التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 12:08 م , بتوقيت القاهرة

أزمة البطالة.. شوف السوريين واتعلم!

رُوي عن «الفاروق» عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: «إني لأرى الرجل فيعجبني، فإن قيل لا عمل له، سقط من عيني». وقال أيضًا: «إني لأكره أن أرى أحدكم سبهللًا (أي فارغًا) لا في عمل دنيا، ولا في عمل الآخرة».


كما رُوي عن أحد الحكماء أن قال: «مَنْ أمضى يوما من عمره في غير حق قضاه، أو فرض أداه، أو مجد أثله، أو حمد حصله، أو خير أسسه، أو علم اقتبسه، فقد عق يومه وظلم نفسه».


في فبراير الماضي، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن معدل البطالة في مصر تراجع إلى 12.4 % في الربع الرابع من 2016، مقابل 12.6 % في الربع الثالث من نفس العام.


ووفقًا لتقرير الجهاز المركزي فإن عدد العاطلين عن العمل بلغ 3.591 مليون عاطل، من إجمالي قوة العمل، بانخفاض 49 ألف عاطل عن الربع السابق من 2016.


السؤال: هل تعاني مصر من البطالة بالفعل، أم تعاني من الذين لا يريدون أن يعملوا بالأساس، أو يشترطون عملًا بعينه، ومنصبًا بعينه، وراتبًا محددًا؟


تعالوا نتكلم بالبلدي.. كل يوم نقرأ ونسمع ونشاهد عشرات الإعلانات التي تطلب عمالًا أو موظفين بـ«رواتب مجزية».. لكن لا أحد يتقدم لشغل هذه الوظائف، في الوقت الذي تئن فيه المقاهي ونواصي الشوارع من إقبال الشباب الدائم عليها.


إذا ما سألت أحد المقيمين في «القهاوي»: انت ليه مش بتشتغل؟ ممكن يقولك: وأشتغل إيه، أو أشتغل ليه؟ ثم يبرر ذلك بأن الوظيفة المعلنة «لا تناسب إمكانياته»، أو أن «المرتب» الذي سيحصل عليه من الوظيفة المنتظرة، يتحصل على أضعافه من «والديه».


لا أحد من الذين قابلتهم إلا ويعاني من أزمة عمالة أو مشكلة صنايعية. ولو صنايعي رضي عنك، ووافق يشتغل معاك، تلاقيه بطلب مرتب أكبر من إللي بيطلع لصاحب الشغل نفسه.. وكمان تحس إنه جاي الشغل «قرفان»، وبيتلكك على أي حاجة عشان يخلع من الشغل؛ مرة عشان محدش قاله صباح الخير، ومرة تانية إنه مش في المود، ومرة تالتة، لون السيراميك مش عاجبه!


ومن الحاجات المتناقضة إنك تلاقي خريجي مدارس أو جامعات أجنبية، بيشتغلوا «أي حاجة»، وبيبدأوا حياتهم بمشروعات يعتبرها البعض «متدنية»، زي إللي بيشتغل في «بنزينة»، أو إللي عملوا مشروع «عربية الفول» في مصر الجديدة، أو مشروع «عربية البطاطا»، أو «عربية الآيس كريم».. بينما تلاقي إللي حاصل على مؤهل متوسط مش عاجبه أي شغل.. هو عاوز أول ما يتعين يبقى «البيه المدير»، ويقعد في مكتب مكيف، وحواليه تلت أو أربع سكرتيرات زي ما بيشوف في الأفلام والمسلسلات!


بص حضرتك على القهاوي، شوف حضرتك الكافيهات، اتفرج على أماكن السهر، تلاقيها «كوملبيت»، مليانة بشكل غير طبيعي.. وتلاقي «الشحط» من دول مطبق «شيفتين» ورا بعض.. الشيشية في بقه، والآيفون في إيده، مش راحم نفسه تدخين وشات.. لكن يشوف له «شغلانة» لأ.. يدور إزاي يجيب الجنيه، برضو لأ! ونيجي في الآخر ونقول مصر مالها؟! مصر فيها بطالة؟! مصر بتطرد ولادها؟ مصر بترجع لورا؟


طب إزاي مصر تتقدم وفيها ناس مش عاوزة تشتغل؟ إزاي تتقدم و«الشحط» من دول يفضل قاعد من غير شغل ويقبل إن أبوه وأمه يصرفوا عليه، وياخد منهم فلوس يشتري بيها مخدرات؟ إزاي تتقدم والشباب إللي زي الفل بيغامر بروحه ويهرب إلى أي دولة عشان يشتغل في شغل كان بيرفضه وهو في بلده؟ إزاي تتقدم وإخوانا «المنظرين» كل شوية يطلعوا القطط الفاطسة في الحكومة، ومش ناقص غير إنهم يطالبوا المسؤولين إنهم يلفوا على القهاوي ويوزعوا فلوس على الناس عشان ينبسطوا ويأنتخوا أكتر!


والله دماغي بيتبقى هتنفجر وأنا بشوف إخوانا السوريين المحترمين وهما بيشتغلوا في مصر.. ناس تركوا كل حاجة في بلدهم هربًا من الحرب، ونجحوا في مصر؛ لأنهم اشتغلوا «أي حاجة»، لم يسكتبروا على أي شغل.. فتحوا مشروعات، فتحوا مصانع، فتحوا شركات في مصر.. بينما إخوانا المصريين عاوزين يهربوا ويطفشوا من البلد!


بصراحة.. نحن لا نعاني من البطالة، فلا يوجد عندنا عاطلون.. عندنا «متعطلون» بمزاجهم عن العمل.. عندنا «نمارده».. عندنا شباب عاوز يقضيها على القهاوي، ويعمل دماغ مخدرات لحد ما يتلحس مخهم، وفي الآخر يطلع «النشتاء» ويتهموا الحكومة بقتل «زهرة شبابنا»، ويقولوا أي كلام عشان يشوهوا سمعة مصر وخلاص!