التوقيت الخميس، 18 أبريل 2024
التوقيت 10:42 م , بتوقيت القاهرة

عقبة بن نافع.. "مرنك إفريقية" وفاتح المغرب العربي

الصحابي الجليل والقائد العظيم فاتح المغرب العربي ومؤسس مدينة القيروان "عقبة بن نافع" من عظماء الإسلام، ومن فرسان المسلمين الأوائل، قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم، رأيتُ كأنّي في دار عُقبة، فأتينا برُطَبٍ أبّر طاب، فأوّلتُها: الرفعة والعافية وإنّ دينَنَا قد طاب لنا".


اسمه عقبة بن نافع بن عبد القيس الفهري القرشي، من قادة العرب الفاتحين لبلاد المغرب العربي، لقب عقبه باسم "مرنك إفريقية"، وهو الاسم العربي لشمال القارة الإفريقية، ولد في العام الثامن من الهجرة، وزار النبي بيت أبيه عقب ولادته، ولذا فهو صحابي بالمولد.


عرف عقبة بن نافع في ساحة المعارك، حيث كان من قائدي حركة الفتح الإسلامي التي بدأت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، فاشترك هو وأبيه نافع في الجيش الذي توجه لفتح مصر بقيادة عمرو بن العاص، ولم يكن يكمل بعد عشرين عاما، ولما رآه عمرو بن العاص، توسم فيه خيرا، فأرسله إلى بلاد النوبة لفتحها، فلاقى هناك مقاومة شرسة من النوبيين، ولكنه صمد ومهد الطريق أمام من جاء بعده لفتح البلاد.


أسند ت إليه مهمة قيادة فتح الشمال الأفريقي، وتأمين الحدود الغربية والجنوبية لمصر ضد هجمات الروم وحلفائهم البربر، وفتح بلاد المغرب العربي، وقاد المعارك التي دارت في شمال أفريقية وبخاصة تونس، فولاه عمرو بن العاص برقة بعد فتحها.


ظل عقبة بن نافع قائدا للجيش الإسلامي ببرقة في عهد عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وابعد نفسه عن الفتنة التي وقعت بين المسلمين في زمن علي، وجعل شغله الشاغل الجهاد في سبيل الله، فقام يجاهد من أجل نشر الإسلام بين قبائل البربر في الشمال الافريقي.


بعد تولي معاوية بن ابي سفيان الخلافة، ولى معاوية بن حديج على مصر، فكان أول قرار أخذه، إرسال عقبة بن نافع إلى الشمال الغربي الإفريقي، لمواصلة الفتح الإسلامي الذي توقفت حركته أثناء الفتنة الكبرى في سنة 49 هجرية.


قاد عقبة بن نافع جيشا كبيرا من المسلمين، واستعاد المدن والقرى التي كانت قد خرجت عن طاعة المسلمين بعد اشتعال الفتنة، بعد أن حاربوهم محاربة قوية بدعم من الروم، وبعد أن طهر عقبة المنطقة الممتدة من حدود مصر الغربية إلى بلاد إفريقية، تغلغل عقبة في الصحراء بجيش قليل وشن حرب خاطفة في أرض الصحراء الواسعة ضد القوات الرومية، واستطاع أن يطهر منطقة الشمال الإفريقي من الجيوش الرومية والبربرية.


وأراد عقبة بن نافع أن يجعل للمسلمين عاصمة في الشمال الافريقي حتى لاتتراجع الفتوحات الإسلامية بها، فأسس مدينة القيروان، لتكون دار عزة ومنعة وقاعدة حربية أمامية في القتال، ومنارة دعوية علمية لنشر الإسلام، واستمر في بناء المدينة قرابة الخمس سنوات، حتى أصبحت القيروان درة المغرب، ثم شيد عقبة بها جامعا كبيرا أصبح منارة العلم وقبلة طلاب العلم والشريعة، وملتقى للدعاة والعلماء، وأصبح جامع القيروان أول جامعة إسلامية على مستوى العالم, وذلك قبل الأزهر بعدة قرون.


بعد أن انتهى القائد عقبة بن نافع من بناء مدينة القيروان، استأنف مسيرة الفتح الإسلامي نحو المغرب العربي، فاتجه إلى مدينة طنجة، ففتحها وما حولها، ثم فتح مدينة باغاية، ثم نزل على مدينة تلمسان، وهي من أكبر المدن في المغرب الأوسط، وبها جيش ضخم من الروم والبربر، ودارت معركة شديدة استبسل فيها الروم والبربر في القتال وكان يوما عصيبا على المسلمين، حتى أنزل الله نصره على المؤمنين، ففتحوها حتى وصلوا مدينة الزاب، حتى وصل إلى المحيط.


وبعدها قرر عقبة بن نافع العودة إلى القيروان، فلما وصل إلى طنجة أذن لمن معه من الجيش أن يتفرقوا ويتجهوا إلى القيروان أفواجا، وأصبح عقبة مع ثلاثمائة من أصحابه واتجهوا في طريقهم إلى مدينة تهوذة، فلما رآه الروم في قلة من أصحابه طمعوا فيه، وأغلقوا باب الحصن, وتحول ملك تهوذة "كسيلة"، واستغل قلة جند عقبة واتفق مع الروم على الغدر, وأرسل إلى البربر, وجمع جموعا كثيرة للهجوم على عقبة ومن معه، وقاتل عقبة والمسلمون، مع البربر حتى استشهد عقبة وكل من معه في أرض الزاب بتهوذة في سنة 63 هجرية.