التوقيت الثلاثاء، 23 أبريل 2024
التوقيت 12:35 م , بتوقيت القاهرة

الانتخابات المصرية: نريد مزيدا من المال السياسي

الانتخابات المصرية مناسبة لتذكيرنا بحياتنا السياسية. لننظر إلى ما فيها من مواطن خلل ونحاول أن نفتح النقاش حوله، ونضبط مصطلحاته، حتى لا تنتشر النصيحة السيئة على أنها النبراس المضيء، ولا نأخذ الأمور مسلمات غير قابلة للمناقشة، في حين أنها مهلكات. هذه بعض مصطلحات تنتشر في إعلامنا هذه الأيام، بسبب الحالة الاقتصادية، وبسبب الانتخابات، وبسبب الاستقطاب السياسي.



ترشيد الاستهلاك: 


يجب أن نفرق بين ترشيد الاستهلاك في وقت أزمة، حرب أو مجاعة، وهو ترشيد اضطراري القصد منه أن تكفينا المؤن حتى انتهاء الأزمة، وبين ترشيد الاستهلاك الذي يستخدم بإيحاء أنه "حل اقتصادي"، سيمكننا من توفير أموال وتحسين الاقتصاد.


كنت أستمع في تاكسي إلى إذاعة القرآن الكريم، وقت أن كانت تفتي في كل شيء في الحياة، وخرج علينا دكتور أزهري يدرس اقتصاد، وبدأ يتحدث عن رؤيته لحل المشكلة الاقتصادية، والتي تتلخص في أن يحاول كل بيت أن يوفر ثلث دخله الشهري لمدة سنة، فلا ينفقه. ثم يسهب في شرح المعادلات الرياضية الناتجة عن ذلك، وكيف ستساهم في "سداد الديون" و"سد العجز".


يا فضيلة الشيخ خليك شيخ. إحنا بعون الله لو عملنا كده اقتصاد الدولة هينهار في شهر. مؤشر الاستهلاك دا مؤشر مهم جدا في الحياة الاقتصادية، وأفضل طريقة لتنشيط اقتصادنا هو إننا نستهلك ما نحتاجه، ومنخزنش تحت البلاطة، علشان الفلوس تمشي. بشرط إن اللي نحتاجه يكون معمول بسعره، مش مدعوم يعني.


لا إنتاج دون تشجيع على الاستهلاك.



المال السياسي:


ما هي السياسة؟ السياسة هي تحويل الأوزان "المعنوية" التي يصعب حسابها إلى قيم "جبرية". وهي في ذلك شبيهة بالفلوس. بالفلوس تقدر تقارن فارق قيمة نسبية بين سلعتين في نفس البيئة (أو اتنين موظفين في حالة الأجور مثلا). هنا حولت الفايدة اللي بجنيها من السلعة أو الشخص إلى مقابل مالي. 


في السياسة محتاج أعكس أهمية الأشخاص ومدى تأثيرهم في المجتمع. كيف يجني الأشخاص التأثير في المجتمع؟ 


بالقوة، بالنفوذ المعنوي العائلي، بالعلم، بالسطوة، إلى آخره، ومن بين هذه الأشياء المال أيضا.


بل إن المال أبرزها لسببين، أولا لأننا مجتمع فقير، وبالتالي فالمال ذو قيمة كبيرة جدا فيه، ثانيا، لأننا دولة غير راسخة في السياسة، وبالتالي لم نطور وسائل كثيرة - غير المال - لتحويل التأثير المعنوي إلى تأثير محسوس.


الدول حتى عتاة الديمقراطية منها تعرف أن السياسة مرتبطة بالمال، وأن المال السياسي لاعب أساسي في السياسة، هو الذي يفتح قنوات إعلامية، وإعلانات، ويرعى حملات انتخابية.


المال السياسي ليس مشكلة على الإطلاق. بل وسيلة مشروعة جدا جدا، وقانونية، للطموح إلى تأثير سياسي.


مشكلتنا ليست المال السياسي، ينبغي ألا نسمي الأشياء بغير مسمياتها، مشكلتنا هي غياب البرامج السياسية المتكاملة. وبالتالي ففي غيابها لا نرى سوى الرشى محفزا لاهتمام مواطنين. 


وبالتالي يا أهلا بالمال السياسي، ما دام ملتزما بالقانون، بل ونتمنى المزيد منه، لأن المال وسيلة حقيقية وليست مختلقة للتأثير.



أجندة:


كل الناس عندها أجندة. أنا عندي أجندة وأنت لديك أجندة. المقصود بها هي ترتيب الأولويات في الحياة أو السياسة أو العمل العام إلخ. 


الذم يوجه إلى "الأجندة الخفية"، أن تقولي خلافا لما تبطني. 


الطابور الخامس: 


مقولة أخرى يجب أن يحاسب القانون مستخدميها، لكي نتعلم ألا نستخدمها إلا بدليل. الطابور الخامس - بمعناه المقصود - موجود طبعا. الذين يدينون لمصلحة جماعة، ومصلحة دولة تدعم الجماعة، على حساب مصلحة بلدهم، طابور خامس. لكن الذين يختلفون مع الإدارة الحاكمة في دولتهم ليسوا طابورا خامسا. تستطيعين أن تعتبري آراءهم مثالا للجهل، أو تعتبريها بعيدة تماما عن الحقيقة، لكن لا تعتبريها خيانة إلا حين تستحق ذلك الوصف، لكي لا نبتذل الوصف ونفقده معناه.


يهمنا هذا لكي نعيد الثقة إلى العمل العام. ولا يتحول تشويه الناس إلى سلعة أرخص من "لبانة تشكلتس" عند قائليها، وأقل قيمة من لبانة ممضوغة عند سامعيها.