التوقيت الخميس، 18 أبريل 2024
التوقيت 03:24 ص , بتوقيت القاهرة

حملات التوعية

مع بداية شهر رمضان المبارك، فوجئ المشاهد المصري بحملة توعية توجهها هيئة الرقابة الإدارية بهدف توعية المواطنين بأهمية المشاركة فى الحرب التي تخوضها الدولة المصرية ضد الفساد.


ولا شك أن فى هذه الحملة توجه هيئة الرقابة الإدارية كما عودتنا ضربة إستباقية للفساد بعد أن أدت دورا بارزا فى الفترة الماضية فى الحرب على الفساد، وفتحت ملفات سرقات ورشاوى تخطت قيمة بعضها المائة مليون جنيها مصريا.


تشير الحملة لبعض مشاهد التقصير، والفساد والإهمال وإهدار المال العام الذى يعتبره البعض صغيرا، لكن هذه المشاهد فى تقديرى أكثر خطورة وأشد تأثيرا على الدولة المصري بكافة أركانها نظرا لكونها تعد بمثابة السلوكيات التي إعتاد البعض القيام بها دون أن يدري إنها تعيق حياة المواطنين اليومية وتعطل مصالحهم.


إختصارا، تذهب هيئة الرقابة الإدارية إلى مدى جديد من الحرب على الفساد، وهى الحرب الشاملة ضد بعض الممارسات، وتهدف للتأكيد على قيم الأمانة والنزاهة والحرص على المال العام، بل المراجعة الشاملة لكل السلوكيات الضارة التى زرعت فى الحياة اليومية لملايين المصريين، وصارت عقبة فى طريق أى محاولة للتقدم والتنمية.


إن أهم ما فى حملة الرقابة الإدارية هو محاولة التأسيس لفكرة الرقابة المجتمعية، وتفعيل مشاركة المواطنين فى القضاء على هذه السلوكيات الضارة.


هذا الجهد المحمود من هيئة الرقابة الإدارية، هو خطوة فى طريق إحياء فكرة إنشاء مظلة موحدة لجهود مكافحة الفساد، وسن قوانين عاجلة لمعاونة رجال الدولة فى هذه المهمة الصعبة، والتى تحتاج منهجية دقيقة وخطة محكمة لمحاصرة الفساد والذى لا يقف عند حد السرقة من المال العام، والرشوة، ولكن يمتد لإهدار وسوء إدارة المال العام وهى جريمة لا تقل فداحة عن الفساد.


إن مكافحة الموروثات السلوكية وممارسات داخل الجهاز الإدارى للدولة تبدو فى ظاهرها قانونية مائة بالمائة وشرعية لكنها مع ذلك وليدة خلل فى اللوائح والقوانين العامة لكل مؤسسة، وأبسطها تعبير " تقفيل الميزانية " الشائع الاستخدام داخل وزارات ودواوين الحكومة، والذى يعنى ببساطة أن هناك فائض ميزانية يتيح للمديرين استخدامه فى إحلال وتبديل ما لا يستحق التبديل لينفق ما خصص له من ميزانية خلال العام المالى حتى لا يتم تقليص ميزانية العام المقبل.


إن خطوات الرقابة الإدارية على طريق تحويل جهود مكافحة الفساد إلى آلية ممنهجة وصارمة ولها اليد العليا تستحق الثناء والإشادة، إذ يحتاج المواطنون إلى الاطمئنان والشعور أنه هناك جهة قادرة على التصدى لقضايا الفساد وسرقة المال العام التى صارت مع الأسف منهج، امتد ليصل إلى جذور التفكير الاقتصادى فى كافة مؤسسات الدولة، بحيث تحولت هذه المؤسسات فى كثير من الأحيان لمؤسسات معيقة لتأدية هذه وظائفها لا مؤسسات لتأدية أدوار ما فى المجتمع.


إن ما تفعله الرقابة الإدارية يعد بمثابة الدعوة المفتوحة إلى مجلس النواب وكافة الأجهزة المعنية بالتعجيل فى إصدار القوانين الملائمة، وتأسيس بنية جديدة راسخة تستطيع المقاومة ومكافحة فسادا بهذا الحجم، ومرحلة جديدة من إشراك المواطنين وتحويلهم إلى ضمانة وآلية للرقابة على مؤسسات الدولة.