التوقيت السبت، 20 أبريل 2024
التوقيت 04:46 ص , بتوقيت القاهرة

لينا كيلاني كاتبة قصص "أولادنا" تتحدث لـ"دوت مصر" (1)


الابنة الوحيدة لأسرتها، طفلة وضعت الأم بين يديها الورق والألوان، والآلات الموسيقية فجذبتها الكتابة أكثر، أحبت الموسيقى لكن ظل الكتاب له مكانة خاصة لديها فهو صديقها، تسليتها، وعقوبتها أيضًا، استطاعت في كتاباتها أن تحافظ على روح الطفولة وخيالها وكان هذا جلياً في قصصها الكثيرة والمتنوعة، لتصبح لينا كيلاني، واحدة من أشهر كتاب أدب الطفل في الوطن العربي..


"دوت مصر" التقى الكاتبة السورية لينا كيلاني وأجرى معها الحوار التالي:


حدثينا عن أسرتك وعن والدتك الأديبة المعروفة (قمر كيلاني)؟
 
أمي وهي أديبة معروفة وروائية كانت معلمتي الأولى التي علمتني فن القصة، وهي قدوتي أيضاً لأن القول لديها يتطابق مع الفعل وهذا ما كان يستحوذ على إعجابي بها.. ولعلها كانت قدوة لأجيال ممن تتلمذوا على يدها عندما درّست أصول اللغة العربية وآدابها. تأثرت بها كثيراً وكم حلمت في طفولتي أن أصبح مثلها. أما والدي فقد كان ضابطاً لامعاً في الجيش العربي السوري في سلاح المدفعية، حصل على عدة شهادات علمية من فرنسا وألمانيا في الرياضيات والحقوق. 


كيف كانت طفولتك وأنتِ الابنة الوحيدة لأسرتك؟  


طفولتي كانت غنية بكل ما في عالم الأطفال الملون من ألعاب، ودمى، وألوان، وكل ما يبهج الصغار، وأمي وضعت بين يديّ كثيراً من كتب الأطفال حتى أصبحت لدي في المنزل مكتبة خاصة بي.. وأمي تقرأ لي منها وتساعدني على أن أقرأ عندما كنت أتعثر.. ومازلت أذكر حتى الآن قصص الكاتب العالمي (هانس أندرسن) وأنا أسمعها بصوت أمي. وعندما أصبحت في عمر العاشرة سمحت لي أن أقترب من مكتبتها، وكان أول كتاب تناولته منها هو كتاب ريتشارد رايت (الصبي الأسود)، ومازلت أذكره جيداً وأذكر كيف تسرب الى نفسي فرح بطل الرواية ذلك الصبي الأسود الصغير عندما تعلم الأرقام بعد أن حرم من فرصة التعليم.


هكذا بدأت قصتي في طفولتي مع الكتاب وقد أصبح رفيقي فيما بعد خاصة وأنني كنت ابنة وحيدة لأسرتي فكان أبطال القصص هم أصدقائي وكأنما هم معي في غرفتي الخاصة بي يلعبون معي ويضحكون، وإذا ما حزنت كما كل الأطفال لسبب ما طفولي طبعاً تحدثت إليهم وخيال الطفولة يذهب بي بعيداً معهم.


 
وكيف اكتشفتِ شغفك بالكتابة؟

 


كانت أمي تريد أن تكتشف ما هي موهبتي، فوضعت بين يدي الألوان وكراسات الرسم والأدوات الموسيقية، واكتشفت أن لدي موهبة بالموسيقى، تعلمت العزف على الجيتار وكنت أحلم بتعلم البيانو، لم أمتلك الشغف بالرسم، وظهرت موهبتي في الكتابة ربما ورثتها عنها. 

أذكر أنه ذات مرة خرجت عن القواعد، فكان عقابي أن أقرأ كتاباً صعباً جدًا لطفلة في عمري -حينها- "اللؤلؤة" رواية للكاتب الأمريكي جون شتاينبيك.


هذا الجو الأدبي الذي نشأت فيه وكنت التقي بكبار الكتّاب والشعراء في الوطن العربي من زملاء والدتي ما جعلني أنتمي الى عالم الأدب حتى قبل أن تتضح موهبتي وأخطو أولى خطواتي في الكتابة للأطفال.. ولعلي آنذاك أي عندما بدأت بالكتابة ونشر قصصي في الصحافة كنت أصغر كاتبة تكتب للأطفال.. بل طفلة تكتب للأطفال.. وبالطبع لم تكن في ذلك قد ظهرت شبكة المعلومات ووسائل التواصل لتعلن عن ذلك.



إذن الفضل يعود لوالدتك في الدخول إلى عالم الأدب؟  


 


بالفعل أمي ساعدتني كثيراً حتى تضعني على الطريق الصحيحة في كتابة القصة إذ أن الموهبة وحدها لا تكفي ليصبح المرء كاتباً.. وكانت تقسو عليّ أحياناً بما هو لصالحي.. إلا أنها لم تكن تريد لي أن اسير في درب الأدب وأن أحمل همّ الكلمة فوجهتني في دراستي الى اختصاص علمي، وهكذا نلت شهادتي العلمية في الهندسة الزراعية وتابعت في الدراسات العليا حتى نلت شهادة الماجستير في الإقتصاد الزراعي من الجامعة الأمريكية في بيروت وعملت فيما بعد لدى جامعة الدول العربية في المنظمة العربية للتنمية الزراعية إلا أنني سرعان ما انسحبت من عالم الزراعة لأتفرغ لعالم الأدب.


وعندما قررت المجيء لمصر أذكر أن والدتي قالت لي: إذهبي لمصر إذا كنت تتوقين لذلك.. وإذا كنت تستحقين فستنجحين. ولا تذكري لأي من معارفي من زملائي الكتّاب أنك ابنتي حتى تثبتي اسمك بعيداً عني. وهذا ما حصل بالفعل.



وكيف كانت بدايتك الأدبية؟


كان النجاح الباهر لي في بدايتي مع الكتابة لأدب الطفل يزامن وقت اتجه فيه كبار الكتاب في سوريا مثل الأديب السوري زكريا تامر والشاعر الكبير سليمان العيسى إلى هذا اللون الأدبي، لكني وصلت للأطفال بحرارة أكثر من غيري؛ لأنني كنت مازلت طفلة، أحتفظ بروح الطفولة داخلي، وصدر كتابي الأول (العصافير لا تحب الزجاج)، وعمري 16 عامًا.

ولماذا لم تدرسي الأدب خلال المرحلة الجامعية؟

هذا ما كنت أتمناه لكن كما ذكرت لك والدتي تدخلت وأرادت لي أن أدرس في الفرع العلمي وليس الأدبي.. لكني اكتشفت فيما بعد أن دراستي العلمية أفادتني بما هو أكبر مما لو توجهت توجهاً أدبياً.. فقد اكتسبت منها منهجاً علمياً في التفكير ساعدني كثيراً في كتابتي وفتح لي آفاق الخيال العلمي الذي كتبت فيه فيما بعد عدداً من الروايات والقصص حتى أصبح شغفاً.


 
إذن فدراستك العلمية أثرت في كتاباتك الأدبية أليس كذلك؟


صحيح.. فهذا تجلى واضحاً في كتاباتي سواء منها تلك التي للأطفال أو الأخرى في الخيال العلمي فعندما أكتب خيالاً علمياً يكون صحيحاً بمقدار ما يتطلبه هذا الجنس الأدبي فأنا أعي تماماً الفارق بين الخيال العلمي والفانتازيا ، كما أنني استخدم معلوماتي العلمية في قصة الطفل دون إقحام.. ويكاد لا يوجد لدي أي قصة للطفل إلا وبها معلومة علمية مبسطة تقدم ضمن منظومة القيم التي تطرح عادة في أدب الأطفال.