التوقيت الجمعة، 11 يوليو 2025
التوقيت 01:31 م , بتوقيت القاهرة

قهوة وغواية

يأخذنا المؤلف بعنوانه المثير في رحلة لتاريخ القهوة وعلاقتها بالمجتمع. يرصد من خلال الرحلة فكرة الاسم كهوية موروثة.

يزخر الكتاب بإجابات عن الكثير من الأسئلة مثل لماذا حرمت القهوة؟ لماذا ولقرون فضلَّ الإنجليز الشاي؟ ما هو السر وراء "إيتيكيت" أو تقاليد تقديم القهوة العربية؟ والأهم، كيف أصبحت القهوة " قهوة"؟

يبدأ السريحي بمقدمة يتذكر فيها "مقهى العمال" بالحي الذي يسكن فيه بجدة. يرصد الكاتب ويقارن بين نظرة مجتمعه للمقاهي قديمًا ونظرة المجتمع الآن للمقاهي بعد أن ارتدت ثوب العالمية وأصبحت في كل ركن. وأصبح ارتيادها لا يشين، كما لو كانت "القهوة" عادت بلا ذاكرة.

في الفصول الثلاثة الأولى من الكتاب (البحث عن الجذور وتجليات القهوة وحقول دلالية) يناقش الكاتب تاريخ القهوة والأساطير حول نشأتها، وكيف أصبحت منذ ميلادها (على يد متصوفة اليمن) مشروب طقسي، قارب على أن يكون مقدسًا. فهي سر ولي، ولما شربت له.

يناقش الكاتب سر تسمية القهوة ويفسر لماذا قرر المتصوفون إعطاء المشروب المصنوع من البن اسما قديما من أسماء الخمر ويذكر في ذلك:

"وهم من خلال إطلاق تلك التسمية على المشروب المستحدث، يجسدون توقهم إلى الرمز الغائب سواء كان غيابه لتحريم القرب منه حين يكون مشابهًا لخمر الدنيا، أو حين يغدو اللقاء به وعدًا مؤجلًا فيشبه غيابه غياب الخمر المؤجلة حين تكون نهرًا موعودًا من أنهار الجنة".

ثم ينتقل ليشرح كيف انتقلت القهوة من مرتبة المُقدَّس لمنزلة المُحرَّم حينما لم يقنع العوام باسمها ذو الدلالة فقط وقرروا مزجها بالمسكرات لتصبح "اسما على مسمى".

في الفصل الرابع ( التحريم ولعبة الأسئلة يذكر قصة تحريم القهوة بمكة. يحلل الكاتب رسالة ناظر حسبة مكة للسلطان الغوري وما دار في خلفية هذا الخطاب. ويذكر الأسباب سياسية والاقتصادية التي كانت من الأرجح الدافع لناظر حسبة مكة لطلب تحريم القهوة وليس كما ذكر في خطابه للسلطان الغوري أنه غيره على الدين مما يرتكب في "المقاهي".

يطرح الكاتب في هذا الفصل فكرة مهمة، وهي أن صيغة الاستفتاء تعلب دورًا هامًا في نتيجة الفتوى. فالأسئلة تحدد الإجابات.

خصص الكاتب الفصل الخامس (ما تحت القشرة) لذكر ما غفل عن ذكره من تاريخ القهوة فيما سبق من الكتاب. يتناول ما تبقى من سيرة القهوة، أسماءها ودلالات التسمية. والميراث الثقافي للقهوة في المجتمع العربي في البادية وعادات وتقاليد تقديم القهوة.

وفي خاتمة الكتاب يقارن الكاتب القهوة بالشاي وكيف أن المشروبين مستحدثين. ولكن أحدهم أثار الخلاف والجدال والثاني مر بهدوء.

" الشاي فن والقهوة قن"

يصل السريحي للاستنتاج الذي وعدنا به في العنوان، أن السر في الاسم. مر الشاي بهدوء لأنه "شاي". لكن أثارت القهوة جدلا لأنها "قهوة".


===
إسم الكـتاب: غواية الإسم، سيرة القهوة و خطاب التحريم
المؤلف: سعيد السريحي
الناشر: النادي الأدبي بالرياض – المركز الثقافي العربي