أصوات من السماء| طه الفشني.. شيخ ودع الغناء واتجه لقبلة القرآن
اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها".. قيثارات عذبة ندية وأصوات شجية وروحانية فكانت أصوات من السماء لمقرئين نتذكرهم دائما شوقا واشتياقًا، يوميا وحتى انتهاء شهر رمضان نستعرض فيها حلقات أبرز مقرئي القرأن الكريم في مصر.
صوتا عشق الغناء، ولكنه اختار أن تكون قبله صوته القرآن، اتجه اليه بإرادة حرة وعن قناعة تامة حول مساحات صوته الجبارة التي تعدت ال17صوتا الي نغم في حب الإله، وعشق كتابه، ليبهر جمهور أحبه، وإنتظر صوته ليمنحه لحنا ملائكيا، وحده كان عازفه بإمتياز، فخطف قلب عشاقه من المستمعين بعلمه الغزير في المقامات الصوتيه، التي درسها بإقتدار، ليكتشف مساحات قوية بصوته، دون الإعتماد فقط علي الموهبه، أدرك أن كل لحن، وله إجتهاد خاص، وفي هذا الفهم التزم بحدود المقامات الصوتيه في قرآته للقرآن، ليحفظ صوته في منطقة فخمة
طفوله عانقت النجاح
اتم حفظ القرآن وهو في العاشرة ، ومن مدينة الفشن بمحافظه بني سويف بدأت رحلته في التفوق، فحصل على دبلوم المعلمين من مدرسة المنيا، ليغذو القاهرة التي كانت نقطه انطلاقه في مجال النجاح، والتي وضع فيها هدفا ألا يكون أقل تفوقا عن المراحل التعليمية السابقة، ليلتحق بالأزهر الشريف، ويحصل علي شهادة القراءات العشر علي يد الشيخ العالم الجليل عبد العزيز السحار أحد علماء الأزهر آنذاك، واستقر الشيخ في منطقه الحسين، ليسلك فيها طريقه للغناء، لكن نزعته الدينية التي نشأ وتربى عليها حالت بينه وبين استكمال طريقه في الغناء.
وكان سكنه في «الحسين» سبباً فى تردده على حلقات الإنشاد إلى أن أصبح المؤذن الأول لمسجد الإمام بالمنطقة، وكان يرتل القرآن الكريم في مسجد السيدة سكينة، واشتهر بقراءته لسورة الكهف يوم الجمعة وكذا إجادته تلاوة وتجويد قصار السور، ويحسب له أنه أول من أدخل النغم في التجويد مع المحافظة علي الإحكام، ونبغ في مدرسة الشيخ علي محمود.
رحلته مع الإذاعة
التحق الشيخ طه الفشني بالإذاعة المصرية عن طريق الصدفه، حيث كان يحيي احدى الليالي الرمضانية بمسجد الإمام الحسين، بحضور سعيد لطفي، مدير الإذاعة المصرية آنذاك، فعرض عليه أن يلتحق بالعمل بها، واجتاز كافة الاختبارات، وأصبح مقرئا للإذاعة، ومنشدًا للتواشيح الدينية، ليصبح القارئ الثالث الذي تتعاقد مع الإذاعة بعد الشيخين محمد رفعت وعبد الفتاح الشعشاعي، وخلال التحاقه بالإذاعه سجل لقاءً أسبوعيا قرأ فيها للقرآن لمدة 40 دقيقة، وظل الشيخ طه الفشني منذ عام 1943 وحتى قيام ثورة 1952 يقرأ القرآن الكريم بقصري عابدين بالقاهرة ورأس التين بالإسكندرية لمدة 9 سنوات، ويستمع الملك فاروق إلى تلاوته التي تمتد إلى 45 دقيقة، فضلًا عن الدعوة الملكية للشيخ طه الفشني لتناول طعام الإفطار علي المائدة الملكية في شهر رمضان كل عام.
قارئ عبد الناصر المفضل
تميز الزعيم جمال عبد الناصر بذائقته الفنية العالية، وهو ما وجده في الشيخ طه الفشني، والذي اعجب بصوته المميز لخامته المبهره، وحرص "عبد الناصر" للتعبير عن تلك المحبه الخاصه للفشني بإهدائه عددا كبيرا من الهدايا ، كان أبرزها الطبق الخالص من الفضة، والذي زيله بتوقيعه، وهو نفس التكريم الذي رافق عهد الرئيس محمد أنور السادات ، والتي تشد عليه عددا كبيرا من الصور والتكريمات، وفي عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك كرمته الدوله في عام 1991، لمنحه نوط الامتياز من الطبقة الأولى، وأطلق اسمه علي أحد الشوارع الرئيسية بمدينة نصر بجوار مدرسة ابن الأرقم.
إلى جانب التكريمات العالمية، والتي كانت من نصيبه في عددا من البلدان العربية والإسلامية، وكان الشيخ طه الفشني خير سفير لمصر في البلدان العربية والإسلامية من بينها السعودية وباكستان وتركيا وماليزيا وتونس والمغرب وليبيا والسودان وسوريا.