التوقيت الجمعة، 29 مارس 2024
التوقيت 11:08 ص , بتوقيت القاهرة

حكايات إخوانية| حسن البنا

لهذا خلق الله الندم ،بتلك العبارة أنهى وحيد حامد هذه الدراما التلفزيونية التى أسماها الجماعة، فى مشهد هذا الفنان السورى الذى جسد شخصية حسن البنا ،والتى بدت معالجة درامية تفتقر لكثير من المعلومات الجوهرية عن شخصية حسن البنا ،مؤسس جماعة الإخوان الخطيب المفود الذى كان يمتلك قدرة خطابية عالية ،أشار اليها الصحفى المرموق محمد التابعى الذى كتب مقالا ورد فيه أن لم ينتبه أنه ظل يستمع اليه لثلاث ساعات دون أن ينتبه انه لازال واقفا كل هذا الوقت ،فمن حسن البنا الذى أسس اكبر جماعة مثيرة للجدل بين كل الحركات الإسلامية ،والذى لازالت شخصيته رغم مرورأكثر من نصف قرن على وفاته محل جدل شديد ،بين من يرفعونه الى مرتبة الأولياء ومن يعتبرونه راسبوتين الحركات الإسلامية ،فماهى حكاية حسن البنا


فى مدينة تلخص قصة وطن تحت الإحتلال ،حيث الأكواخ تجاورها القصور، تحدث ستة من العمال البسطاء لمدرس الإبتدائى حسن أفندى البنا، ذلك المدرس والواعظ الذى أهاج مشاعرهم وحرك حميتهم لدينهم ووطنهم ،وأشعرهم بثقل التبعة الملقاة عليهم إن تخاذلوا عن نصرة دينهم ووطنهم ، وضرورة العمل لإستنقاذهما معا بأى طريقة يراها هو ولايرونها، يعرفها ولا يعرفونها ويتحمل هو تبعتها امام الله، كانوا ستة من العمال البسطاء تحلقوا حول الشاب الطموح، وقالوا له حسبما ينقل هو فى مذكراته " لقد سمعنا ووعينا وتأثرنا، ولا ندرى بالطريق العملية إلى عزة الإسلام وخير المسلمين ،ولقد سئمنا هذه الحياة حياة الذلة والقيود ،وها أنت ترى أن العرب والمسلمين فى هذا البلد لا حظ لهم من منزلة أو كرامة ،وأنهم لا يعدون مرتبة الإجراء التابعين لهؤلاء الأجانب، ونحن لا نملك إلا هذه الدماء تجرى حارة بالعزة فى عروقنا، وهذه الأرواح تسرى مشرقة بالإيمان والكرامة ،مع انفسنا وهذه الدراهم القليلة من قوت أبنائنا ولا نستطيع أن ندرك الطريق الى العمل كما تدرك ،أو نتعرف السبيل الى خدمة الوطن والدين والأمة كما تعرف ،وكل الذى نريده أن نقدم لك ما نملك لنبرأ من التبعة بين يدى الله ،وتكون انت المسؤول بين يديه عنا وعما يجب أن نعمل، وإن جماعة تعاهد الله مخلصة على أن تحيا لدينه وتموت فى سبيه لا تبتغى بذلك إلا وجهه لجديرة بان تنتصر وإن قل عددها "


بهذه المقدمة المؤثرة قدم حسن البنا كتابه مذكرات الدعوة والداعية ،والذى سجل فيه مذكراته الشخصية حتى الفترة قبل وفاته بخمسة أعوام، والتى شهدت فى تقديرى أهم التغييرات الدراماتيكية والتى أنعكست على الجماعة بعد ذلك وعلى مسيرتها بوضوح


أسس حسن البنا لأخطر فكرة وهى فرضية تأسيس تنظيم حركى يتوخى استعادة ما سمى بالخلافة


حرص حسن البنا ان تكون مجموعة التأسيس من العوام ،أصحاب العاطفة المشبوبة والعقل المحدود لأنهم اطوع لبنانه ،وهو يحتفى فى تلك المقدمة بتلك المجموعة التى ظلت الأقرب لقلبه وعقله طوال الوقت، بينما تسرب من الجماعة عبر مراحلها المختلفة كبار العقول ،الذىن أفلتوا من وصاية الرجل وكان اولهم نائبه الشيخ أحمد السكرى ،والذى رفض استبداد حسن البنا وخلطه بين الدعوة والسياسة ،وتنكره وعداوته لحزب الوفد الذى كان حزب الشعب وقتها، كما انكر عليه سياسته فى إدارة الجماعة دون شورى او تداول للرأى، مضى حسن البنا فى كل الميادين يضرب فيها بكل قوته، فى السياسة والدعوة والحرب عادى الأحزاب والقصر والإنجليز واليهود ،وظن أن بإمكانه هزيمة الجميع فانتهى رجل معزول وضعت الحكومة اعضاء الجماعة فى السجون، وتركته يلقى مصيره عبر رصاصات وجهها له شرطى ،انتقاما لمقتل النقراشى ولطموحه ان يكون ملكا أو خليفة ،بعدما وقع تحت غواية الجماهير التى كانت تقف للإستماع اليه خطيبا لساعات ،ظنها كافية لتتويجه ملكا او خليفة ولتمضى الجماعة بعد مقتله، وهو فى الثالثة والأربعين من عمره الى متاهة تلو الأخرى ،متغافلة عن وصيته الأخيرة دعوا السياسة وعودوا للمأثورات، فكانت امنيته الأخيرة والوحيدة بعد وهم الخلافة ،والتى أسر بها لخلصائه كم يتمنى أن يخلص له 100 شاب يربيهم على الإسلام ينطلقون فى الدنيا ينشرون دعوة الإسلام ، يلقى الله بهم يوم القيامة تلك الوصية التى لو استجاب لها خلفه ،لأصبح للجماعة وللوطن شأن أخر، ولكن لهذا خلق الله الندم كما يقول وحيد حامد على لسان الرجل فى اواخر حياته .