التوقيت الخميس، 18 أبريل 2024
التوقيت 01:52 م , بتوقيت القاهرة

منى مينا.. والسرنجة فيها سم قاتل

مصر تمر بأزمة حقيقية، جوهرها في الطابور الخامس الذي ينهش فيها ويكسر كل محاولاتها لإستكمال التعافي، ما كل هذا اليأس والإحباط والتشويه الذي يصبغونه علينا في كل مناسبة، إنه دورهم المرسوم والمخطط بعناية أن يلعبوه في توقيتات وفقًا لأدوار موزعة عليهم كل في إختصاصه، ويسخر لهم الشرير الأعظم كل أدوات ووسائل تكنولوجيا الإتصال الحديثة لإحداث تأثيرهم المطلوب. فوفقًا لقواعد معروفة في علم نفس الإتصال ودراسة دقيقة للرأي العام المصري، يميل المجتمع المهزوم نفسيًا، والذي تقل به نسب المعرفة العلمية في مقابل إنتشار نسب المعرفة الظاهرية، إلى تصديق كل ما هو سلبي ورفض الإيجابيات، وهو أمر طبيعي، يتيح الفرصة لكل من يعلم ومن لا يعلم إلى الحديث في كافة مناحي الحياة كالعالم المتخصص، وإلى تنميطه وقولبته نحو تصديق كل ما هو سلبي حتى لو كان على يقين بأنه غير حقيقي.


إنه الإنطباع الأول الذي تزكيه وسائل التواصل الاجتماعي عبر أشخاص تم توظيفهم بصورة جيدة في مؤسسات الدولة، بحيث يتم إستخدام ما يدلون به كحقائق يقينية، ينطلق منها دعاة الشر نحو مزيد من إشعال الغضب ونشر الإحباط واليأس. فتكفينا كذبة صغيرة تنطلق من موقع شخص له هذه المكانة المؤسسية أو المجتمعية كشخصية عامة، ليدخل الجميع في المقاهي وأماكن التجمعات والموظفين في مؤسسات الدولة في دائرة من الجدل حول صحة هذا الكلام والذي لا ينفونه ولكن يذهب البعض إلى تأكيده بأمثلة حدثت معه شحصيًا، ليتطلق التأثير إلى قطاعات أخرى حتى لو لم تكن مجتمعة في دائرة النقاش لتنقلها لتجمعات ودوائر أخرى، ومع سرعة إنتقال المعلومات عبر وسائل الإتصال يصبح للمعلومة أو الخبر الأول التأثير الأكير، وتضطر الدولة أن تبذل كل الجهد لتصحيح المعلومة وتوضيح الأمر، لكي تصحو في اليوم الذي يليه على فكرة أخرى أو خبر آخر أو كذبة جديدة.


وهكذا دائمًأ ما تضعك وسائل الإتصال الحديثة تحت الضغط الدائم لمكافحة إنتشار هذا الدنس، وهي دائرة مفرغة تدور فيها الدولة المصرية منذ ما يقرب من 10 سنوات، وتضاعف تأثيرها بعد يناير  2011 في ظل تراجع دور إعلام الدولة القومي أمام المد غير المحدود لتأثير الإعلام الإفتراضي البديل ولإعلام القنوات الخاصة، الأمر الذي يزداد تأثيره مع وجود قطاعات مؤثرة في كل وسائل الإعلام تعلم بهذا المخطط، وقد تشارك فيه بحسن نية لتحقيق مصلحتها في الإعلانات في بعض الحالات، وعن عمد وبصورة ممنهجة في حالات أخرى تنفيذًا لتعليمات ولي النعم.


من يتابع الأسبوع الأخير فقط، عليه أن يتوقف أمام ثلاثة حالات، الأولى لمنى السيد تلك الفتاة السكندرية التي كرمت من قبل السيد رئيس الجمهورية كرغبة منه في توصيل رسالة أنه مهتم بكل من يبني ويتحدى الظروف ويتحمل الضغوط لتنطلق مواقع التواصل الاجتماعي ساخرة من ذلك ومسفهة لهذا الإهتمام الذي أفشل مخططًا كانوا يعدون له بإستخدام صور منى وهي تجر تروسيكلًا محملًا بالصناديق الثقيلة للإساءة لمصر وتشويه صورة الإهتمام بالشباب، الثانية لمباراة مصر وغانا والتي حقق فيها المنتخب المصري فوزًأ مستحقًا على المنتخب الغاني لتنطلق أكبر حملة تشويه بعد المباراة من خلال مقدم أحد البرامج شديد الكراهية لأي فرحة مصرية ليعلن أن الرئيس يحاول أن يوظف الكرة سياسيًا لتحقيق مكاسب سياسية وفضحه أن حديثه هذا قد تزامن مع أكبر حملة حقد وغل من أتباع التنظيم الإرهابي وغيرهم من نشطاء يدعون الوطنية عبروا خلالها عن حزنهم لفوز مصر وأنهم كانوا يتمنون هزيمتها. الحالتان السابقتان ترتبطان مباشرة بالفشل الذي لاقته دعوات الخروج لتظاهرات 11/11، فكل الأطراف الكارهة لمصر من يعلنها ومن يضمرها في نفسه كانت تتمنى الخراب لمصر يومها، ولكنه وعي الشعب المصري وفطنته التي مكنته من الفصل بين دعواتهم الشيطانية وبين واقع يتحقق على أرض الواقع يدعمونه ويقفون خلفه رغم معاناتهم الشديدة من آثار وتكلفة عملية الإصلاح الجارية والتي دشنها النظام قبل 5 أيام من موعد الثورة المزعومة لكي تصل لهم الرسالة، بأن الشعب واع وأنه يقف خلف قيادته ويتحمل معها وأن لن يستجيب لدعواتهم، عسى أن يهديهم الله ويتوقفوا عن بث الشر عبر برامجهم وعبر وسائل التواصل الاجتماعي التي أحسن ولي نعمتهم تدريبهم على حسن إستخدامها لتحقيق أهدافه.


لنأتي للحالة الثالثة الكاشفة والدالة على حجم الفوضى الذي نعيش فيه، وعلى كم السواد الذي يقطن قلوب عدد لا بأس به من حاملي الجنسية المصرية للأسف، وعلى حجم الرغبة الداخلية لديهم في إفشال أي تجربة نجاح للدولة المصرية، لكي نظل دئمًا محلك سر، لا نتقدم وإن كانوا يتمنون لنا التراجع بل والإنهيار. فمصر الدولة التي تمكنت عبر برنامج علمي أنفق عليه ما يقرب من التسعة مليارات جنيهًأ أن تقضي على مرض فيروس سي الكبدي، المرض الأشد فتكًا وتهديدًا لصحة الكثير من المصريين على مدى العقود القليلة الماضية، المرض الذي كان يضرب القوة البشرية ركيزة الأمن القومي في مقتل فالمواطن يا سادة هو جوهر الأمن القومي ومتى أرد أهل الشر ضرب هذا المواطن فإنهم يضربونه في صحته وثقافته وإعلامه ليجعلوه نسخة مشوهة يسهل التحكم فيها وقيادتها إلى الوجهة التي يريدونها، مصر الدولة أرادت أن توظف هذا النجاح الذي أشادت به أكبر الهيئات والمنظمات الصحية الدولية لإحداث طفرة في قطاع مهمل لسنوات طويلة يتعلق بالسياحة العلاجية، وبالفعل بدأ التمهيد لأكبر حملة ترويجية لمصر كمقصد للسياحة العلاجية يشارك فيها النجم ليونيل ميسي الذي سيصل في خلال أيام لتدشين الحملة.


هل يرضى أهل الشر؟ بالطبع لا، من هنا جاء دور د. منى مينا التي شاركت من قبل في تضخيم أزمات سياسية كأزمة نقابة الأطباء مع وزارة الداخلية، وارتبطت بتصريحات ثورية أيام ثورة يناير عن عدد الضحايا وعن كيفية وفاتهم نتيجة لإستخدام غازات ورصاص محرمين دوليًا، وهو أمر غير مستغرب حيث أنها معروفة بإنتماءها للإشتراكيين الثوريين وأفكارهم الفوضاوية، واستخدامهم لكل الأساليب والأدوات للتهييج والإثارة. حيث خرجت علينا مساء أمس لتؤكد أن الأطباء قد تلقوا تعليمات بإعادة إستخدام السرنجات لأكثر من مرة في ضؤ العجز عن توفيرها نتيجة لأزمة الأدوية ووقف إستيرادها التي تعرض المواطن المصري للخطر. تصريح متعدد الأبعاد، فمن ناحية لا يمكن لعاقل أن يتصور أن الدولة التي أنتجت خصيصًا سرنجات مصرية خالصة لا تصلح للإستخدام إلا لمرة واحدة ويستحيل إستخدامها مكررًا تقوم بإصدار تصريحات على هذا النحو، ومن جهة أخرى ربطت هذا الأمر بأزمة الدواء ووقف إستيراده وانعكاسات ذلك على صحة المواطن وكأنها تصر على خلق أزمة غير موجودة وتوهم الجميع أنها قائمة. لتدور دائرة مواقع التواصل الاجتماعي عقب إنتهاء البرنامج الذي قامت فيه بالمداخلة الهاتفية، ويبدأ الصويت والعويل، لتتلقف مؤسسات الإعلام الغربي والعربي المتصيدة لأزمات المجتمع المصري الخبر، وتقوم بنشره على أوسع نطاق وفي صدر صفحاتها ونشراتها، وهكذا يتم وأد تجربة جديدة كانت تخطط لها الدولة المصرية لإحداث إنتعاش في قطاع حيوي من قطاعات الاقتصاد المصري، قطاع تم تدميره عبر الفاعليات الثورية التي ساعدت على تحجيم الأمن، إضافة لمخططات ضرب السياحة التي إكتملت بإسقاط الطائرة الروسية.


هؤلاء جزء من أهل الشر بالتأكيد، وهم في شرهم لا يقلون خطرًا عن الإرهاب الموجه لقلب مصر، فالخطر عندما يكون معروفاً ومعلَناً لا يُصنف خطرًا لكونك تستطيع محاربته أو مواجهته بأي وسيلة أخرى، وهذا أمر مشروع طالما تحافظ على أمنك. غير أن الخطورة المدمرة تأتي من شخوص (الطابور الخامس) الذين يزعمون انتماءهم إلى البلد، فيحيكون في الداخل ما طلب منه تنفيذه وأنت لا تعلم عنه شيئاً إلا بعد وقوع الفأس في الرأس.


هذه النوعية المستهدفة أو ما يطلق عليهم اسم "الطابور الخامس" تبقى من العوامل المؤثرة على استقرار المجتمعات، لكونهم جواسيس أو عملاء يمارسون نشاطات التجسس والتخريب واصطناع أزمات اقتصادية وتموينية وصحية وتعليمية تمس المجتمع بكل طبقاته، فضلاً عن إثارة الرأي العام بترويج الشائعات، وترديد الأكاذيب وتزييف الحقائق.


هذا الطابور موزع على فئات حسب نوعية المهمة، فمنها الفئة الاستخباراتية التي تجمع المعلومات العسكرية والأمنية والاقتصادية، والفئة الدعائية وهدفها ترويج الإشاعات، أما الفئة الثالثة، فهي القتالية الميدانية، ومهمتها القيام بالعمليات الإجرامية الإرهابية، ويتم تجنيد عناصرها إما عن طريق الإغراء المادي وإما الانتماء المذهبي، وهذه تترك مهم إدارتها للمخطط الأعظم الذي يحرك الفئات الثلاثة. الإشكالية أن أعضاء الطابور الخامس يحيطون بنا ولا نعلمهم، ولكن منهم الذين يتصدرون المشهد لحكم وظيفتهم المراد منهم تأديتها، وهؤلاء الذين فضحوا أنفسهم وبات المجتمع على وعي بهم وبأدوارهم، وهؤلاء هم من يتحملوا مسئولية الخراب الاقتصادي والاجتماعي الذي حل بمصر، وهؤلاء هم الذين تسببوا في تراجع الأوضاع الاقتصادية واشتداد الأزمة، وهؤلاء هم أول من سيتركون السفينة، ولكننا لن نتركها لهم ولن نتركهم، هي بلدنا ولا مكان لنا غير أرضها، سندافع عنها وسنفضحهم ونفضح أدوارهم الخبيثة، فأنتم كالدواء الذي به سم قاتل.