التوقيت الثلاثاء، 23 أبريل 2024
التوقيت 11:01 م , بتوقيت القاهرة

هؤلاء يحكمون قطر

مخطئ مَنْ يتصور أن تميم بن حمد هو الحاكم الأوحد لقطر. الأمير «الصغير» بدا وكأنه «عروسة ماريونت» هناك مَنْ يحركها من خلف الستار. والأزمة القطرية التي تسبب فيها تنظيم الحمدين، كشفت عن الأطراف المتصارعة في الإمارة الخليجية الصغيرة.


منذ نشوب الأزمة في الخامس من يونيو الماضي، وأدت إلى قطع عدد من الدول العربية والإسلامية علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة، ونحن نقرأ ونسمع ونشاهد تصريحات متضاربة، تصدر من داخل الدوحة. أصوات «عاقلة» تريد «التهدئة»، وأصوات أخرى «موتورة» ترى أن «التصعيد» يخدم أهدافها الشيطانية.. فمن يحكم قطر؟ ومَنْ يتخذ القرارات المصيرية؟ ومَنْ بيده دفة الأمور في الدوحة؟ أسئلة باتت الإجابة عنها واضحة وضوح كذب تنظيم الحمدين. فكل الدلائل والبراهين تشير إلى أن الإمارة المارقة عن الصف العربي تتحكم فيها أجهزة استخبارات غربية وإقليمية، وتستخدم «تميم بن حمد» كواجهة لتمرير أجندتها، وتنفيذ التعليمات الواردة إليه من الداخل والخارج.


ففي الوقت الذي أبدى فيه الأمير «الصغير» ميله إلى الاستجابة إلى المطالب الـ13 التي اشترطتها الدول الأربع الداعية إلى مكافحة الإرهاب، وجدنا بعض المسؤولين القطريين يطلقون تصريحات «عنترية»، ووجدنا الإعلام القطري، متمثلًا في قناة «الجزيرة» ووكالة الأنباء الرسمية، يعملان على إشعال الأزمة، ونشر الأكاذيب عن الدول الأربع، ووتحريف تصريحات الزعماء العرب، والإساءة إليهم. الاستخبارات الفرنسية، وموقع «انتليجانس أون لاين»، كشفا أن حاكم قطر السابق، حمد بن خليفة، هو الذي يدير دفة الحكم في الإمارة، بعد أن عجز ابنه عن حل الأزمة الراهنة، وأن الأمير «الأب» يستعين برئيس وزرائه «حمد بن جاسم» لتحريك الأمور من وراء حجاب.


وهناك محللون يرون أن الإمارة الخليجية الصغيرة يحكمها أطراف متنازعة، وغير متفقة على هدف واحد، ويؤثرون على المشهد السياسي في الدوحة؛ مستشهدين بالتناقض الحاد في عدد من المواقف، مثل الإعلان عن كلمة لـ«تميم»، وإلغائها بعد دقائق. وبالإضافة إلى تحكم الاستخبارات الغربية والإقليمية في قرارات الدوحة، فهناك تيارات لا يمكن إغفالها عند الحديث عن «صناعة القرار» في قطر. فهناك «التيار الليبرالي» الذي يتزعمه عضو الكنيست الإسرائيلي السابق «عزمي بشارة» الذي باع وطنه وارتمى في أحضان اليهود. ويلعب «عزمي بشارة» دورًا معقدًا في قطر، إذ يعمل مستشارًا للديوان الأميري، ويقدم استشاراته للإعلام القطري، ويدير مركزًا بحثيًا ممولًا من تنظيم الحمدين، واستضاف أشخاص وجهت لهم تهم الإرهاب، ويعتبره البعض متحدثًا باسم قطر، أو الحاكم بأمره فيها. ويعمل الآن على تأجيج الصراع بين الأشقاء العرب، خاصة مع مصر والسعودية بسبب موقفهما من جماعة الإخوان الإرهابية.


ولا يمكن إغفال «التيار الديني» الذي يقوده «مفتي الدم»، يوسف القرضاوي. فمع اندلاع الأزمة القطرية، نظم «تميم» إفطارًا جماعيًا لعدد من قيادات التيار الديني المتشدد في قطر، وعلى رأسهم القرضاوي، الذي حرص الأمير على تقبيل رأسه، والتقاط الصور وهو يجلس بالقرب منه، ويتبادل الحديث معه. وبعدها بأربعة أيام فقط، أصدرت الدول الأربع قائمة بأسماء الشخصيات والمنظمات الإرهابية التي تستهدف زعزعة أمنها واستقرارها، وجاء القرضاوي والإخوان على رأس القائمة.


كذلك يجب عدم إخراج والدة تميم، «موزة المسند»، من دائرة الصراع السياسي في قطر، ولا الاستهانة بنفوذها وشبكة علاقاتها القوية، وإمساكها بمقاليد الأمور في الدوحة. فالبعض يرى أنها كانت هي التي تدير زوجها، الأمير السابق، وأنها مستمرة في إدارة ابنها تميم، وتوجيهه، وتساعده في اتخاذ القرارات المصيرية.


وفي ظل ابتعاد قطر عن محيطها الخليجي والعربي، ارتمت الدوحة في أحضان الدولة الفارسية، وبات نظام الملالي لاعبًا أسياسيًا، ومحركًا لكثير من الأمور في الإمارة الخليجية. ولا يغيب عن الأذهان الدور التركي المتنامي في الدوحة، واستعانة تنظيم الحمدين بقوات تركية لحماية عرشه، وحمايته من أي تهديدات محتملة. باختصار.. قطر لم تعد دولة ذات سيادة، بل تحولت إلى مستعمرة، وقواعد عسكرية لدول أجنبية، وأرضًا خصبة للمرتزقة والمنظمات والكيانات الإرهابية.. وكل هؤلاء الفرقاء المتنازعين على السلطة، من الممكن أن يفسر تضارب السياسة القطرية، ومَنْ يدير دفة الحكم فيها.