التوقيت السبت، 27 أبريل 2024
التوقيت 12:30 ص , بتوقيت القاهرة

التنظيمات الإرهابية والأسئلة المشروعة

قبل أسابيع قليلة وبالتزامن مع انفجار أزمة قطر بعد تحديها الصارخ لوحدة الصف العربي، كانت جمهورية مصر العربية تشارك في إحدى جلسات الإحاطة حول التقرير الخامس للسكرتير العام للأمم المتحدة حول داعش والتي عقدت في إطار جلسات مجلس الأمن لمناقشة القضية.


كشفت جمهورية مصر العربية في بيانها الذي ألقته خلال الجلسة عن واقعة تمثل تمويلا مباشرا لإحدى التنظيمات الإرهابية التابعة لداعش.


وحسب نص البيان المصري:


" تواترت أنباء في وسائل الإعلام أن دولة قطر قد قامت بسداد حوالي مليار دولار لتنظيم إرهابي يعمل في العراق للإفراج عن عدد من أفراد الأسرة الأميرية المختطفين والمحتجزين لدي هذا التنظيم الإرهابي عندما كانوا في رحلة صيد.


هذا الانتهاك لقرارات مجلس الأمن- إن ثبتت صحته- له انعكاساته على جهود مكافحة الإرهاب، حيث يعتبر دعماً مباشراً للإرهاب.


نتطلع للتعرف على تقييم السكرتارية لتداعيات حصول داعش (أو تنظيم مرتبط به) على مبلغ بهذه الضخامة في هذا التوقيت الذي تتواصل فيه جهود تحرير الموصل.


كيف يمكن لمجلس الأمن مواجهة مثل هذا الانتهاك الصارخ لقراراته، نحن ندعو مجلس الأمن للتصديق على إجراء تحقيق في هذه الواقعة، ونتطلع لتضمين نتائج هذا التحقيق في التقرير السادس للسكرتير العام حول داعش ".


قررت جمهورية مصر العربية أن تضع التحديات الحقيقية التى تعيق العالم وليس دول المنطقة فقط عن القضاء على التنظيمات الإرهابية أمام الدول الأعضاء بمنتهى الوضوح والشفافية ليعلم القاصي والداني بعد أن فاض الكيل من إزدواجية المعايير والرؤى.


ولا شك أن أهم العوائق التي تعيق الحرب ضد الإرهاب هى حرية الحركة الممنوحة للمقاتلين الأجانب الذين يتنقلون من وإلى العراق وسوريا تحديدا، وكيف يمكن أن دول صاحبة الحدود المشتركة معهما، تواجه مشكلة في عدم قدرتها على توقيف واحتجاز المشتبه فيهم بأنهم مقاتلين ضمن صفوف التنظيمات الإرهابية.


أسئلة كثيرة طرحتها جمهورية مصر العربية بهذه الجلسة الساخنة إذ كيف يتمتع هؤلاء الإرهابيين بحرية الحركة والتنقل بين سوريا والعراق ومنها إلى بلادهم الأصلية ثم العودة مرة أخرى، وما هى الطرق التى يسلكونها ليمروا بأمان بين حدود هذه الدول، بل أن السؤال الأخطر هو كيف يعتمد تنظيم داعش في تمويله الأساسى على بيع البترول الخام الذى يتم استخراجه من الأراضي التي يسيطر عليها، من يحصل عليه منهم ومن يشتريه، وكيف يتم نقله للمشتري، وكيف يحصل التنظيم الإرهابي على أمواله مقابل هذه الكميات من البترول.


ولعل الإجابات على هذه الأسئلة هى التى تخبرنا كيف تخترق بعض الدول التى تدّعى مقاومة الإرهاب كافة جهود الحصار الدولى على تنظيمات الإرهاب.


ويتمشى هذا المسار مع حالة الجدل السائد في دول القارة الأوربية حول كيفية مواجهة الإرهاب والحفاظ على حقوق الإنسان والحريات العامة، ومنها حرية والتنقل والاتصال واستخدام الانترنت، كيف تستطيع دول العالم التى اكتوت بنار الإرهاب أن تحاصر الاستخدام السيئ للانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بهدف بممارسة الإرهاب، وكيف سيتم رصد استخدام الإرهابيين لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وما هى محاولات هذه الدول ليفقد الإرهابيين أداة حيوية مثل الانترنت للتواصل فيما بينهم والترويج لأفكارهم وتجنيد عناصر جديدة لتنظيماتهم.


أعتقد أن التوقف أمام الإجابات عن هذه الأسئلة وحدها قادر على وضع المجتمع الدولى أمام نفسه بمنتهى الوضوح ومن ثم يمكن أن تكون بمثابة بداية طريق الحرب الحقيقية على الإرهاب، حتى لا تذهب كافة الجهود الدولية هباء.