التوقيت الجمعة، 10 مايو 2024
التوقيت 10:45 ص , بتوقيت القاهرة

زيارة بابا الفاتيكان

بقدر أهمية زيارة البابا فرنسيس، بابا السلام، هذا الأسبوع إلى جمهورية مصر العربية؛ للمشاركة فى مؤتمر الأزهر للسلام العالمى، جاءت إستعدادتنا للزيارة التاريخية لتنصب غالبيتها على الناحية الأمنية، وبدلا من أن نستغل الزيارة للترويج لجمهورية مصر العربية كبلد للسلام ووطن للمحبة، بلد تصدى للكراهية ووقف فى وجهها، بلد يحارب الإرهاب دفاعا عن الإنسانية بأكملها، انشغلنا فى إفشاء أجواء الخوف والقلق، واستمرت كل تغطيات الحدث دوليا تتعامل مع الدولة المصرية كبلد يرتعد ويتمتم بأن تمر الزيارة دون قلاقل.

أتفهم أهمية تأمين زيارة بابا الفاتيكان بهذه الدرجة وفي هذا الظرف الإستثنائي الذي تمر به الدولة المصرية، وإدرك مدى جسامة وخطورة أن لا تمر تلك الزيارة بشكل مخيب للأمال.

إلا أنه كان يجب أن تتسابق وسائل إعلامنا فى الترويج للزيارة كفعل إيجابى يأتى من شخص متفرد، وواحد من أعلى السلطات الدينية فى العالم والذي تتعلق به أعين ملايين البشر أينما ذهب.

وفي رأي لم تقم الدولة المصرية رسميا بأى حدث ترويجي خارجي للزيارة يساهم فى تنشيط السياحة الدينية، والتأكيد على أن جمهورية مصر العربية قادرة على حماية مواطنيها رغم كل محاولات أهل الشر تصدير صورة مخالفة لذلك.

كان يجب أن تستغل وزارات السياحة والخارجية وغيرها من الوزارات المعنية هذه الزيارة الكريمة والمحبة للبابا فرنسيس إعلاميا وتستبقها بحملة دولية للترويج للزيارة، بل ودعوة وفود السياح إلى الدولة المصرية للمشاركة فى هذه الزيارة التاريخية، كما فعلت هذه الوزارات مع لاعب الكرة ميسى.

كلنا للأسف رضخنا لأجواء الخوف والقلق التى نشرتها تفجيرات الكنائس، واستهداف كمين دير سانت كاترين، استجبنا دون أن نقصد للهدف الذى أراده أهل الشر، والمخربون بإفساد أجواء الزيارة، وتحويلها إلى عبء مضاف للأمن، لتمر علينا فرصة استغلالها فى إنعاش صورة جمهورية مصر العربية وتعزيز موقفها.

وفى الوقت الذى روّجت فيه إذاعة الفاتيكان للزيارة تحت شعار "بابا السلام فى مصر السلام"، لم تنشط حملات دعم السياحة فى استعمال هذه الأفكار الخلاقة التى حاولت وسائل إعلام الفاتيكان ترويجها، بل أن تصريحات بابا الفاتيكان نفسه إلى شعب مصر بأنه "سعيد حقا أن آتي كصديق ومرسل سلام وحاج على الأرض التي قدمت منذ أكثر من ألفي عام ملجأ وضيافة للعائلة المقدسة التي هربت من تهديدات الملك هيرودس.. ويشرفني أن أزور الأرض التي زارتها العائلة المقدسة ".

فماذ لو كنا قد أضفنا على جدول أعمال البابا فرنسيس زيارة لإحدى مزارات مسار العائلة المقدسة فى جمهورية مصر العربية، وبدأ تنسيق بين الكنيستين ووزارة السياحة واستغلال الظرف العالمي الذي حظينا به هذه الأيام، في ترويج برنامج السياحة الدينية لزيارة المواقع التى أستقرت بها العائلة المقدسة والتى تمتد حتى محافظة أسيوط.

إن رسالة بابا الفاتيكان تفيض بالمحبة إلى الشعب المصرى ولا أجد أبلغ منها فى الرد على المشككين فى قدرة الدولة المصرية على المواجهة وصحة موقفها من الإرهاب، قال فيها: "أتمنى أن تكون هذه الزيارة بمثابة تشجيع لمسيحيي الشرق الأوسط ورسالة صداقة وتقدير لجميع سكان مصر والمنطقة، ورسالة أخوة ومصالحة بين جميع أبناء النبي إبراهيم والعالم الإسلامي بصفة خاصة الذي تحتل فيه مصر مكانة رفيعة".

ألا تكفى هذه الشاهدة لنعلن أننا بلد الأمن والأمان، وأننا قادرين على استقبال السياحة الدينية، فهذا البرنامج فى حد ذاته سيعكس للعالم أن الدولة المصرية متسامحة متصالحه مع ماضيها وتاريخها وأنها تحتضن كل أثار العالم سواء تاريخية أو دينية سواء اسلامية أو مسيحية.

"إن عالمنا الممزق من العنف الأعمى الذي ضرب قلب وطنكم العزيز يحتاج للسلام والمحبة والرحمة يحتاج صانع السلام لأشخاص أحرار ومحررين لأشخاص شجعان يعرفون كيف يتعلمون من الماضي ليبنوا المستقبل دون أحكام مسبقة..إنه يحتاج لمد جسور للسلام والحوار والأخوة والعدل والإنسانية".

"أيها المصريون الأعزاء شبابا وشيوخا، نساء ورجالا مسلمين ومسيحيين أغنياء وفقراء، أعانقكم جميعا بمودة وأطلب من الله أن يبارككم ويصون بلدكم من أي شر.. صلوا لأجلي.. شكرًا، وتحيا مصر".