التوقيت السبت، 27 أبريل 2024
التوقيت 06:22 ص , بتوقيت القاهرة

"داعش ينهار".. تراجع وانقسامات تجعل التنظيم في مهب الريح

كتبت:- هدير حسين


بينما يواجه تنظيم "داعش" الإرهابي انهزامات في العراق وسوريا، أغلب الشواهد تشير إلى تفتت التنظيم.
ووفقا لمؤسسة "راند" البحثية، اقتل قادة أصحاب شأن كبير في داعش، وتم أسر آخرين، بالإضافة إلى تعرض التنظيم الإرهابي لأزمات مالية كبيرة خلال العام الماضي، كما فقد داعش السيطرة على مناطق كثيرة كانت تابعة له.


مصير تنظيم داعش


وأعلن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، الأسبوع الماضي، أن شرق الموصل حررت بالكامل من قوات التنظيم، وحقق التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمقاومة داعش، بعد السنة الثالثة من حملته العسكرية الجارية، تطورا كبيرا في حربه على داعش.


لذلك من المحتمل أن يكون مصير داعش المستقبلي واحد من احتماليين، إما أن يؤدي تفكك التنظيم إلى تعزيز قوة مركز التنظيم الرئيسي فقط وإضعاف قوة التنظيم الإرهابي ككل مع استمرار فقدانه للسيطرة على العديد من المناطق، والاحتمال الثاني أنه بدلا من ذلك قد يسير التنظيم على خطى "القاعدة"، وينكسر داعش بأسلوب من شأنه أن يقلل من تأثير مراكزه الرئيسية في العراق وسوريا، مع توفير مزيد من القوة للعمليات التي يقوم بها في مناطق كأفغانستان وليبيا واليمن وسيناء.



انقسامات داعش

ويري محللون سياسيون مثل كلينت واتس، المحلل السياسي المختص في شئون الشرق الأوسط في معهد أبحاث السياسية الخارجية الأمريكي، أن انشقاق داعش بمثابة فوز محتمل لحرب على الإرهاب، خاصة إذا نتج عن المعركة ضد داعش إفسادا ضمنيا لإيديولوجية التنظيم عن طريق إجبار التابعين لها على الاتجاه للمعارك المحلية الفرعية، مما يؤدي لـ "تعفن" المركز الرئيسي لداعش.


ويعتبر محللون آخرون أن الانكسارات والانشقاقات التي يعاني منها داعش ربما تؤدي إلى ظهور تنظيمات أصغر وأكثر تطرفا، وبالتالي تصبح الحرب الطويلة على الإرهاب أكثر إرهاقا وتطول مدتها الزمنية، وفي هذه الحالة سيلحق بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" المصير نفسه الذي واجهته القاعدة بعد أحداث 11 سبتمبر، حيث كان تنظيم القاعدة تنظيما إرهابيا متماسكا، ولكن في السنين الخمس التالية التي حرصت فيها الولايات المتحدة على تدمير القاعدة، بدأت الجماعة الإرهابية في الانهيار والتفكك ، وتحولت أصابعها الإرهابية من تنفيذ عملياتها في شمال أفريقيا إلى التركيز على مناطق في الجنوب الشرقي لآسيا.


وفي نهاية الأمر، تفرقت ميليشيات القاعدة حول العالم، ومنها من كون تنظيمات جديدة أو أصبح تابعا لجماعات إرهابية قائمة بالفعل، ولكن أيا كان المصير الذي واجهته ميليشيات القاعدة، فقد عانت من تحديات لوجستية وقانونية. ونتيجة لذلك، بدلا من شن أمريكا حربا ضد تكتل إرهابي واضح كبير، دخلت تنظيمات مكافحة الإرهاب الأمريكية في حروب متفرقة حول العالم للقضاء على تنظيمات إرهابية تابعة في إندونيسيا واليمن والعراق ومالي وغير ذلك.


وفي كل الأحوال، فإن المسار الذي ستسلكه داعش مستقبليا لن يتضح الآن، ولكن أيا كانت حقيقة ما يدور داخل التنظيم علينا أن نتأكد أن داعش تريده سرا.



وسائل الإعلام الداعشية تتراجع


وأجرت مؤسسة "راند" البحثية، دراسة تحليلية لوسائل الإعلام والدعاية التي تمتلكها داعش، وأخضعت عوامل كالإنتاجية والمصادر والجودة لقياس الاختلافات التي طرأت أدائها الإعلامي وعلى مخاطبتها لجمهورها.


وفي هذه الدراسة، المهم هو أين يصنع التنظيم رسائله الإعلامية، وليس الإنتاجية الإعلامية بشكل عام. واستنادا إلى ذلك، اعتمدت دراسة راند على أرشيف شامل لدعاية داعش خلال الستة شهور الأخيرة، قيمت الدراسة بشكل منهجي كل وحدة من الوحدات الإعلامية للتنظيم الإرهابي والتي يبلغ عددهم 57 وحدة، وركزت الدراسة في تقييمها على متى تنتج الوحدات مواد إعلامية وما هو مضمون هذه المواد.


وتوصلت الدراسة إلى حقيقة واضحة، وهي انكماش الوحدات الإعلامية لداعش، ففي الشهور الأخيرة، ضاق النطاق الجغرافي لإعلام التنظيم.


في عام 2015، كان عدد المكاتب المسؤولة عن إنتاج الإعلام الداعشي لا يقل عن 40 مكتب، ولكن مع منتصف يناير 2017 انكمش عدد المكاتب النشطة إعلاميا إلى 19 فقط.


بالإضافة لذلك ارتبط مفهوم الخلافة بدولتي العراق وسوريا فقط، كما أصبح التابعون لتنظيم داعش أكثر بعدا وانفصالا عن مركز الجماعة.


وفي عامي 2014 و2015 حينما زعم التنظيم الخلافة، كان أكثر قدرة على تسويق نفسه كمتمرد على الدولة العراقية.



محاولات داعش لكسب التأييد حول العالم

ونجحت وسائل الإعلام والدعاية لداعش في كسب تأييد الكثيرين حول العالم لـ "يوتوبيا" التنظيم السلفي الجهادي الذي تروج له، وقدم التنظيم لنفسه صورة شاملة عن شكل الحياة وسط داعش.


وخلال العامين الماضيين، اهتم داعش بتوصيل رسائلها الإعلامية عبر العالم كله لتعزيز صورتها والحفاظ عليها، عن طريق التبادلات اليومية المستمرة بين التابعين لداعش خارج العراق وسوريا وبين مركز التنظيم، ونجحت الدعاية الخارجية في إقناع المشاهدين بسياساتها الدولية بشكل كبير.


ولكن الأمور اختلفت الآن، فبات من النادر أن تقابلك دعاية للتنظيم مصدرها الوحدات الإعلامية في ليبيا واليمن وجنوب آسيا، واتجه التنظيم لوضع أذرعه الإعلامية في سوريا والعراق في مقدمة اهتماماته الإعلامية.


وتختم الدراسة تحليلها قائلة إنه ومن المحتمل أن يكون لدى المجموعات التي تنشق عن تنظيم "داعش" معتقدات وأهداف مختلفة عن الجماعة "الأم"، ولذلك سيتحتم على تنظيمات مكافحة الإرهاب أن تغير من استراتيجيتها عند التعامل مع هذه المجموعات المنشقة، كما يجب أن ترحب تنظيمات مكافحة الإرهاب بالانشقاقات التي يعاني منها داعش لأنها دليل على نجاح حربها على التنظيم الإرهابي.


وأضافت " يجب محاربة الخلايا المنشقة من خلال عمليات قتل وأسر للحد من عملياتهم الإرهابية وللنجاح في تحقيق ذلك يجب ان تتكاتف الجهود لتقليل الفساد في المناطق التي ينفذ فيها التنظيم عملياته الإرهابية، وتعزيز القوات الأمنية في أكثر الدول تضررا من إرهاب داعش".