التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 01:39 ص , بتوقيت القاهرة

"المضادات الحيوية".. أحدث الطرق إلى الموت

"أنا ابني مماتش النهاردة يا دكتور، ابني مات في كل مرة كنت بستستهل وأديله مضاد حيوي"


كلمات قالها أبٌ تسبب سوء استخدامه للمضادات الحيوية في وفاة ابنه، ذو الست سنوات، بعد تعرضه لالتهاب رئوي وارتفاع في درجات الحرارة لم تفلح أي أدوية في خفضها.


ذهب الوالد إلى ثلاثة أطباء، وقام الأخير بتحويله إلى إحدى المستشفيات، التي قامت بعمل مزرعة وتحليل دم لتكون النتيجة صادمة ومرعبة، "جهاز المناعة لدى الطفل مقاوم لجميع المضادات الحيوية، وأصبح موت الطفل مؤكدًا بنسبة كبيرة".


لم تفلح مع الطفل أي أدوية، لينتقل إلى جوار ربه، بعد مرور أسبوع، نتيجة لاستسهال الأهل في إعطائه مضادات حيوية في أي وعكة صحية يتعرض لها دون الرجوع للطبيب.


مزرعة الطفل


ويقول الدكتور حسام مصطفى، أخصائي الطب الوقائي، "سوء استخدام المضادات الحيوية ينذر بكارثة حقيقة، فهناك حالات لا تحتاج إلى مضادات حيوية، ولكن يقوم الأب والأم بإعطاء الطفل الدواء السريع، طمعًا في شفاء عاجل، كما يتم أخذه بشكل خاطئ، فالمضاد الحيوي يجب أن يؤخذ باستمرار حتى انتهاء الشراب أو الأقراص، لكن ما يحدث هو إعطائه للمريض لمدة يومين، ثم منعه في بداية الشعور بتحسن.


Screenshot_1


وأكد مصطفى، أنه في حالة عدم ظهور تحسن بعد 48 ساعة من اخذ المريض للمضاد الحيوي، يجب إجراء تحاليل ومزرعة دم للتشخيص الصحيح.


أمّا بيتر رمسيس، أخصائي طب اللأسرة، قال: "تكمن المشكلة الأكبر إن أغلب العدوى في مصر تكون مختلطة، أي يكون المرض فيروسي ولا يحتاج لمضاد حيوي، لكن بسبب البيئة المحيطة وقلة الوعي والنظافة، تحدث عدوى بكتيرية".


وأضاف في تصريحات خاصة لـ"دوت مصر": "هذا ما يجعل الطبيب المعالج يلجأ إلى المضاد الحيوي دائمًا، لأنه أسهل وأسرع طرق الشفاء، لكن مع الوقت أصبح نوعًا من "الاستسهال" وهو ما جعل البكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية، خاصة البكتيريا التي توجد في المستشفيات، وهذا يسبب خطورة على حالة المريض وقد يصل إلى الموت".


وحذّرت منظمة الصحة العالمية، من أن العالم يتجه نحو حقبة ما بعد المضادات الحيوية، والتي من الممكن أن تؤدي الأمراض المعدية الشائعة والبسيطة إلى الوفاة، لأن المضادات الحيوية ستصبح أقل فاعلية في قتل عدوى البكتيريا وهو ما يعرف في مجال الصحة باسم مقاومة المضادات الحيوية.


وتتزايد وتيرة تفاقُم مقاومة المضادات الحيوية، جراء زيادة جرعات استخدام المضادات الحيوية أو انخفاضها أو سوء استخدامها في المجموعات البشرية والحيوانية.


وهذه البكتيريا المتحوّلة قد تصيب الإنسان والحيوان على السواء، ويكون علاج الأمراض المعدية الناجمة عنها أصعب من علاج الأمراض الناتجة عن بكتيريا غير مقاوِمة، وتتزايد معدلات مقاومة المضادات الحيوية لمستويات عالية على نحو ينذر بالخطر.



وهناك قائمة متزايدة من الأمراض المعدية، مثل الالتهاب الرئوي والسل وأمراض الدم وداء السيلان، تتزايد صعوبة علاجها، كما تصبح تدخلات مثل عمليات زرع الأعضاء والعلاج الكيميائي والعمليات الجراحية مثل الولادة القيصرية أخطر، نظرًا لانخفاض فاعلية المضادات الحيوية.


كما ان مقاومة المضادات الحيوية تزيد حجم التكاليف الطبية وتطيل فترات الإقامة في المستشفيات، كما أنها تزيد من التعرض لخطر الوفاة، فضلًا عن أنها تهدد ما حققه الطب الحديث من إنجازات.