التوقيت الأربعاء، 15 مايو 2024
التوقيت 10:14 ص , بتوقيت القاهرة

The Intern - خبرة دي نيرو VS حضور آن هاثاواي

العالم سيصبح أفضل بالتأكيد إذا سار طبقا لقواعد الكاتبة والمخرجة الأمريكية نانسي مايرز. في عالمها الكوميدي الخفيف تمر كل المواقف بأثر نهائي لطيف على الشخصيات والمُتفرج، حتى إذا تضمنت الحبكة: طلاق - فصل من العمل - خيانة زوجية - انفصال الأبوين.. إلخ الأحداث التي يمر بها ملايين يوميا، ويصعب اعتبارها لطيفة.


مايرز صاحبة موهبة حقيقية في اختيار أبطالها، وعلى عكس أغلب الباقين، تمنح لكبار السن المساحة الرئيسة الأكبر عادة، مع مضمون مبهج عن الحياة والأمل في المستقبل أيا كان السن. قائمة أعمالها كمخرجة مؤخرا تتضمن نجوم مثل (ميل جيبسون - جاك نيكلسون - ديان كيتون - ميريل ستريب - اليك بالدوين - ستيف مارتن) في أفلام:
What Women Want 2000
Something's Gotta Give 2003
It's Complicated 2009


أقل حالاتها نجاحا نقديا كانت في The Holiday 2006 الذي تركت فيه تركيبتها، واختارت لأول مرة قصة بطاقم ممثلين شباب (كاميرون دياز - كيت وينسلت - جود لو - جاك بلاك). في فيلمها السادس الجديد المُتدرب The Intern تحافظ على التركيبة الأصلية، مع أحد الممثلين الكبار سنا ووزنا (روبرت دي نيرو).



العجوز الأرمل بين ويتيكر (دي نيرو) البالغ من العمر 70 سنة، ينضم كمُتدرب جديد إلى مؤسسة ناجحة لتسويق الملابس عبر الإنترنت، أنشأتها الشابة جولز أوستين (آن هاثاواى)، ووصلت بها إلى القمة سريعا خلال عام ونصف فقط. وبمرور الوقت يترك كلاهما أثرا على حياة الآخر.


ما يميز الفيلم نسبيا هو كونه (رومانتيك كوميدي) من حيث الإيقاع، بدون جزئية العلاقات الغرامية بين الطرفين. قد يكون الوصف الأدق للحالة هنا (فريندشيب كوميدي Friendship Comedy)!.. مايرز نجحت أيضا في شحن القصة بمضمون إيجابي قوي وناعم عن الأنثى العاملة، دون الطابع الخطابي الفج السخيف الذي يغلف أحيانا أي رسائل خاصة بعالم الفيمنست.


أغلب لمساتها الكوميدية جيدة كسيناريست، ومنها مثلا البطل الكلاسيكي الشكل والطابع، الذي يحاول الانفتاح سريعا على عالم جديد لم يتعود آلية (الانترنت والفيس بوك)، داخل مكتب يتحرك أفراده الشباب في إطار كاجوال من حيث المظهر وطريقة التعامل، لم يعتده طوال حياته.


بعض اللمسات القليلة الأخرى مصطنعة وخارج السياق، ومتناقضة نسبيا مع طبيعة الشخصيات، ومنها مثلا مشهد اقتحام لمنزل. لكن سرعة الإيقاع وجودة التنفيذ والأثر الكوميدي القوي للمشهد، عناصر كافية لتمريره والاستمتاع به وبغيره. 



الحس اللطيف للمخرجة يمتد أيضا لاختياراتها بخصوص مواقع التصوير والديكورات. في الفيلم مشاهد لطيفة جدا لشوارع نيويورك، وستتركك الصورة باستمرار مع مكان مريح جدا للأعصاب تتمنى التواجد فيه، سواء في العمل أو المنزل أو حتى داخل صالون سيارة. 


كل مكتب يظهر في الفيلم سترغب بالجلوس عليه. كل فراش ومخدة سيغريانك بالرغبة في الاسترخاء والنوم!.. وإذا كان كل هذا لا يكفيك كمتفرج، فستجد أيضا مشاهد لطيفة للجميلة رينيه روسو، وهي تقدم مساج يبعث على الراحة!.. وإن كانت (راحة) المساج تختلف من مشهد لآخر! 


يظل الفيلم مدين بالكثير لبطليه. الجميلة آن هاثاواى تعود لنوعيتها الخفيفة المفضلة بعد محاولات لتغيير جلدها مؤخرا في أفلام مثل Interstellar - Les Misérables وتلعب هنا دور المرأة القوية صاحبة الطموح، دون أن تمحو طابعها الأنثوي الرقيق، بشكل يكسر التعارض الوهمي بين الصفتين، الذي يؤمن به ملايين. 


اقرأ أيضا: لماذا أصبح Interstellar الأول في مصر 2014 رغم كونه العاشر عالميا؟


دي نيرو زار سابقا منطقة الكوميديا عشرات المرات، سواء مع المخرج سكورسيزي في The King of Comedy مثلا، أو في أعمال أخرى أكثر وضوحا في هذه الجزئية:
Midnight Run 1988 
Analyze This 1998 
Meet the Parents 1999 



في أغلب الأعمال الكوميدية السابقة، تم توظيفه للعب على وتر ترابط الدور الكوميدي مع دور آخر جاد معروف في تاريخه. كمثال Analyze This ينجح ككوميديا، بفضل الترابط الإجباري في أذهان المتفرج بين الدور، وبين أدواره السابقة المتعلقة بعالم المافيا في أفلام جادة.


دوره هنا غير مُرتبط بتاريخه، ويثبت فيه من جديد أن 72 عاما من العمر لم تكفِ بعد لإفراغ كل ما في جعبته كممثل. المسألة فقط تتعلق باختيارات وفرص أفضل، وهي نقطة صعبة في عمره حاليا. على كل سنراه قريبا في فيلم أهم وهو Joy مع المخرج ديفيد راسل، الذي انتزع معه مؤخرا ترشيح لأوسكار أفضل ممثل مساعد عن Silver Linings Playbook 2012.
  
اقرأ أيضا: 10 أدوار خالدة لـ"روبرت دي نيرو"


The Intern يفتقد إلى الفكرة الجذابة التي جعلت من What Women Want عملا كلاسيكيا مبهجا. يفتقد أيضا لعنصر المفاجأة الذي ميز نسبيا أدوار الأبطال في Something's Gotta Give. ويصعب ترجيحه للمشاهدة مع وجود فيلم خفيف عظيم حاليا مثل The Walk لكن كعادة أفلام نانسي مايرز اللطيفة، لا يفتقد نهائيا إلى عنصر التسلية.



باختصار: 
فيلم آخر من المخرجة نانسي مايرز غير مهم أو استثنائي للدرجة، ولن يفقد الكثير من رونقه إذا قررت مشاهدته لاحقا في المنزل. بل وربما سيصبح أكثر تسلية وراحة وانسجاما مع أجواء الأريكة والفراش!.. لكن جاذبية وحضور أبطاله، ولطف أجوائه ككل، كفيلان بضمه إلى قائمة الأفلام المسلية المعروضة حاليا. 


اقرأ أيضا: أهم 10 أفلام أمريكية في أكتوبر


لمتابعة الكاتب على الفيس بوك