رجلان يتبارزان بالعصى على دقات الطبل وأنغام المزمار والربابة، أعمارهما تتجاوز الخمسين عامًا يلتف حولهما العديد من المشجعين ينتظرون اللحظة التي يستطيع أحدهما إسقاط العصا من يد الآخر ليصبح فائزا.

على بُعد أمتار من ساحة مسجد السلطان الفرغل بمركز أبوتيج في أسيوط، تقام العروض لفن التحطيب، إذ يعد مشهداً متكرراً يومياً خلال فعاليات مولد العارف بالله سيدي أحمد الفرغل " سلطان الصعيد".

مازالت لعبة "التحطيب" تسيطر علي الكثير من أبناء الصعيد، ضمن العادات والتقاليد الموروثة عن الأجداد والتي ترتبط بالعاب المنافسات الفردية التي تبرز فروسية اللاعبين الذين يقطعون المسافات البعيدة لممارسة لبعتهم المفضلة في المناسبات الدينية والشعبية والأفراح.

أحمد محمود، أحد الهواة للعبة "التحطيب" بمركز ومدينة أبوتيج في أسيوط، قال لـ"دوت مصر" إنه توارث اللعبة عن والده وأجداده حيث كان التحطيب هو وسيلة للدفاع عن النفس قديما ولكنه أصبح الآن من التراث الشعبي ومن أهم أشكال الفلكلور المصري، خاصة في محافظات الصعيد التي تعتبر التحطيب من مميزات العائلات الكبرى ولا يجوز انتشارها بين عامة الناس، إذ تعد من أشكال التفاخر للأسر التي يجيد أفرادها التحطيب لأنها تعبر عن الشهامة والرجولة معا.

ويضيف"محمود": يطلق على عصا التحطيب ألقاب عدة أشهرها "غية الرجال" و "عصاية المحبة" وهي مبارزة بالعصي في حركات استعراضية علي أنغام الربابة كأحد الفنون الشعبية التي لا تحمل أي مظاهر للعنف بل تعتمد علي المهارة والشجاعة وقوة التدريب علي المبارزة والاحترام، ولا يشترط  عمر  ولا وزن ولا طول معين للاعب التحطيب في ردّ وإصدار الضربات .

‏وأوضح "علي أحمد" أحد الهواة  لفن التحطيب، يجب على اللاعب أن يكون مرتديا الجلباب والعمة أو الشال كزي الرسمي لعبة التحطيب، بعدها يقوم اللاعبين بإلقاء التحية ثم يبدأ اللاعبان في الدوران بشكل دائري حول بعضهما ثم تبدأ المبارزة وجس شجاعة الآخر حيث يتم فيها وضع أو تطويع عصا كل لاعب فوق عصا خصمه؛ مشيرا إلي إقبال الشباب علي لعبة التحطيب كوسيلة للتفاخر أما الأصدقاء أو كوسيلة للدفاع عن النفس، و هناك آباء يقومون بتعليم أطفالهم علي لعبة التحطيب.

يذكر أن السلطان الفرغل، هو محمد بن أحمد الشهير بالسلطان الفرغل، ولد في القرن التاسع الهجري بقرية بني سميع التابعة لمدينة أبوتيج بمحافظة أسيوط، وعمل منذ صباه برعي الغنم والزراعة، وعُرف بالتقوى والورع، ولقب بسلطان الصعيد، ينتهي نسبه إلى آل بيت سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتوفي سنة 850 هـ، وخاله هو العارف بالله الشيخ علي الفيل، أحد أولياء الله الصالحين وله ضريح بقرية بني سميع بمدينة أبوتيج.

ويقع ضريح ومسجد السلطان الفرغل، بوسط مدينة أبوتيج من الناحية الشرقية بالقرب من النيل، ويحتفل أهالي مدينة أبوتيج بمولد "السلطان الفرغل" في منتصف شهر يوليو من كل عام، تختتم بليلة احتفالات عظيمة، وتنتهي بجولة لهيكل السلطان الفرغل على جمل ويسير خلفه معظم مشايخ قرى ومدينة أبوتيج في موكب مهيب على الجمال، ويطوف جميع شوارع المدينة ثم يعود إلى الضريح بمسجد السلطان الفرغل.