التوقيت الخميس، 28 مارس 2024
التوقيت 05:48 م , بتوقيت القاهرة

«30 يونيو».. الثورة مستمرة!

كل الأمور كانت تتطور إلى الأسوأ. مصر كانت ذاهبة إلى مصير مجهول. جماعة الإخوان «الإرهابية» ورئيسها «المعزول» محمد مرسي، لم تكن تسمع إلا صوتها. كانت تمضي بنا إلى غياهب الجب. كل معارض لسياسات النظام- وقتذاك- كان يواجه اتهامات بالتخوين والعمالة؛ فكان لابد من وضع حد لتغول هذه الجماعة، التي أجادت الصيد في المياه العكرة، وركبت موجة الثورة في 25 يناير؛ مرتدية قناع «التقية»، ورافعة راية «الدين»!


المشاهد لم تكن ضبابية. والصورة لم تكن بحاجة إلى بذل مزيد من الجهد لإثبات أن البلاد تتجه إلى «الأخونة»، وأن «مرسي» هو رجل الإخوان في القصر الرئاسي، وأن مصر تُدار من «مكتب الإرشاد» في المقطم، وأن المرشد «محمد بديع» هو الحاكم الفعلي للبلاد. ولعلنا نذكر المشهد التليفزيوني الذي كان المرشد يُملي على «مرسي» كلمة «القصاص»!


عام كامل، بدت فيه مصر وكأنها خارج التاريخ، وخارج الجغرافيا، وخارج الزمن. عام كامل كانت البلاد والشعب في وادٍ، وجماعة الإخوان وأنصارها وعملاؤها في وادٍ آخر.. كرسي الرئاسة «أُهين» بجلوس شخص لا يُدرك قيمة مصر، وعراقتها، وحضارتها، وثقلها الإقليمي والدولي. قصر الرئاسة كاد أن يصرخ من أعضاء «الجماعة» وأنصارها الإرهابيين، الداخلين إليه والخارجين منه. وها هم قتلة الرئيس الأسبق أنور السادات يتجولون في قصر الحكم في حماية رئيس الجماعة محمد مرسي!


التحالفات المريبة، والمؤامرات، والدسائس، والاجتماعات السرية للسيطرة على السلطة، وعلى مقدرات البلاد، وفتح مصر على مصراعيها أمام الإرهابيين في الداخل والخارج من أجل لا شيء إلا «مصلحة الجماعة»، و«طز في مصر وأبو مصر»، كما قال المرشد السابق «مهدي عاكف»!


التظاهرات والاحتجاجات الشعبية الغاضبة لم تتوقف. كل يوم- تقريبًا- كانت البلاد تشهد مظاهرات حاشدة؛ اعتراضًا على سياسات «دولة المرشد». كان الشعب يريد الخلاص من الجماعة التي خدعته باسم الدين، ولا تعترف بالوطن، بل وتعتبره مجرد «حفنة من التراب العفن»!


هنا كان لابد أن يتدخل الجيش المصري، ممثلًا في المجلس الأعلي للقوات المسلحة؛ لوضع حد للغليانالشعبي المتصاعد في «30 يونيو»، ووجه إنذارًا للرئيس الإخواني، وطالبه بالاستجابة لصوت الشعب، والتخلي عن تبعية «مكتب الإرشاد».


المهلة أو الإنذار الذي وجهته القوات المسلحة للرئيس الإخواني انتهت. بينما «مرسي» وجماعته أخذتهم العزة بالإثم. فكابروا، وعاندوا، وظلوا على موقفهم؛ ظنًا منهم أن «الشرعية» ستبقى معهم إلى الأبد. لكن وزير الدفاع- آنذاك- عبد الفتاح السيسي، خرج إلى الشعب في 3 يوليو 2013، وتحدث إلى المصريين في حضرة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وقداسة البابا تواضروس الثاني، وكبار قادة القوات المسلحة، وكثير من رموز القوى السياسية، ليُعلن على الملأ «تعطيل العمل بالدستور»، و«تولي رئيس المحكمة الدستورية العليا حكم البلاد لحين انتخاب رئيس للجمهورية».


لم تسلم جماعة الإخوان بما آلت إليه ثورة «30 يونيو»، فهاجت وماجت، وأعلنت الحرب على الدولة وعلى المصريين. وزادت من حرارة صيف يوليو بالاعتصامات «المسلحة»، في ميداني رابعة العدوية والنهضة لأكثر من أربعين يومًا، حتى استفحلت هذه الاعتصامات، وبدت وكأنها دولة داخل الدولة. فكان لا بد من القضاء على هذه البؤر الإرهابية المسلحة، مهما كانت العواقب والتضحيات.


بعد فض اعتصامات الجماعة الإرهابية، هرب كثير من قيادات الإخوان كالفئران، وبعضهم لجأ إلى قطر وتركيا وبعض الدول التي تمول وتدعم الإرهاب، وتريد إسقاط مصر.


لم يرفع الإخوان الراية البيضاء. رفضوا التسليم بثورة 30 يونيو. رفضوا أن يكونوا فصيلًا وطنيًا مندمجًا مع جموع المصريين.. بل أرادوا «حرق مصر وأهلها». أشعلوا الحرائق في مصر. حرقوا الكنائس. قتلوا الأبرياء من الجيش والشرطة والمدنيين. أشاعوا «الإرهاب» في جنبات الوطن!


في ذكرى «30 يونيو» مصر تعيد بناء ما هدمه الإخوان. ما زالت تعيد تجميل ما شوهه الإخوان، ما زالت تقاوم إرهاب الإخوان. ما زالت تقدم التضحيات من دماء وأرواح أبنائها الأبرياء من أجل استعادة الوطن الذي خطفه الإخوان.. ما زالت تواجه الداعمين والممولين للإخوان.


باختصار.. ثورة «30 يونيو» مستمرة في تطهير البلاد من الإرهابيين والفسدة وتجار الدين. مستمرة لاستعادة مصر مكانتها وريادتها.