التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 11:09 ص , بتوقيت القاهرة

أشهرهم حليم وزكي وناهد شريف.. من "شؤم اليُتم" إلى نجومية لن تنساها الجماهير

يوجد عدد كبير من النجوم الذين عاشوا دون آبائهم أو أمهاتهم، ولكنهم تغلبوا على هذه الصعاب، وأصبحوا من أنجح الفنانين في الوسط الفني حاليًا، وبعضهم أصبح تاريخًا في السينما والتلفزيون، ولكن يمكن تلخيص معاني الوحدة في اللقب الحزين "اليتيم"، الذي يتّسع ليشمل العديد منهم، أبرزهم الراحل عبدالحليم حافظ الذي توفيت والدته بعد ولادته بأيام، وأيضًا الفنان إسماعيل ياسين، الذي توفيت والدته منذ طفولته وعاش حياة قاسية وناهد الشريف حتى غادة عادل التي صدمت بعد ما علمت بأن التي ربتها ليست والدتها.


هل يمنح لقب "يتيم" الفنان سحرًا خاصًا؟ التاريخ يقول نعم، فجزء كبير من تعاطف الجمهور مع حليم كان مصدره قصة يُتمه، ورواج القصة المفبركة عن إيداعه دارًا للأيتام، ولكن الأهم أن اليُتم يمنح صاحبه شجناً خاصًّا لا يمكن تصنُعه، ويترك أثرًا في القلب، يمكنك أن تلمسه بإحساس "حليم" في أغانيه، ونظرة عين أحمد زكي التي لا تنسى، وابتسامة خالد صالح "المنكسرة" ، ولمسة محمد عبده الشجيّة على أوتار العود، وبراءة الوجه الحزين التي لم تفارق نور الشريف، حتى وهو يقدّم أروع مشاهد الشر.


ناهد الشريف


وكانت من ضمن الفنانات اللاتي عاشن بلقب "يتيم"، ناهد شريف، التي توفي والدها عندما بلغت 14 عامًا، وتوفيت والدتها في زفاف أختها، حيث لزمتها المصائب منذ بداية حياتها، ولدت عام 1942، وتعرضت لصدمة أخرى حين توفى والدها وعمرها لا يتجاوز 14 عاما.


عاشت حياتها يتيمة الأبوين، ما أصابها بالحزن والاكتئاب الشديد، لكنها استطاعت أن تتغلب على الحزن منذ دخولها المجال الفنى، بخاصة عندما اقتربت من المخرج حسين حلمى، ووقع فى غرامها وتزوجها رغم فارق السن الكبير بينهما، ومنح لها فرصة فأخرج لها أفلام "صبيان وبنات" و"تحت سماء" و"أنا وبناتى"، فتفوقت فى أدوارها وحجزت لنفسها مكانة متميزة فى عيون الجمهور.


ناهد شريف


إسماعيل ياسين


توضح حياة الشقاء التي عاشها إسماعيل ياسين مع والدته قبل أن تداهمها الأمراض، بسبب خلافها الدائم مع والد اسماعيل ليؤمّن لها مصروف البيت، ولكن عبثاً، فقد كان يتركها دون أن يسأل عنها.. إلى أن جاء اليوم الذى تشاجرت فيه مع زوجها واحتدا، وقبل أن يترك البيت وقعت على الأرض، وحين وضع رأسه على صدرها لم يسمع نبضاً، وخرج، وتجمّع الناس، وعلموا أن الزوجة المسكينة ماتت بالسكتة القلبية.

حزن والد إسماعيل على وفاة زوجته كثيرًا، ربما لأنه أدرك أنه السبب في ذلك، وكانت الأم على الأقل ترعى شؤون الصغير الوحيد إسماعيل، وأدى هذا به إلى أن يهمل الورشة، ثم أن يبيع ما فيها، وحين لم يتبق شيء منها اضطر لأن يعمل عند زميل له عطف عليه وأشفق على وضعه بعد أن وجده تحطّم تماماً، ولم يعد يجد ما يسد به رمقه ورمق صغيره.

ترك والد إسماعيل ياسين ابنه لجدته لأمه ترعاه، الجدة القاسية التى كانت تأخذ ثأر ابنتها التى توفيت من والد إسماعيل، عن طريق إهمال الصغير، كانت تنتقم منه وتذيقه صنوفاً من الإهمال والعذاب، فأصبح إسماعيل في حياته الأولى يتيم الأم ومحروماً من حنان الأب، ويعاني من هذه الجدة القاسية التى كانت حياته معها سلسلة من الآلام والعذاب، ولم يكن الأب يعرف شيئاً عن تعاسة ابنه، فقد كان مشغولاً بحياته، ولم يكن يعرف بالطبع أن الجدة كانت لا تطعم الطفل، وتضع له كل يوم وجبة واحدة عبارة عن رغيف واحد بالسمن والسكر.


اسماعيل ياسين


العندليب


والمفاجأة أن أولهم وأشهرهم العندليب عبد الحليم حافظ، الذي راجت عنه قصة إيداعه الملجأ، بسبب اعتباره "فال شؤم"، بعد وفاة والدته أثناء ولادته ورحيل والده، قبل أن يُتمّ الصغير عامه الأول، والحقيقة أنّه ولد في قرية الحلوات التابعة لمركز الإبراهيميّة محافظة الشرقية، وهو الإبن الأصغر بين أربعة إخوة هم: "إسماعيل ومحمد وعليّة".


توفيت والدته بعد ولادته بأيام، وقبل أن يُتمّ عبد الحليم عامه الأول، توفي والده، ليعيش اليُتم من جهة الأب، كما عاشه من جهة الأم من قبل، ليعيش بعدها في بيت خاله الحاج متولي عماشة، وكان يتردد إلى دار للأيتام داخل قريته، لأنّها الوحيدة التي تمتلك آلات موسيقيّة، وهناك تعلم مبادىء الموسيقى وفنون الغناء، وللمصادفة، كان الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم نزيلًا بالدار نفسه.


العندليب عبد الحليم حافظ


محمد عبده


فنان العرب محمد عبده، مرّ هو الآخر بتجربة اليتم، والإنتقال لدار رعاية الأيتام، فبعدما ولد 12 يونيو 1949 في الدرب، وهي مدينة تابعة لمنطقة جازان، توفي والده وعمره ثلاث سنوات، وتمّ إيداعه بدار الأيتام بمنحة من الملك فيصل، والتحق بالمعهد الصناعيّ الثانوي بجدّة، وحصل على دبلوم في صناعة السفن، كما عمل في بداية حياته بالبريد، وبالوقت نفسه، عرف الطريق لبرنامج الأطفال "بابا عباس" في إذاعة جدّة عام1960 وعمل كمردّد كورس في قسم الموسيقى، حتى اكتشفه الإعلاميّ والدبلوماسيّ الشهير "عباس فائق غزاوي"، وبارك هذا الاكتشاف، الشاعر والأديب السعودي الراحل "طاهر زمخشري"، وتبنّاه الملحن عمر كمدرس عام 1960 وكانت أغنية "سكبت دموع عيني" هي أغنية البداية، بالإضافة إلى أغنية "أعلّل قلبي" عام1961، ولحّن أول عمل من تأليفه "خلاص ضاعت أمانينا" وهو في الثانية عشرة من عمره 1962م، من إنتاج توزيعات الشرق.


محمد عبده


رولا سعد


وصف "المأساة الكاملة" ينطبق على النجمة اللبنانيّة رولا سعد، التي عرفت اليُتم قبل أن تتجاوز الشهر الخامس من عمرها، بوفاة والدها، وبعد سنة ونصف السنة، هجرتها والدتها هي وإخوانها "زينة"، و"ماري روز"، و"جورج" ، من أجل الزواج، وتمّ إيداع رولا ، ديرًا للراهبات، حتى وصل عمرها ستة عشر عامًا، ثمّ عاشت مع جدتها وعمها، وأول احتكاك لها بالفنون، كان من خلال افتتاحها لوكالة أزياء جورجيو، بالمشاركة مع إخوتها، ثم عملت عارضة أزياء وموديل، وظهرت في تصوير بعض الأغاني، مثل فيديو كليب "حيّروني" لصابر الرباعي، وبعدها حصلت على دور صغير في مسلسل "الكنز والفصول الأربعة" و شاهدها الموسيقار فؤاد عواد، وأُعجب بصوتها، ونصحها بتقوية موهبتها الغنائيّة، وبعدها التقت رولا بالمنتج الشهير محسن جابر، الذي أصدر لها أول ألبوم، وعنوانه "على ده الحال"، واشتهرت بعد أن غنّت أغنية "يانا يانا" مع الراحلة صباح.


رولا سعد


أحمد ذكي


الفتى الأسمر "أحمد زكي"، يشارك العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ الكثير من تفاصيل الطفولة، فكلاهما من مواليد محافظة الشرقيّة، وكلاهما فقد والده بالوفاة قبل أن يتمّ عامه الأول، والفارق الوحيد أنّ والدة أحمد زكي لم تمت أثناء ولادته، ولكنّها اختفت من حياته بعدما قررت الزواج، وتركت الصغير لجده الذي تولى تربيته ورعايته، وكان مقدرًا له الحصول على تعليم صناعي قصير، حتى يعول نفسه بسرعة، ولكن موهبته التمثيلية أجبرت المعهد العالي للفنون المسرحية على غير قواعد قبول الطلاب، وسمح له بالتقدّم للإختبارات، ونجح في الإنتقال لمدينة القاهرة، ليبدأ طريق العمل والمذاكرة، ونجح بالفعل في تحقيق المركز الأول على دفعته بالمعهد، كما انضم لفرقة الفنانين المتحدين. 


أحمد ذكي


نور الشريف


تيتم الفنان الكبير الراحل نور الشريف مرتين، قبل أن يبلغ عامه السابع، فهو لم يرى والده، ولا يتذكر ملامحه، لأنّه توفي قبل أن يبلغ الصغير عامه الأول، وتركته والدته ورحلت من أجل الزواج برجل آخر، وتكفّل برعايته هو وشقيقته، عمّه الذي توفي هو الأخر بعد سنوات قليلة، وتحمّل بعدها عمه الثاني رعايته بمنزله في حي السيدة زينب، ويتذكر نور مشاعره في هذه الأيام بحوار مطول، عن سيرته الذاتيّة قائلًا: "في طفولتي حُرمت من عطف الأب، وكنت شديد الحاجة الى حنان الأم، وقد تأثرت جدًّا لزواج والدتي وابتعادها عنّي، وكنت بدافع من أنانيتي الطفولية، أوجه إليها اللوم الشديد، ولكن بعد أن كبرت، وجدت لها العذر، وأدركت أنه ليس عدلًا أن تنتهي حياة أي شابة، إذا ما خسرت زوجها بالموت أو الطلاق".
نور الشريف


خالد صالح


الفنان الكبير الراحل خالد صالح، لم ينشأ بدار رعاية أيتام مثل النجوم السابقين، ولكنّه مثلهم عرف بيُتم الأبوين باكرًا، حيث توفيت والدته أثناء ولادته، وتوفي والده بعدها بسنوات قليلة، وتولى رعايته شقيقه "إنسان" الذي توفي منذ ما يقرب الأربع سنوات بمرض القلب، الذي مات به خالد صالح، وروى خالد نفسه أنّه كان زميلًا بفرقة المسرح بكليّة الحقوق مع خالد الصاوي، ومحمد هنيدي، وعلاء وليّ الدين، ولكنّه فضّل العمل بالمحاماة، والسفر للعمل في الخليج، بحثًا عن ثروة سريعة خوفًا من تعرّض أولاده للمصير نفسه.


خالد صالح


غادة عادل


كانت أخرهم النجمة غادة عادل، صاحبة أغرب قصة يُتم من بين نجمات الفن، فقد فقدت والدتها قبل أن تتجاوز عامها الثاني، وتزوج والدها سريعًا من سيدة أخرى، وظلت غادة تظنها والدتها الحقيقية، بخاصة وأن الأسرة كانت تقيم بمدينة بنى غازي في ليبيا، ولا توجد عائلة أو جيران يروون لها الحقيقة، حتى تعرفت على التفاصيل كاملة، بعد العودة للقاهرة أثناء استخراج أوراق رسمية.
غادة عادل