شاعر الألف أغنية، ربما يبدو اللقب جذابا وجميلا وذو وقع يشعرك بعظمة وقدرة صاحبه ثم تنساه بمرور الوقت، دون ان تفكر ابدا كيف لشخص واحد فقط يعيش ويأكل ويمزح وينام ويغضب ويكتئب أن يكتب ما يزيد عن 1000 أغنية في 59 عاما فقط لا غير، مع العلم انه بدأ الكتابة في عمر 12 عاما، لذلك صار مرسي جميل عزيز أحد أساطير الغناء العربي.

البداية منذ الميلاد تحديدا يوم 15 فبراير عام 1921 في مدينة الزقازيق محافظة الشرقية، والده كان تاجر فاكهة ميسور الحال، لم الحاج جميل مرسي في ابنه حب القراءة والآداب فشجعه وظل يمده بالكتب والمجلات بل وساعده في حفظ القرآن وأيضا حفظ المعلقات السبع الشعرية.

ساحر الألف اغنية بدأ رحلته في الكتابة حينما توفي أحد اساتذته فكتب يرثيه، ليستمر مرسي الصبي في القراءة وكتابة الشعر، حتى عام 1939، حينما قام الملحن الشاب وقتها رياض السنباطي بتلحين اغنية كتبها مرسي وهي اغنية "الفراشة" ليسمع مرسي اول اغانيه تذاع في الراديو.

بعدها ذاع صيت مرسي جميل عزيز حينما قدم اغنية "يا مزوق يا ورد في عود " والتي غناها المطرب الشعبي عبد العزيز محمود، وربما لتأثر مرسي ببساطة الشارع المصري ورغبته في التحرر من الكلاسيكية الغنائية التي كانت موجودة وقتها، كانت بدايات أعماله مع مطربين شعبيين أمثال عبد العزيز محمود وكارم محمود وعبد الغني السيد، فكلمات مرسي الخفيفة العميقة الرقيقة كانت لا تناسب الكلاسيكية الموجودة وقتها.

وحينما جاءت الثورة، كانت البيئة متهيئه لتقبل الجديد والمتطور في الأغنية المصرية، من سهد أحمد رامي وكيده، إلى خفه ورشاقة مرسي جميل عزيز، وكانت الانطلاقة الأكبر حينما تعرف مرسي على عبد الحليم حافظ، الذي كان يبحث له عن شكل غنائي مختلف تماما عن الشكل الكلاسيكي التقليدي، فكانت الإجابة في أسماء مثل مرسي جميل عزيز وحسين السيد الذي استطاع ان يطور من لغته واغانيه، وملحنين مثل محمد الموجي وكمال الطويل ومنير مراد وغيرهم.

مرسي الجميل العزيز قدم مع عبد الحليم ما يقرب من 35 اغنية من أشهرهم أعز الناس ألحان بليغ حمدي، وجواب ألحان كمال الطويل حبك نار ألحان محمد الموجي قولوله الحقيقة ألحان عبد الحليم حافظ.

وكتب مرسي جميل عزيز لام كلثوم 3 أغاني فقط ولكنهم من انجح أغاني ام كلثوم في مشوارها والثلاثة من ألحان بليغ حمدي، وهم سيرة الحب عام 1964 وفات الميعاد عام 1967 وألف ليلة وليلة عام 1969.

مرسي جميل عزيز أيضا كان شاهدا على بدايات العديد من المطربين لعل أبرزهم محرم فؤاد والذي كتب له أغنيات رمش عينه والحلوة داير شباكها والتي لحنهما محمد الموجي ضمن احداث فيلم حسن ونعيمة الذي أخرجه هنري بركات عام 1959.

لم يمر صوت مطرب واحد في مصر دون ان يغني من كلمات مرسي جميل عزيز، فيمكننا أن نعدد العديد من الأصوات منها فايزة احمد والتي كتب لها على سبيل المثال اغنية يا اما القمر على الباب ولحنها محمد الموجي، وشادية والتي كتب لها على سبيل المثال اغنية على عش الحب والتي لحنها منير مراد، اغنية وحياة عينيك والتي لحنها كمال الطويل وفريد الأطرش ومحمد فوزي وصباح وغيرهم حتى انه كتب لجارة القمر فيروز اغنية سوف احيا والتي لحنها الأخوين رحباني.

لم يكتفي مرسي جميل عزيز بالأغنيات العامية العاطفية او الوطنية أو الشعبية، ولكنه كتب ايضا بالفصحى مثل الاغنية التي غنتها فيروز، واغنية ذات ليلة لعبدالحليم حافظ، كما تقدم للدراسة في معهد السينما قسم السيناريو ليحصل على دبلوم المعهد العالي للسينما، وكانت له تجربه في كتابة السيناريو في فيلم هذا أحبه وهذا أريده عام 1975، وأيضا نشرت له العديد من المقالات في العديد من الجرائد والمجلات المصرية والعربية، وفي عام 1980 وتحديدا في يوم 9 فبراير، يفارق دنيانا ساحر الألف أغنية مرسي جميل عزيز، بعدما ترك بصمته لا يمحوها الزمن على الأغنية المصرية.