التوقيت الثلاثاء، 19 مارس 2024
التوقيت 01:28 م , بتوقيت القاهرة

أوبن ماينديد!

أنا "أوبن ماينديد" Open minded (صاحب عقل متفتح)، يتردد صدى المصطلح في الكثير من المواقف. يستخدمه أحدهم لوصف نفسه في فاصل من الغزل مع فتاة وتستخدمه إحداهن كتعريف بنفسها قبل أن تبدأ فاصلا من الهراء الموجه لجمهور عريض. أنا "أوبن ماينديد" هو مصطلح العصر – وربما كل عصر – يميز به البعض أنفسهم عن الآخرين بناء على مواقفهم من الحرية الشخصية. 

فالشخص الـ "أوبن ماينديد" هو الشخص الذي لا يجد غضاضة في أن يعيش الآخرون كما يتفق لهم ما دامت هذه "العيشة" لا تؤثر بالسلب على غيرهم. ويصل الشخص الـ"أوبن ماينديد" لهذه القناعة بسبب تفتح عقله لقبول فكرة أن لغيره قناعات تختلف عن قناعاته، وهذا الاختلاف لا يجعل أيًا من تلك القناعات صوابا أو خطأ.

لكن كعادة سكان هذا الجزء من العالم، تم ابتذال المصطلح بنجاح. وتفريغه من معناه بالكامل. فلدينا مثلًا فريق يرفع شعار "أنا أوبن ماينديد" وينفذه بحذافيره. هذا الفريق يترك عقله مفتوحًا بالكامل أمام أي فكرة، فتمر الأفكار مرورًا سريعًا قبل خروجها من عقل "الزبون" مرة أخرى. هذا الفريق صاحب العقول المفتوحة بالكامل هو فريق عقوله فارغة بالكامل. ليس لديه قدرة لا على تقييم الأمور ولا على اتخاذ قرارات رشيدة. ولذلك يغالي هذا الفريق في تبني الأفكار، ولكن لحسن الحظ لا يدوم هذا التبني كثيرًا لأنه "أوبن ماينديد"!

كما يوجد فريق "اليافطة"، وهذا الفريق على عكس الفريق الأول عقله ليس مفتوحًا بالكامل، هو يظن أن عقله "موارب" ولكن في الحقيقة عقله "مقفول بمفتاح ست تكات". فريق اليافطة لديه قناعات ويروج لقبوله لقناعات غيره، ولكنه في كل اختبار لقبول التعايش مع هذا الغير يقف الباب المغلق بالمفتاح "الست تكات" عائقًا.

سنجد مثلًا الرجل الذي يروج لنفسه بأنه "أوبن ماينديد" ولا يمانع في الحرية الجنسية للفتيات، ولكنه في كل مرة يقابل فتاة لا تمانع في ممارسة حريتها الجنسية يستخدم أفكاره المحبوسة خلف الباب المغلق للحكم عليها بدلًا من استخدام عقله الذي يظنه مواربًا ويسمح بقبول الغير.

وربما في حالات، قد لا يجد هذا الرجل غضاضة في ممارسة الجنس مع تلك الفتاة من باب "إنهم الاثنان أوبن ماينديد" ولكنه سيتردد كثيرًا لو طلبت منه الزواج، لأن فكرة الزواج نائمة خلف الباب "أبو ست تكات". وتحت ذات اليافطة وخلف ذات الباب يعيش نقيض الشخص السابق، الرجل الذي يؤمن بالحرية الجنسية ويرفض التعامل مع مقيديها. فعلى الرغم من إيمانه بالحرية الشخصية، إلا إنه يمارس نوعًا من الازدواجية في رفضه قبول حق غيره في تقييد حريته بما يلائم معقداته.

كلا الفريقين ورغم أنهما يرفعان شعار "أنا أوبن ماينديد" إلا أنهما أبعد ما يكون عن هذا ال "أوبن ماينديد". فحتى تكون صاحب عقل متفتح بالفعل، يجب أولًا أن يكون لديك أفكار، تحلل بناء عليها المواقف ومن ثم تتخذ بناء على هذا التحليل القرارات. وبعد أن يكون لديك هذه الأفكار يمكنك أن تنفتح على غيرها، فتتبنى منه ما تريد وتطور من أفكارك كيفما استطعت. وقبل وبعد تطوير الأفكار يجب عليك قبول وجود غيرك واحترام الاختلاف دون تحويله لخلاف.

وتذكر أن "أنا أوبن ماينديد" لا تجعل منك مميزًا على غيرك. إذا شعرت في أي وقت من الأوقات بأنك مميزًا فاذهب وإبحث عن "مفتاح الباب المقفول بست تكات".