التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 05:15 م , بتوقيت القاهرة

رمضان في عهد الملك فاروق .. خيم وموائد وحفلات قرآنية

عبر آلة الزمن، نسافر إلى الماضي، نتنقل معًا، لنعيش في ليالي وأيام "رمضان من كل العصور"، من رمضان في العصر العباسي، إلى رمضان في العصر الفاطمي، وحتى رمضان في العصر الأيوبي، والعصر المملوكي، نروي حكايات وقصص رمضانية، من شوارع قاهرة المعز، من قلعة الأيوبي إلى أبواب المماليك، في رحلة بعيدة من الماضي إلى الحاضر.


نستكمل في هذه الليلة الرمضانية، حكايات أيام وليالي رمضان القديمة، حيث نرتحل في هذه الليلة إلى عصر الدولة الحديثة في مصر، في فترة تولي فاروق حكم مصر، حيث نعيش معهم تلك الليالي ما بين شوارع المحروسة وقصر الوالي، حيث يروي لنا الدكتور عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة، كيف كان رمضان في القاهرة الخديوية، فيقول إن الملك فاروق هو آخر حاكم لمصر من عائلة محمد علي باشا، وآخر ملوك مصر.


وقد تولى الملك فاروق حكم مصر خلفًا للملك فؤاد الأول، واستمر حكم فاروق على مصر والسودان ستة عشر عامًا، حتى قيام ثورة 23 يوليو، التي حولت مصر من ملكية إلى جمهورية، وهاجر في أعقاب الثورة إلى روما وسويسرا وفرنسا، حتى توفي بها في عام 1965، ودفن أولًا في مقابر إبراهيم باشا في منطقة الإمام الشافعي ثم نقلت رفاته في عهد الرئيس محمد أنور السادات إلى المقبرة الملكية بمسجد الرفاعي بالقاهرة تنفيذًا لوصيته.


وتميزت ليالي شهر رمضان المبارك في عهد الملك فاروق بأنه كان متأثرا بالطقوس الرمضانية من الدولة العثمانية، فكانت المساجد والمآذن وزينة رمضان، واستطلاع الهلال، وكافة أشكال ومظاهر رمضان التي كانت متواجدة في العصر العثماني ومن بعده عصر محمد على وأبنائه.


وكان استطلاع هلال شهر رمضان مختلفًا عما قبله، حيث كانت المحكمة الشرعية التي تحل محلها الآن دار الإفتاء، تقوم بدعوة كبار الشخصيات والباكوات وأعضاء الأسرة المالكة وكبار الشيوخ والعلماء للحضور لديوان المحكمة يوم 29 شعبان، لحضور الاحتفال برؤية هلال شهر رمضان، كما هو متبع الآن من احتفال دار الإفتاء.


وكانوا يخرجون إلى سفح جبل المقطم لاستطلاع الهلال فى مساء 29 شعبان، فيخرج موكب القاضي الشرعي  يستطلع الهلال، ثم ينزل إلى جموع الأهالي التي تنتظر الهلال، وعندما يتم التحقق من ظهور الهلال ينقسم الموكب إلى عدة أقسام تنتشر فى المدينة لإعلام الأهالي بموعد الصيام، ثم يقوم القاضي بإثبات بدء شهر رمضان في وثيقة يودعها المحكمة الشرعية.


وفى عهد الخديو عباس حلمي الثاني كان يتم إذاعة خبر التحقق من الهلال، عبر مآذن الجوامع، ثم عن طريق الراديو، ثم تنطلق المدافع من فوق القلعة ليسمعها كل سكان المحروسة إيذانًا ببدء شهر رمضان، وكان الملك فاروق يخطب في الناس في ذلك اليوم الذي يتم فيه تحري الهلال، بخطبة يهنيء فيها الأمة بحلول الشهر الكريم.


وفور بدء شهر رمضان كان الملك فاروق يأمر بمنع بيع الكحوليات في المحلات العامة، وكان يصدر أوامره لوزارة الأوقاف بتشغيل أجهزة الراديو لإذاعة القرآن الكريم طوال الشهر، كما كانت القصور الملكية تستخدم مكبرات الصوت لإذاعة القرآن الكريم طوال أيام رمضان، وكانت تقام سرادقات في الميادين لحفلات دينية تتضمن تلاوة القرآن الكريم والتواشيح الدينية، ومن أبرز تلك السرادقات المقامة فى ميدان قصر عابدين.


وكان الملك فاروق يأمر بانتشار الموائد الرمضانية في الشوارع والميادين لإطعام الفقراء والمساكين، وأفراد الشعب، وكانت الموائد ممدودة وعامرة ومفتوحة للجميع.