التوقيت الثلاثاء، 01 يوليو 2025
التوقيت 12:52 م , بتوقيت القاهرة

قهر الرجال


"مراتي سابتني عشان مش عارفين نعيش، مش عارف أصرف عليها"، يجاهد دموعه وكرامته ليتحدث بكلمات مفهومة أمام ميكروفون مذيعة الشارع الشابة سارة فؤاد، ويضيف "أنا متجوز بقالي 30 سنة، مراتي سابتني وراحت عند أهلها، كلنا في السيدة زينب بنتكلم مع بعض، والله العظيم كل الأحياء اللي زينا مامعهاش فلوس تاكل".

واقتحمت إحدى المارة التصوير مهاجمة المذيعة: "إنتم عايزين تخربوا البلد، إنت بتسألي ناس ما بتفهمش، إنتم زبالة"، لترد عليها المذيعة "قولي رأيك زي ما هما بيقولوا رأيهم"، فتركتها وانصرفت.

وبعد أن غلبته دموعه، حاول أن ينهي كلامه قائلا للمذيعة: "إنت جريئة، سلام عليكم"، وفي موقف مثل هذا لم تملك المذيعة سارة، بعد كاميراتها، سوى أن تعد هذا الرجل "صوتك يوصل".

شاهدت هذا المقطع علي مواقع التواصل الاجتماعي أمس و تعاطفت مع هذا الرجل وبدأت في البحث والتحليل عن عدة  أشياء أولها ليس بكاء الرجل و شكوته و إحساسه بالعجز فعلم النفس يفسر هذه الحالة ، فسرها ماسلو عالم النفس الشهير في هرمه الشهير هرم ماسلو الذي يتكلم عن دوافع الشخص و تسلل الاحتياجات.

إنه هرم افتراضي وضعه العالم الامريكي ابراهام ماسلو في منتصف القرن الماضي وهو يتحدث عن أن للإنسان حاجات يسعى إلى سدها ، يوضح ماسلو كافة احتياجات الانسان بشكل هرمي ولكي ترتقي من مستوى احتياج معين إلى مستوى أعلى يجب عليك أولا تلبية ذلك الاحتياج بالكامل حيث يرى ماسلو ان الانسان عندما يحقق حاجاته الأساسية يسعى إلى تحقيق احتياجات أعلى كما يرتبها الهرم فكلما ارتفعنا في الهرم اصبحت الحاجات أكثر سمواً.


ينقسم هرم ماسلو إلى خمس مستويات : في المستوى الأول يضع ماسلو الحاجات الفيسيولوجية وهي الحاجات اللازمة لبقاء الانسان على قيد الحياة فالانسان يحتاج إلى الطعام ليشبع حاجة الجوع والمسكن ليضمن حمايته والجنس للحفاظ على نوعه ، في المستوى الثاني حاجات الأمن والأمان فالأمان حاجة اساسية في حياة كل انسان ومن دونه لايمكن له أن يعيش حتى بتوافر كافة الحاجات الفيسيولوجية فهذه الحاجات هي حاجات للحفاظ على وجوده مثل أمان ممتلكاته الشخصية والأمان الوظيفي والأمان المالي ( الدخل الثابت ) .


وضع ماسلو الاحتياجات الاجتماعية في المرتبة الثالثة بالهرم مثل تكوين صداقات و الحب والاسرة والعمل الجماعي فالانسان بطبعه يحب الانتماء إلى جماعات مختلفة ويبتعد عن الوحدة والانعزال فلا يستطيع أحد ان يعيش وحيدا بعيدا عن المجتمع ، رابعاً وٌضع في الهرم الاحتياج إلى التقدير فلابد للانسان أن يشعر بتقدير ذاته واهميتها اولا لينعكس ذلك على المجتمع ثانيا ويكتسب احترامهم وتقديرهم فتقدير المجتمع يكون بعد تقدير الذات ومن بين العوامل التي أوضحها ماسلو والتي تساهم بتقدير الشخص ( السمعة الطيبة ، الشهرة ، النجاح ) في رأس الهرم افترض ماسلو ان أسمي  الحاجات هي حاجة الفرد إلى تحقيق ذاته وقام بتسميتها بالحاجات العليا وتكون من خلال تعظيم استخدام الفرد لقدراته ومهاراته الحالية والمحتملة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الإنجازات.

لا نحتاج كلام كثير و تنظير.. الحالة واضحة وضوح الشمس، هذا الرجل لم يحقق الاحتياجات الأساسية من مأكل و  مشرب فتخلت عنه زوجته ، فصادف كاميرا في الشارع فقرر أن يبوح و يفضض و يتكلم عن ما يخفيه رغبة منه أن يسمعه أحد .

كما  قلت الرجل تفسيره سهل و لكن التفسير الصعب للمرأة صاحبة الشعر الأصفر المصبوغ التي تدخلت في وسط الفيديو وبدأت في التشكيك في نية المقدمة والكلام أنها وراها جهة ما ، نظرية المؤامرة  لا أحد يستطيع إنكارها ولكن تداولها بين العامة يفقدها رونقها و يجعلها محط سخرية  ممن ينتقدون النظرية من المتخصصين .
السيدة ظنت أن هذا الشخص كسائق  التوك التوك الذي تم استضافته قبل ذلك في احد القنوات وأحدث ضجة و لكن سائق التوك توك تحدث في السياسة والاقتصاد وكان في ضيافة واحد من أعلى البرامج مشاهدة  .


السيدة تريد أيضا أن توصل رسالة بأنها داعمة وساندة للدولة والنظام وأنها مواطنة  شريفة .هي تعتقد أذ هذه هي الطريقة المثلي لحب الوطن والدفاع عنه وهي طريقة يتبعها الكثير من قادة الرأي العام وهي التشكيك في النوايا لكل من  يقول كلام معارض أو مخالف أو يظنوا أنه مخالف. 

هناك فرق بين نظرية المؤامرة و بين المصابين باضطراب الشخصية البارانوية و هو اضطراب منتشر بشدة في العالم وتصل نسبته الي 2.5  في العالم و ينتشر في دول العالم الثالث والبلدان  صاحبة الأنظمة الشمولية. 

اضطراب الشخصية الاضطهادية (البارانوية)
يتميز هذا الاضطراب بالشك غير المنطقي، وعدم الثقة بالناس،بوجه عام. ولا يعترف المبتلَى بمسؤوليته عن مشاعره، بل يعد الآخرين مسؤولين عنها؛ فأفعال الناس محقرة له أو مهـددة. ويتهيأ له، غالباً، أنه مضطهد، أو أنه يؤذى من الآخرين، بطريقة ما. وكثيراً ما يتشكك، من دون منطق، في ولاء أصدقائه أو ثقته بهم. ويستشعر غالباً، غيرة مرَضية، إذ يدعي، من دون مبرر، خيانة شريك حياته؛ وتفجرالمواقف الجديدة شعوره بالاحتقار والتهديد. ويسهل استفزازه، فيندفع في شجارات، لاداعي لها، وقد يحمل الكراهية لوقت طويل، ولا ينسى الإساءة. ويتردد في أن يثق بالآخرين، خشية أن تستخدم المعلومات (التي يدلي بها) ضده.

والمصابون بهذا الاضطراب يأخذون حذرهم ضد أي تهديد. ويتجنّبون اللوم، حتى عندما يكون لسبب منطقي. وينظر إليهم الآخرون على أنهم حذِرون، كُتُمٌ غير مبادرين، ومدقّقُون. وعندما يوجد صاحب اضطراب الشخصية البارانوية، في موقع جديد، فإنه يسعى،بشدة، لتأكيد توقعاته، من دون فهْم الإطار العام. واستنتاجه النهائي، عادة، يحسم ما توقعه، أول الأمر. وتكون لديه، غالباً، أفكار إشارية عابرة، مثل أن الآخرين يلاحظونه، بشكل خاص، أو يقولون عنه أشياء غير سارّة.

هل قادة الرأي العام وبعض الإعلاميين مصابون باضطراب الشخصية البارانوية ونقلوا أفكارهم  للجمهور  . 

بكاء الرجل فسره أيضا الحديث النبوي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ:
((دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ فَقَالَ: يَا أَبَا أُمَامَةَ مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ ؟ قَالَ: هُمُومٌ لَزِمَتْنِي، وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَامًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ، وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ، وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وَقَهْرِ الرِّجَالِ، قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّي، وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي)) (أبو داود)

الرجل مقهور لذلك بكى .

في النهاية سوف نربط  بين فيديو منذ حوالي أسبوع لفخامة الرئيس وهو يغالب دموعه، خلال كلمته، يوم السبت، بفعاليات افتتاح التوسعات الجديدة بشركة النصر للكيماويات الوسيطة.

البعض سأل لماذا بكي الرئيس؟

بكي  الرئيس لأنه إنسان يشعر بالناس يشعر  بأوجاعهم و يريد  تقديم أفضل شي لديهم.
 
قالها الرئيس بالنص: "أنا نفسي أعمل كل حاجة حلوة عشانكم"
هل يستطيع أحد من المؤديين بدون تفكير المزايدة على رئيس الجمهورية ؟!!