التوقيت الجمعة، 19 أبريل 2024
التوقيت 01:54 م , بتوقيت القاهرة

أصوات من السماء.. كامل البهتيمي الشيخ البكاء

"اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها".. قيثارات عذبة ندية وأصوات شجية وروحانية فكانت أصوات من السماء لمقرئين نتذكرهم دائما شوقا واشتياقاُ.. يوميا وحتى انتهاء شهر رمضان نستعرض فب حلقات أبرز مقرئي القرأن الكريم في مصر.


امتلك موهبة تلقائية جعلته يستدل عليه بمجرد أن تسمعه تتعرف على هويته، هكذا كان الشيخ كامل يوسف كامل البهتيمي، صاحب الحنجرة الواثقة من ذاتها، والتي كانت تنطلق بوجدان حزين، جعل الناس تعرفه بالصوت البكاء القادر على إثارة التوبة في قلوبنا كلما مررنا على آيات الذكر الحكيم بصوته الذي امتلك عذوبة المعني والشجن اللذيذ.. التبني اضاءة للموهبة كل موهبة تحتاج الي قدوة تقف بجوارها، لتدلها علي الطريق ومواطن القوة لديها، وهو ما منحه القدر للشيخ" البهتيمي" الذي عانقت الصدفة طريقه لترميه في رعاية الشيخ محمد الصيفي، الذي تبناه.


وأكرم استضافته والتقطه لترك موهبته النور في سماء القاهرة.


 البداية لم تخاصم الإجتهاد ككل قدر الموهوبين، هذا الكفاح الذي سار على دربه"البهتيمي" بدأ في قريته بحي بهتيم بشبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، عندما ألحقه ابوه بالكتاب للتفوق فيه، ويتم حفظ القرآن في عمر العاشرة، فأصبح قارئ معروفا بالبلدة، وكذلك قارئ للسورة يوم الجمعة بمسجد القرية.


حفلات دون أجر ومع ارتفاع شهرته بدأ الشيخ ينظم عددا من الحفلات، ولم يكن يتقاضي عنها مليما، بل كان مستانسا برحله القرآن يقول هو عن تلك السعادة : «أذهب للمسجد لكي أدرب صوتي علي تلاوة القرآن، مقلدا الشيخان محمد سلامة ومحمد رفعت؛ لأثبت لمن يستمع إلى أنني موهوب»، وبالفعل نال التشجيع الكبير والاستحسان، وكان ذلك مبعث الثقة في نفسه، وكلما رأته أمه كانت تدعو له بالتوفيق والسعة في الرزق، فيقول لها: «سيأتي اليوم الذي يصبح فيه ابنك من مشاهير القراء في مصر»، فكانت أمه تفرح بهذا الكلام كثيرا.


كما يعود الفضل لشهرة" البهتيمي" للشيخ محمد الصيفي، والذي ذهب بموهبته للقاهرة، فيحقق الأول نجاحا كبيرا، ويصبح مقرئ القصر الجمهوري، وقبل تلك النجومية مر على الإذاعة المصرية التي عرفته بجمهور عريض من المستمعين، لتنطلق تلاوته في الإذاعة عام 1946، وفي الخمسينات اختير قارئا لمسجد القرية موهبة تلقائية عاندت الدراسة كان يؤمن " البهتيمي" أن الموهبة تطغى على الدراسة، وهو ما قام به للتدريب على القراءات من خلال الممارسة والخبرة والاستماع الجيد إلى القراء، أمثال المشايخ محمد رفعت ومحمد سلامة والصيفي وعلي حزين، فتعلم أحكام التلاوة والإنشاد دون أن يشعر هو بذلك، وقد اكتملت عناصر النجاح لديه بعد الاستماع إلى هؤلاء العمالقة في قراءة القرآن.


 وهو ما كان يجعله يعزف عن الالتحاق بمعاهد القرآن، وتعليم القراءات، وبعد نصائح متتالية من عددا من الشيوخ للالتحاق بمعاهد تعليم احكام التلاوة استجاب"البهتيمي"، وكان هذا وراء السبب في اعتماده بالإذاعة، ففي عام 1953م عرض عليه أستاذه الشيخ محمد الصيفي أن يتقدم بطلب للإذاعة لعقد امتحان له أمام لجنة اختبار القراء، إلا انه رفض خشية أن يتم إحراجه لعدم إلمامه بعلوم وأحكام القرآن وعلوم التجويد، ليستجيب في النهاية، ويتقدم للامتحان أمام لجنة الاعتماد بالإذاعة. ع


لاقته برجال الثورة كان الشيخ كامل البهتيمي محبوبا من كل أعضاء مجلس قيادة الثورة، وكان يحبه الزعيم عبد الناصر، ويطلبه لرئاسة الجمهورية لإحياء معظم الحفلات، التي تقام بمقر الرئاسة، وكان الناس يظنون أن اقتراب الشيخ البهتيمي من الرئيس عبد الناصر بغرض التقرب للسلطة أو سعيا وراء الشهرة.


وكان هذا الحب وراء السخط على "البهتيمي" نظرا لأن عهد جمال عبد الناصر كان ملئ بالمتناقضات، ولذلك بعد وفاته تغيرت معاملة الحكومة مع آل بيت البهتيمي، واتضح ذلك من خلال امتناع الإذاعة المصرية عن إذاعة تسجيلاته.