور الأمريكي "ماكس مايوراينك" في معهد الأمن القومي الإسرائيلي حيث عرفها كالأتي: "الحرب بالإكراه، إفشال الدولة، زعزعة استقرار الدولة ثم فرض واقع جديد يراعي المصالح الأمريكية".


حرب الجيل الرابع من ضمن وسئلها الحرب النفسية وحرب اللاعنف.. واللى أهم أسلحتها وسائل غير عنيفة زي الأسلحة لكنها مدمرة جدًا، وأكثر خطورة لإنها تعتمد على التأثير النفسي على مجموع الشعب (أعداد كبيرة في وقت قصير جدًا).


حرب اللاعنف ضمن الحرب القائمة حاليًا وقائمة على إثارة فكرة الاضرابات، عدم التعاون مع الدولة، العصيان المدني، إثارة الفوضى والبلبلة، واختفاء السلع وعدم الطاعة للقوانين وللنظام.. وغيرها من الأساليب اللي صحيح مافيهاش مواجهة مسلحة، ولكنها تكتيك يؤثر بشكل سلبي لإحداث تغيير في المجتمع يؤدي في النهاية لخلخلة الدولة وهدمها.


العدو يقوم باستخدام مجموعة من أفراد المجتمع نفسه.. يختار منهم المغيبين والكارهين والمأجورين وضعفاء النفوس.. يضغط بكل الوسائل النفسية والمادية لتجنيدهم.. بعلمهم أو بدون علم.. ويبدأوا فى تنفيذ حرب اللاعنف من غير ما يتكلف أي خسائر نفسية أو مادية.


وأبرز أداة أو سلاح هو التهكم والسخرية والاستهانة بكل شيء قيم من رموز الوطن.. يدخل فى نفوس الشباب.. يبدأوا يصدقوا.. يضعفوا.. يستجيبوا لكل سلبي ولكل خدعة أو إشاعة .. وبالتالي يضعف المجتمع.


دورنا هنا يجب المواجهة بكل صرامة وحزم ووعي بخطوات كالآتي:


1- نشر الايجابيات مهما كانت صغيرة.. يجب تسليط الضوء عليها دومًا.
2- زيادة الإنتاج الفني الوطني الداعي لتعظيم الانتماء وقيمة الوطن في النفوس والعقول.
3- محاربة الفساد الإخلاقي والإعلاني والإعلامي دون تهاون أو استثناء.
4- توعية شبابنا وأطفالنا دومًا بحقيقة هذه الحروب ملامحها و حقيقتها وأطرافها.


حفظ الله مصر وشبابها وشعبها ودمتم لها حافظين.