التوقيت السبت، 20 أبريل 2024
التوقيت 08:29 ص , بتوقيت القاهرة

محمود شفيق يحتمي بـ"أبو دجانة الكناني".. مشهد لم يره أحد

في حضرة القائد والمرشد، تتوارى الأسماء التي اختارها الآباء والأمهات، تتبدل الحروف التي اعتاد الفتيان سماعها، كلٌ يبحث عن امتداد انقطع بموت صاحبه منذ 1438 عامًا، هذا يتخذ لنفسه "سيف الله" اسمًا، بينما آخر يقرر أن يكون "أبا المهاجر"، يخلعون على أنفسهم ألقاب الصحابة، ويحاربون الحاضر بصليل سيوف الماضي، وعند المواجهة الدموية المعلومة من طرفهم، والمفاجئة للضحايا، تحذف أسماء الصحابة والتابعين من مجالس العلم، وتقحم في العناوين الإخبارية وسط كلمتي "الإرهاب" و "الضحايا".

فور إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن اسم محمود شفيق محمد مصطفى، متهمًا بـ تفجير كاتدرائية العباسية، لم تفوت وسائل الإعلام شاردة ولا واردة عن الفتى ونشأته، ونال الاسم الحركي "أبو دجانة الكناني"، قسطًا وافرًا من الاهتمام. الجسد النحيل لفتى ولد في قرية عطيفة مركز سنورس محافظة الفيوم، لم يتحمل ضخامة الاسم الذي ذكرت وسائل الإعلام أنه اختاره، التحول من محمود شفيق إلى أبو دجانة، معادلة ناقصة لم تكتمل.

منذ 1435 عامًا، في غزوة أحد، كان الصحابي أبو دجانة سماك بن خرشة، ممسكًا بسيفه وسيف الرسول صلى الله عليه وسلم، ويرتدي عصبته الحمراء، علامته المميزة في مواقع القتال، وينحني على ظهر النبي، يتلقى بظهره السهام بدلًا منه، عن قتادة بن النعمان قال: كنت نصب وجه رسول الله، يوم أحد أقي وجه رسول الله  وجهي، وكان أبو دجانة سماك بن خرشة موقيًا لظهر رسول الله بظهره، حتى امتلأ ظهره سهامًا وكان ذلك يوم أحد.

بعد ثمان سنوات، كان وحشي بن حرب، يسدد رمحه إلى صدر مسيلمة الكذاب، في معركة اليمامة، وفي الوقت الذي اخترق الرمح جسد مسيلمة، كان سيف أبو دجانة فوقه، قال وحشي: ربك أعلم أيُّنا قتله. في تلك المعركة قتل أبو دجانة بسهم أصاب قلبه.

عن سبب اقتباس الجماعات الإسلامية لـكُنْيات وألقاب الصحابة، يرى الباحث في شئون الجماعات الإسلامية ماهر فرغلي، أن اختيارات أعضاء الجماعات المتطرفة للكُنية؛ إمعانًا في السرية، لأنهم جماعات وخلايا عنقودية سرية. فضلًا عن السبب الديني، وهو أن الكُنية سنة من سنن النبي، ويعتبر أعضاء تلك التنظيمات أن كُنيتهم أقصى التزام بهدى النبي، ويختار العضو الكُنية من ناحية النبوءة، وهى أنه يتصور أنها نبوءة النصر، فأبو دجانة على سبيل المثال هو صحابي كان من أشد الناس بأسًا في القتال، وله قصة معروفة في الأثر والسيرة، وهم يتقلدون هنا بالصحابة الذين كانوا يتكُنون، مثل خالد بن الوليد، فكُنيته أبو سليمان.. الخ.

 وأوضح فرغلي لـ "دوت مصر"، أن معظم الأعضاء هم من يختاروا الكُنية، اما الاسم الكودي، فقد يختاره لهم القائد، وهناك كُنَى تعرفنا العناصر، بمعنى الجزراوي يعني من الجزيرة العربية، أبو كذا المهاجر، يعني من مصر أو شمال إفريقيا، مشيرًا إلى أن "الأسماء الكودية في كل التنظيمات، اما الكنى فهي في الإسلامية فقط".

وأشار الباحث في التنظيمات الإسلامية، أحمد بان، إلى أن إعطاء كُنية للعضو في تنظيم متطرف، شكل من أشكال الاقتداء السطحي بواقع النبي مع الصحابة، حيث كان النبي يكنَى البعض بألقاب، لون من ألوان التكريم، مثل إطلاقه لقب الصديق على أبى بكر، وسيف الله على خالد بن الوليد، فضلًا عن أن الكُنية هي سلوك أو تقليد اجتماعي سابق على ظهور الإسلام، والجماعات الإسلامية تحرص عليه لإسباغ وجاهة واتصال بعهد الصحابة على مستوى الشكل دون المضمون من قيم الدين الصحيحة، كما أنه لون من ألوان التخفي بالتسمي بأكثر من اسم.

* في تقرير سابق لـ "دوت مصر"، اختار كل مواطن مصري كنيته إذا التحق بداعش.