التوقيت الثلاثاء، 16 أبريل 2024
التوقيت 08:51 م , بتوقيت القاهرة

تباين أداء وزارة الإسكان

درجت السياسات المصرية على أن تكون كافة وحدات الإسكان التى تطرحها الحكومة، هي وحدات مدعومة وموجهة لفئة محدودي الدخل، خاصة مع انطلاق المشروع القومي للإسكان المعروف باسم "مشروع مبارك لإسكان الشباب".


لكن مفهوما جديدا بدى واضحا في مشروعات الإسكان التي تقوم الدولة بتنفيذها خلال الأعوام الماضية.


هذا المفهوم الجديد جاء بعد أن وجه به الرئيس عبد الفتاح السيسى في أكثر من مناسبة بأن تطرح وزارة الإسكان برامج تلائم كل الفئات المجتمعية انطلاقا من حق كافة المواطنين في سكن ملائم وآدمي، وبهدف تحقيق الانضباط في سوق العقارات، والسيطرة على المبالغة فى أسعار الوحدات، مع محاولات جادة للحد من قنبلة العشوائيات والبناء المخالف التي تهدد حياة ملايين المواطنين وتفاقم من الأزمة.


تنوعت برامج وزارة الإسكان لتستهدف الشرائح المجتمعية المختلفة حسب قدرتها الاقتصادية، وبذلك أصبح متاحا للطبقات المجتمعية المختلفة التقدم للحصول على وحدة سكنية مناسبة، وذلك للحد من التحايلات التي كان يقوم بها البعض فى مفردات الدخل واللجوء لأساليب غير قانونية، فقدمت الحكومة الوحدات السكنية بسعر التكلفة للمواطنين للشريحة الأولى بالرعاية بعد أن وجهت الدعم للأسر المستحقة فقط.


ولا شك أن هذه السياسات قد حققت مكاسب كثيرة أهمها الارتقاء بالسكن، وتغيير ثقافة المجتمع تجاهه مع بدء تفكيك معضلة العشوائيات والبناء على الأراضي الزراعية والتي تفاقمت في السنوات الأخيرة وما يستتبعها من تخفيف الضغط على المرافق والخدمات داخل المدن القديمة، وتقديم بديل أكثر تنظيما في المناطق الجديدة.


كل هذه الخطوات تصب في مصلحة دعم فكرة الانتشار الأفقي والتكتل السكاني المرتكز حول وادي النيل، الأمر الذي يساعد في فتح أفق جديد من النشاطات التجارية والصناعية في هذه المناطق الجديدة.


الحقيقة أن خروج وزارة الإسكان من الدائرة الضيقة لاستهداف الطبقات محدودة الدخل أمر إيجابي، لكن يظل هناك عدد من الملاحظات حول مشروعات وزارة الإسكان، أهمها على الإطلاق أن الوزارة انصاعت بالكامل في سياسة تسعير الأراضي والوحدات غير المدعومة لأزمات السوق العقاري المختل، وبدلا من أن تسهم كثرة المعروض في خفض الأسعار، فاقمت الأزمة، وجعلت من الوزارة منافسا لشركات العقارات لا داعما لهذا القطاع الحيوي والهام للاقتصاد المصري، بعد أن ساهمت تسعيرة الوحدات في مشروعات الإسكان المتوسط والفاخر في رفع أسعار الأراضي والوحدات في القطاع الخاص، بدلا من أن تسهم في خفضها والسيطرة على سوق العقارات الذي يغيب عنه المنطق.


لم ترهق هذه الأسعار المستثمر أو شركات المقاولات، بل أرهقت المواطن العادي بشكل مباشر بعد أن تكبد زيادات فاقت في بعض حالتها نسبة الـ200% خلال ثلاث سنوات، وإذا حيّدنا منها عوامل الزيادة الطبيعية الناتجة عن القرارات الاقتصادية التصحيحية التي قامت بإتخاذها والتي منها تحرير سعر الصرف فإن ما يقرب من نصف الزيادة في ثمن الوحدات يعود الفضل فيه كاملا لوزارة الإسكان.


ومن ناحية أخرى نجد أن مشروع دار مصر الذى بدأ بوعود براقة قد انتهى أغلب حاجزيه إلى خيبة أمل كبيرة، والاكتفاء بمطلب التسليم الذي تأخر عامين، بعد أن عانى المشروع إهمالا جسيما بسبب تراخي وتضارب سياسات الوزارة حياله، ناهيك عن أن المشروع لم يقدم الشكل المختلف للسكن والذي سبق ووعد به.


وعلى الرغم لما يوليه المجتمع المصري لقضية الإسكان، وما تم تحقيقه من إنجازات يعود الفضل الأول فيها لتوجيهات السيد الرئيس الذي يولى اهتماما كبيرا لهذا الحق الدستوري، فإننا نجد أن وزارة الإسكان يتباين أداؤها، ما بين الصعود والنجاح والهبوط والقصور، الذي ربما قد يتسبب استمرار هذا التذبذب في آثار جسيمة على السوق العقاري والصناعات المرتبطة به.