التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 06:55 م , بتوقيت القاهرة

أكاذيب "رويترز" وأخواتها.. سقطة أم مؤامرة ضد مصر؟

خلال الشهور والأيام المنصرمة، تعاملت وسائل إعلام دولية مع أحوالنا المعيشية، وأوضاعنا السياسية والاقتصادية بطريقة، أقل ما يقال عنها أنها بعيدة تمامًا عن "المهنية".


التركيز على مصر يبدو «طبيعيًا»، بالنظر إلى تاريخها، ومكانتها، وثقلها الإقليمي، باعتبارها "وتد الخيمة" للوطن العربي، وقلب الشرق الأوسط.. لكن الممعن في تناول وسائل إعلامية شهيرة سوف يجد «مبالغات» كثيرة في تغطيتها، وانحيازها ضد مصر.


وربما يستنتج المراقب المحايد أن "بي بي سي"، و"رويترز"، و"أسوشيتيدبرس"، "دويتش فيلله"، و"إيكونوميست"، و"الجارديان" مثلًا، تسعى إلى "حشر" مصر في أية كارثة، وتفتعل أزمات، وتضخم أحداثًا صغيرة، وتنشر تقارير «غير مهنية» ضد مصر؛ لتحقيق أهداف "خفية".


صحيح أن "المؤامرة" صارت كلمة "سيئة السمعة"، بعد "حشرها" في كل إخفاق للأنظمة المصرية، إلا أنها ربما تكون أقرب إلى المنطق في تفسير هذا التحيز الصارخ ضد مصر.. وإلا بِمَ نفسر التقرير الذي نشرته "رويترز" وادعت فيه أن مصادر "مُجَهّلة" في "المخابرات المصرية" أبلغتها أن أجهزة الأمن احتجزت الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، قبل العثور على جثته لاحقًا؟


وبِمَ نفسر الحملة "الضارية" للإعلام الدولي ضد مصر عقب سقوط الطائرة الروسية، بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ؛ ما أدي إلى إصابة السياحة بـ"هبوط حاد". بينما لم تسلك هذا المسلك مع الانفجار الذي ضرب مطار اسطنبول في تركيا؟


وبِمَ نفسر التقرير الذي نشرته مجلة "إيكونوميست" عن الأحوال الاقتصادية والسياسية في مصر، وكان مبنيًا على معلومات وأرقام "غير رسمية"؟


ثم بِمَ نفسر الخبر الذي ادعت فيه "رويترز" أن شركة "أرامكو" الحكومية السعودية أبلغت الهيئة العامة للبترول المصرية "شفهيًا" في مطلع أكتوبر الحالي، بالتوقف عن إمدادها بالمواد البترولية؟


الخبر "المكذوب" الذي نشرته رويترز، كان من الممكن أن يحدث بلبلة، ويعكر صفو العلاقات بين بلدين وشعبين شقيقين، في فترة هي الأدق في تاريخ العرب.


وفقًا للأمانة والقواعد المهنية، كان يجب على "رويترز" تحري الدقة في المعلومة "الخطيرة" التي أبلغها بها المسؤول "المجهول".. كان يمكنها الاتصال بالمتحدث الرسمي لوزارة البترول، الذي نفى في وقتين، سابق ولاحق، هذه المزاعم.. أو الاتصال بـ"أرامكو" التي أصدرت بيانًا رسميًا أكدت فيه "التزامها بعقد توريد البترول لمصر لمدة 5 سنوات"، وأن هذا الاتفاق "غير خاضع لأية أحداث سياسية".


موقع "روسيا اليوم" وقع أيضًا في خطأ فادح بنشره خبرًا يدعي وجود مفاوضات بين موسكو والقاهرة لإقامة قاعدة عسكرية روسية في سيدي براني. قبل نفي الخبر لاحقًا.


هل "السقطات المهنية" التي وقعت فيها "رويترز" وأخواتها  كانت "سهوًا" أم "متعمدة"؟ وما مصلحتها من وراء ذلك؟


ظني أن مثل هذه الوكالات والمواقع الإخبارية الدولية تُقْدِم على ذلك "عمدًا"؛ بقصد إحداث بلبلة في الشارع المصري، وتوتير علاقات مصر مع حلفائها أو أشقائها العرب خاصة السعودية، إذ إنهما أكثر دولتين عربيتين تماسكًا إلى الآن، رغم محاولات كسرهما، وتفتيت جيشهما.


وإذا كنا نلقي باللوم على الوكالات العالمية، فإن اللوم الأكبر لا بد أن يوجه لبعض وسائل إعلامنا المحلية، التي تتعامل مع ما ينشر في المواقع الأجنبية ضد مصر والعرب على أنه "وحي" غير قابل للتكذيب أو التشكيك، وتنشره دون تحري الدقة، والتأكد من صحته؛ تمامًا كما تعاملت مع التقرير الذي نشرته صحيفة "يدعوت أحرونوت" ويدعي أن ملك المغرب الحسن الثاني، أمد الموساد بمعلومات استخباراتية ساعدت إسرائيل على هزيمة الجيوش العربية في 1967، مقابل اغتيال المعارض المغربي "المهدي بنبركة"، في فرنسا.


الحقيقة التي لا مراء فيها أن أحوالنا الاقتصادية، والسياسية، والتعليمية... سيئة، ولم ترق بعد إلى تطلعات المصريين. لكن هذه نقرة وما يفعله الإعلام الغربي ضد مصر نقرة أخرى.


أعلم تمامًا أن لدينا وسائل إعلامية ترتكب "أخطاءً" في حق مصر أكثر من تلك التي يرتكبها الإعلام الغرب. وما نأمله، ونسعى إلى تحقيقه، ونطالب به جموع الصحفيين والإعلاميين، هو الالتزام بعدة معايير "مهنية" أهمها:


أولًا: الدقة، والأمانة، والموضوعية، والتحقق من الأخبار التي تأتيه، أو يتحصل هو عليها، بحيث لا تنشر أية مواد صحفية إلا بعد التأكد من مصدرين "رسميين" على الأقل.


ثانيًا: تجنب نشر الأخبار المنسوبة إلى مصدر "مجهول"، خاصة إذا كانت مثل هذه التصريحات "تقلب الدنيا".


ثالثًا: عدم الخلط بين الخبر والرأي، والتمييز بين الأخبار الصحفية وتصريحات المصادر "غير الرسمية". وكذا التمييز بين المواد الصحفية والإعلانات.


وهذا كله لن يتحقق إلا بإقرار "ميثاق إعلامي"، وصدور قانون يسمح بحرية تداول المعلومات، ومَنْ يخالفه يواجه بكل حسم وحزم.