التوقيت الجمعة، 19 أبريل 2024
التوقيت 09:40 م , بتوقيت القاهرة

صناعة الوعي

يجب أن يقف صناع السينما ونجومها ومنتجيها طويلا أمام هذا الموسم السينمائى، وأن يعيدوا التفكير فى مستقبل هذه الصناعة، إذ أن هذا الموسم من المتوقع أن يعكس توجهات جديدة مختلفة فى رغبات الجمهور وتفضيلاته، ذلك على الرغم من التخوفات التي يحملها البعض من أن تؤثر الحالة الاقتصادية على الإقبال على دور العرض، إلا أن الواضح أن بداية هذا الموسم تنبئ ببداية تعافى صناعة السينما المصرية من جديد، وفي إشارة واضحة إلى تعافى الاقتصاد المصرى بصفة عامة، فمن المعروف أن صناعات الترفيه لا تزدهر إلا فى أجواء مستقرة أمنيا، واقتصاديا، نظرا لأنها سلع ترفيهية وليست أساسية وبالتالي عادة ما تكون الضحية الأولى فى حالات التقشف الضرورى.


لكن يبدو أن قطاعا جديدا قد انضم إلى جمهور السينما ليحييها بعد سنوات من الاختناق نتيجة القلاقل السياسية، بسبب رهان صناع هذا الموسم رهانا جديد وتقديم فئة من الأفلام مختلفة عن تلك التى اعتادها معظمهم.


والحقيقة إننا هنا لسنا بصدد مناقشة مضمون كل فيلم على حدى، نجاحاته وإخفاقاته، بل هى محاولة لرصد تغيير بادى فى المناخ العام لهذا الفن كمشاهدين ومراقبين، إذ أن مقارنة بسيطة بين هذا الموسم السينمائى وبين المواسم الماضية التى خلى بعضها من الأسماء الكبيرة تماما، بل وخلى بعضها من عمل فنى واحد يتسم بالنضج ويحتوي على مضمون ويعطي رسالة مكتملة الجوانب، وانحسرت دوائر الانتاج فيها بين المتوسط والصغير بإستثناء فيلم أو اثنين على الأكثر يكونا هما فيلما الموسم ويتقاسما الإيرادات، فى مقابل خمسة أفلام تم طرحها في بداية هذا الموسم السينمائى متنوعة الإتجاهات والأفكار، ناهيك عن الانتاج الضخم لبعضها، ولا شك أن الموسم ما زال في بدايته وينتظر أن يحمل الكثير.


هذه المقارنة تؤكد حقيقة واحدة، وهى أن السنيما المصرية في طريقها إلى أن تتعافى من أزماتها حيث أكدت بداية الموسم إلى أن الجمهور له رأى آخر وأنه قد مل من الخلطات السهلة التي تم تصديرها للكافة- على غير حقيقة واقعية واحدة- بأنها بناء على رغبة لجمهور، أفلام سينمائية ركيكة لا يجمع عناصرها سوى حالة الفوضى التي لا تصلح للاستمرار نظرا لغياب القصة والمضمون الدرامي أو حتى الإتقان على مستويات الأداء والتمثيل وفقر الإنتاج، فضلا عن آثارها الاجتماعية شديدة السوء والقبح، وتسويقها قيما اجتماعية وفنية سلبية.


إلا أن هذا الموسم السينمائي ينبئ على رغبة جماهيرية لمشاهدة مضمون فني محترم وهو ما عكسته حالة الزحام الشديد على أفلام بداية الموسم، وهو أمر إيجابى يجب أن تستغله وزارة الثقافة بافتتاح مزيد من دور العرض، وأن تتشارك مع القطاع الخاص لتنشيط هذه الصناعة الهامة.


إن الفن المصري بشكل عام والسينما بشكل خاص تعد أحد أهم قوى الدولة المصرية الناعمة كما أنها مصدر التأثير المصري المباشر فى المحيط العربى والإقليمي، ومن ثم فإن صناعة الوعي الجمعي يتطلب منا نظرة مختلفة لهذه الصناعة وصناعها، فهى تعد بمثابة الدرع الواقي للأمن القومي المصري.