التوقيت الثلاثاء، 23 أبريل 2024
التوقيت 11:14 م , بتوقيت القاهرة

أسرار وفضائح قطرية الحلقة "3".. تعذيب واعتقالات وتطهير عرقي

مسلسل فضائح العائلة المالكة القطرية لا يتوقف عند سلوكيات مشينة قام بها أفراد من العائلة المالكة في العديد من الدول، بحسب ما وثقت صحف ووكالات أنباء عالمية، بل تعدى الأمر إلى وقائع أخرى تتعلق بالتعذيب والاعتقالات والتطهير العرقي داخل الدولة التي تدعي الدفاع عن الحريات.


وكشفت الحلقة الأولى من سلسلة "أسرار وفضائح قطرية" التي ينشرها "دوت مصر" تباعًا كواليس تفاصيل علاقة الدوحة وتل أبيب، والتي تنوعت ما بين التمويل والتطبيع وأشياء أخرى، بينما أثارت الحلقة الثانية  التي تحدثت بوقائع موثقة عن جرائم احتيال واغتصاب ومخدرات ودعارة لأفراد العائلة المالكة حول العالم.


شيخة آل ثانيشيخة آل ثاني وزوجها إيهاب


اختطاف أميريتن قطريتين وتعذيبهما 


لم يغفر القطريون لفتاة قطرية من البيت الحاكم تدعى، شيخة بنت عبدالرحمن بن غانم العبدالرحمن آل ثاني، الزواج من شاب مصري، اسمه إيهاب محمد صالح إبراهيم، بعد قصة حب.


وقامت السفارة القطرية في مصر في العام 2003 بترحيل "شيخة" بالقوة بدعوى أنها متزوجة من أحد أبناء عمومتها وبالتالي يصبح زواجها في مصر باطلًا، وعلى الرغم من فشل السفارة في ترحيل شيخة 3 مرات عنوة بعد أن صراخها بشكل هستيري وهي على متن الطائرة، فيرفض الطيار الإقلاع، لجأت السفارة إلى تخديرها فلم تفق إلا وهي في قطر.


علاقة إيهاب بشيخة بدأت في العام 1998 عندما كان يعمل في قطر، وتزوجها رسميًّا في العام 2002  في مصر بعد أن هربت من أسرتها، لكن الأسرة الحاكمة لم تستوعب زواج الأميرة القطرية من الشاب المصري وجرى اختطافها من مصر على الرغم من إنجابها طفلين من إيهاب، وتم تعذيبها في قصر والدها بالدوحة لمدة شهرين ثم أرسلوها للعلاج في الرياض بجواز سفر أختها الصغرى.


 الشيخة حمدة تعرض التنازل عن لقبها الملكي


معاملة الحيوانات


ما حدث مع الأميرة "شيخة " تكرر مع الأميرة، حمدة فهد بن جاسم آل ثاني، لكن تلك المرة استطاعت حمدة أن تثير اهتمام منظمة العفو الدولية، نظرًا إلى تعرضها أيضًا لعمليات تعذيب في منزل أسرتها في الدوحة، بعد أن أقدمت على الزواج من شاب مصري أيضًا، وتمكنت "حمدة" من إرسال رسالة مسجلة إلى منظمة العفو في العام 2010 اتهمت فيها أفراد الأسرة الحاكمة في قطر بتعذيبها.


كما قالت حمدة في رسالتها، "عن طريق الخداع أعادوني من مصر، وخيروني بين أن أطلب الطلاق، وكأن الذي كان ما كان، أو أن أسجن، ولما رفضت سجنوني، حيث بقيت سنة مسجونة في غرفة مثل القبر وأعامل معاملة الحيوانات".


وختمت رسالتها بنداء قالت فيه، "أناشدكم وأناشد أصحاب القلوب الرحيمة أن يساعدوني، أسألكم بحق الله أن تساعدوني وألا تتخلوا عني".


وكتبت منظمة العفو الدولية رسالتين في هذا الصدد إلى أمير قطر في عامي 2004 و2005 وأطلقت نداءً دوليًّا للتدخل للإفراج عنها، كما قامت المنظمة برفع قضية حمدة أمام لجنة الأمم المتحدة لمكافحة التعذيب.


( لقراءة نص خبر احتجاج منظمة العفو الدولية- اضغط اللينك )


الشيخة حمدة آل ثاني


وفي حين تصم "الجزيرة" آذاننا بالندوات والمؤتمرات التي تُعنى بالحريات والشأن الديمقراطي بدعم من موزة بنت ناصر، فإنها لم تعطِ أمر الأميرة المحتجزة أدنى اهتمام وتعمدت التعتيم الإعلامي على قضيتها.


ولم تمارس "حمدة" حقها في الحرية والصدوع برأيها بما فيه حقها في الزواج والأمن على شخصها، وحقها في ألا تخضع للاحتجاز التعسفي، وبقيت محتجزة قسريًّا لمدة ثلاث سنوات إلى أن رفعت عنها القيود في العام 2005 بعد مناشدات عدة من طرف منظمات المجتمع المدني، وعلى رأسها منظمة العفو الدولية.


ولم تتحرك السلطات القطرية إلا بعد تضييق الخناق عليها وازدياد الضغوط التي أخذت منحى تصاعديًّا أضر كثيرًا بسمعة النظام القطري، ورغم كثرة النداءات فلم تتلق منظمة العفو الدولية ردًّا رسميًّا إلا في 17 مايو 2005، أي بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات من مراسلة وزير خارجية قطر، والذي ذكر أن السلطات فتحت تحقيقًا في الموضوع وكأن أخبار مواطنيهم لا تصلهم رغم صغر حجم قطر.


جواز السفر القطري الذي حُرم منه قطريون


تطهير عرقي واعتقالات وتعذيب قطريين  


وفق القانون رقم 2005/85 المتعلق بالجنسية، فإن أمير قطر له سلطات واسعة فيما يتعلق بمنح أو تجريد أو استرداد الجنسية، أما الأشخاص المُجنسون فهم مواطنون من الدرجة الثانية ولا يتمتعون بحق التصويت أو الترشح للانتخابات.


وسُلطت عقوبة التجريد على قبيلة "الغفران"، أحد فروع القبيلة العربية الكبرى والتي تسمى "بني مُرة"، وكان أفرادها رُحَّلًا ينتقلون بين شرق وشمال شرقي الجزيرة العربية (المساحة الحالية لدولتي قطر والسعودية)؛  وتم حرمان 927 عائلة تضم 5266 شخصًا من جنسيتم، بموجب قرار من وزير الداخلية القطري عبدالله بن خالد آل ثاني، في 1 أكتوبر 2004، وهو رقم كبير بالنظر إلى العدد الإجمالي لسكان قطر، ويعد القرار تعسفيا ومخالفا لقوانين الدولة، وقامت السلطات في الدوحة باتخاذ خطوات لنزع الجنسية بشكل جماعي عنهم وعن أولادهم بل وعن آبائهم وأجدادهم المتوفين بأثر رجعي.


قبيلة بني مرة في أحد الاحتفالات قبل إسقاط الجنسية


إسقاط الجنسية عن المتوفين


وجاءت الإجراءات التعسفية، والتي وصفت بتطهير عرقي للقبيلة، ضمن إجراءات تعرض لها ذلك الفرع منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها أمير قطر الراحل الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لاستعادة الحكم من ابنه حمد.


واتُهم عدد من أفراد تلك القبيلة من العاملين في الشرطة والجيش بالمشاركة في ذلك الانقلاب، وتبع تلك القرارات إجراءات حكومية بفصلهم من أعمالهم ومطالبتهم بتسليم المساكن التي يقيمون فيها كمواطنين وحرمانهم من جميع امتيازات المواطنة من علاج وتعليم وكهرباء وماء وأعمال تجارية.


كما تمت مطالبتهم عن طريق الجهات الأمنية المختلفة بتصحيح أوضاعهم كمواطنين غير قطريين، كما رفضت الجمعيات الخيرية وصندوق الزكاة القطري الممول من تبرعات المواطنين تقديم المساعدات لهم، بل وصل التنكيل بهم إلى عمليات اعتقال واسعة لمدد طويلة دون محاكمات، وتعرضوا لأشكال متعددة من التعذيب داخل السجون.


قبيلة الفخيدة والتطهير العرقي 


 كما توسعت دائرة التطهير لتشمل قبيلة "الفخيذة"، ولم يشمل إسقاط الجنسية أفرادًا بعينهم فحسب، ولأسباب غير معلنة، بل شمل أيضًا المتوفين والشيوخ الطاعنين في السن والأرامل والأيتام والرجال والنساء والأطفال من أقاربهم دون استثناء، مخالفًا بذلك أبسط قواعد قانون الجنسية القطري لسنة 1961 والذي تنص مادته رقم (15) على أنه "يترتب على إسقاط الجنسية زوال الجنسية القطرية عن صاحبها وحده إذا وجد السبب"، في الوقت ذاته قبلتهم السعودية على أراضيها بعد ذلك لأسباب إنسانية.


( لقراءة نص الخبر المتعلق بحقوق قبيلة "بني مرة" - اضغط اللينك )


الشاعر  القطري محمد بن الذيب


المؤبد لشاعر قطري انتقد العائلة المالكة


حكمت قطري بالمؤبد على شاعر انتقد الأسرة المالكة، وتعود تفاصيل القضية عندما قضت محكمة أمن الدولة القطرية بالسجن المؤبد على الشاعر القطري، محمد بن الذيب، بسبب تنظيمه قصيدة "الياسمين التونسي"، والتي امتدح فيها الثورات الشعبية التي شهدتها الدول العربية وتمنى بأن يصل التغيير إلى بلاد عربية أخرى مع تلميحات قوية في القصيدة إلى قطر.


كما اعتقلت السلطات القطرية الشاعر النبطي، محمد العجمي، المعروف بلقب "ابن الذيب" في 16 نوفمبر 2011 بتهمة التطاول على رموز الدولة والتحريض على الإطاحة بنظام الحكم، وأثارت قضيته صدى واسعًا في الأوساط الثقافية والأدبية العربية.


وقرار الاعتقال جاء بعد أن تضمنت قصيدة الذيب إشادة بالانتفاضة التونسية التي أفضت إلى زوال نظام زين العابدين بن علي، وتمنيات بأن يصل التغيير إلى بلاد عربية أخرى، مع تلميحات قوية في القصيدة إلى قطر.


وعلى الرغم من دفاع مجموعة من أشهر المحامين عن "الذيب"، مثل عبيد الوسمي ونجيب النعيمي إضافة إلى قيام وفد من منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية بالاعتراض على اعتقاله مع مجموعة من المنظمات الحقوقية، إلا أنه لم يفرج عن الشاعر النبطي الأشهر.


قصيدة الياسمين تتحول إلى مشنقة 


هذا ووصفت منظمة العفو الدولية الحكم في حق الشاعر العجمي بأنه حكم فاضح، ويكفي اتهامه بتهمة التحريض لإسقاط نظام الحكم في قطر وإهانة أمير البلاد.


وأضافت أن الشاعر العجمي اعتُقل في العاصمة القطرية الدوحة بعد نشره "قصيدة الياسمين"، التي انتقد فيها الحكومة القطرية، وذكر فيها أيضا "نحن جميعًا تونس في مواجهة النخبة القمعية".


وأشارت المنظمة، إلى أنها حصلت على نسخة من الحكم الصادر في حق الشاعر العجمي، لكنها لا تشير إلى أسباب إصدار هذا الحكم القاسي في حقه، وتعتقد أن التهم التي أُدين بها استندت إلى محتوى شعره.


وقال فيليب لوثر، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، "من المؤسف أن قطر، التي تحب أن تظهر دوليًّا كبلد يشجع حرية التعبير، تنغمس في ما يبدو أنه انتهاك صارخ لهذا الحق".


وأضاف لوثر، "كل المعلومات المتاحة تشير إلى أن العجمي سجين رأي، ووُضع وراء القضبان لمجرد كلماته، وينبغي الإفراج عنه فورًا وإلغاء إدانته."


هذا وكان عدد كبير من الشخصيات الثقافية والحقوقية والشعبية تفاعلت مع القضية على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما أن محمد بن الذيب من أشهر شعراء النبط الشعبي في العالم العربي.


صورة مسربة للذيب في السجن


الكلمة لا تحاكم و الرأي  لا يوجب السجن 


على إثر تلك الواقعة المشينة، قام 26 إعلاميًّا وشاعرًا وكاتبًا من السعودية والكويت بتوجيه خطاب إلى أمير دولة قطر ناشدوه فيها إطلاق سراح الشاعر المعتقل وتعويضه عن الفترة التي قضاها في السجن لكن دون جدوى.


وقالوا في الخطاب الى الأمير حمد بن خليفة آل ثاني، إن "الكلمة لا تحاكم وأن الرأي لا يُوجب السجن، وأن العدالة في قضية ابن الذيب هي في إطلاق سراحه وتعويضه عن الفترة التي أمضاها في السجن دون محاكمة".


وبعد 5 سنوات من الاعتقال أصدر تميم قرارًا بالعفو عن الذيب إثر ضغوط دولية ووساطة من شيخ قبيلة العجمان، خالد بن راكان بن حثلين العجمي.


جدير بالذكر أن قطر ليس فيها هيئة تشريعية منتخبة في الوقت الذي تدعي فيه بأنها من أهم الداعمين للثورات والانتفاضات في العالم العربي، خصوصًا في مصر وتونس وليبيا وسوريا.


تعذيب الشيخ فهد عبد الله آل ثاني


اعتقال وتعذيب الشيخ فهد بن عبدالله آل ثاني


قال محمد فاضل فهمي، صحفي شبكة "الجزيرة" السابق، أحد المتهمين في قضية "خلية الماريوت"، العديد من الأسرار عن قطر والعائلة الحاكمة في مقاله بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في 15 يناير 2016.


وأوضح فهمي، أن القطريين الذين يسعون إلى قدر أكبر من حرية التعبير ومزيد من الديمقراطية في بلادهم الغنية بالنفط، سيواجهون مستقبلًا أسوأ، مشيرًا إلى الحملة ضد زعيم المعارضة في قطر، الشيخ فهد بن عبدالله آل ثاني، ابن عم الأمير الحاكم الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.


وثيقة تثبت تعذيب فهد آل ثاني


وأشار فهمي، في مقاله، إلى الحكم على الشيخ فهد بالسجن سبع سنوات، والذي يُنذر بالمخاوف من قيام الدوحة بمزيد من الإجراءات القمعية ضد المعارضة، مؤكدًا أن هناك تضاربًا كبيرًا في الروايات المتعلقة بقضية الشيخ فهد، حيث قالت السلطات القطرية إنه اقتحم مركزًا للشرطة حتى يطلق سراح نجليه، بينما أوضح شهود عيان وأفراد من الأسرة، أن الشرطة هي التي اقتحمت قصر الشيخ باستخدام العربات المدرعة في الدوحة، وتعرض الشيخ وأبناؤه لضرب مبرح من جانب الشرطة القطرية.


احد الضباط المتهمين بتعذيب الشيخ فهد وعائلته


وروى فهمي في مقاله، أن الشيخ فهد دخل نزاعًا طويل الأمد مع الحكومة القطرية، بعد استيلائها على بعض الأراضي الموروثة له، كما أكد نشطاء حقوقيون قطريون أن اعتقال الشيخ وسجنه وتعذيبه تعذيبًا شديدًا يعد انتقامًا من أنشطته السياسية المعارضة لأمير قطر تميم بن حمد ومطالبته بالإصلاحات الداخلية في قطر.


وأضاف أن دعم قطر للجماعة الإخوان ماليًّا سياسيًّا لم يكن سرًّا، والتي اعتبرت جماعة إرهابية من قِبل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، واعتبارًا من العام 2012، قدمت قطر نحو 8 مليارات دولار لدعم حكومة الرئيس المعزول محمد مرسي.


تغريدة تثبت تعذيب الشيخ فهد وابنائه