التوقيت الجمعة، 19 أبريل 2024
التوقيت 01:41 م , بتوقيت القاهرة

الـ"عيال حريفة".. لو السبكي مديرا فنيا

راقصات.. نكت.. ايفيهات جنسية.. حارة شعبية.. جمل حوارية عن الشهامة والجدعنة وولاد البلد.. أغاني مهرجانات.. توظيف سريع لكل راقصة أو مطرب أو كوميديان على بدايات سلم الشهرة. 


كلها عناصر معادلة سينمائية اكتسح بها المنتج أحمد السبكي شباك التذاكر سنوات وسنوات، رغم كل الهجوم والانتقادات. من وقت لآخر ينتج أفلام أفضل مختلفة عنها مثل (شد أجزاء - الحرب العالمية التالتة)، لكن تظل فقرة ثابتة في جدول إنتاجه المنتظم والمكثف سنويا.


اقرأ أيضا: شد أجزاء.. وإعادة تركيب نجومية محمد رمضان


هواة التنظير اعتادوا على وصفها بـ (خلطة السبكي) على سبيل الاستهزاء. في المقابل استنسخها بعض المنتجين أصحاب التفكير العملي. لكن يظل صاحبها الأكفأ والأنشط في تفعيلها. فيلم عيال حريفة آخر منتجات المعادلة. ويُضاف إليها فيه عنصر جذب آخر يلجأ إليه السبكي أحيانا (كرة القدم).



الملاحظ في الفيلم الجديد أن حجم الجهد المبذول لتوزيع عناصر المعادلة يقل بالتدريج. أحيانا تتواصل مثلا 3 أغاني دون قطع. أحيانا أخرى يتصيد السيناريو كلمة أو جملة من أغنية معروفة، ويوظفها في حوار كرد ساخر بين طرفين، لا لشىء إلا كعذر لإطلاق الأغنية نفسها فورا بمجرد نطق الممثل باسمها!


سيناريست الفيلم سيد السبكي والمخرج محمود سليم باختصار، لا يسعيان لصناعة حبكة روائية تتخللها أغاني ورقصات أحيانا. المنهج هنا هو توزيع أغاني ورقصات واسكتشات، على شريط سينما يتضمن قصة ما. 


كل شخصيات الفيلم تقريبا رجال أو نساء، كاريكاتيرية الطابع، ولا تحتاج إلا لـ (تلكيكة) بسيطة للانطلاق في فاصل رقص وغناء جديد!.. والطريف أن أغلب جمهور السينما شاركها اللعبة بنفس الحماس وبتصفيق فوري!   


طاقم الفيلم يضم (صوفينار - سعد الصغير - بيومي فؤاد - محمود الليثي - بوسي - ماهر عصام - محمد لطفي). بمرور الوقت لن تذكر من يعمل في الأصل كممثل ومن يعمل كمطرب.. من ترقص ومن تُغني.. الكل يتحرك ليساهم كفرد بتنفيذ أكبر قدر ممكن من معطيات المعادلة!



أغلب الكوميديا اللفظية مملة. تكرار هندسي لنموذج:
- بحلم أدرب في ستاد القاهرة. 
- الاستاد غرقان مية. 
- وماله أدرب سباحة.
   
مشاهد الكوميديا المضحكة فعلا كانت غير مُتعمدة، وتنبع من ضعف التنفيذ. وستضحك فيها مثلا بسبب مشاهدة الراقصة صوفينار الأجنبية الأصل، وهي تحاول حائرة نطق رد أو إيفيه مصري يعكس صياعة، بينما تعكس ملامح وجهها عدم فهم لدلالته!


دور سعد الصغير مماثل لاسمه هذه المرة. طبقا للمذكور في بعض المواقع الفنية، فقد أصيب بدور أنفلونزا منعه من استكماله. نتحدث عن فيلم بدأ تصويره قبل العيد بأسابيع بسيطة، وبالتالي تم التنفيذ سريعا بالمُتاح!.. وهو ما جعل المساحة الزمنية لمحمود الليثي (المطرب الشعبي السليم المُتبقي غير المصاب بأنفلونزا) أكبر نسبيا!   



البعض للأسف يكرر نفسه لدرجة مزعجة، وأخص بالذكر هنا سليمان عيد - محمد لطفي. ولسبب ما لا يزال بيومي فؤاد (دكتور ربيع في مسلسل الكبير أوي)، قادر على النجاة مهما كان الفيلم ككل متواضع. وهو إنجاز جيد حققه مؤخرا أيضا في فيلم كابتن مصر. 


اقرأ أيضا: "كابتن مصر" ملوش في اللعبة الحلوة


بمناسبة الحديث عن الفيلم الأخير ليس الا، ففيلمنا هنا بعد تصفيته من الأغاني والرقصات، يتعلق بمدرب كرة قدم فاشل في فرق شعبية (محمد لطفي)، يتم إسناد مهمة تدريب منتخب الكرة النسائي المصري إليه، مقابل التغطية على فساد المسؤولين. لكن طبعا كعادة ابن البلد يرفض الصفقة في النهاية.


على كل بعد فترة معينة توقفت عن تشغيل أي برنامج نقدي أثناء المشاهدة، وأصبحت أنتظر الأغاني أو انتهاء الفيلم فقط ليس الا!.. وهو ما يعني أن السبكي كمدير فني لـ عيال حريفة، فاز في النهاية وفرض خطته على الملعب! 



(كلام جميل كلام معقول - حلويات الواد دهو - بيبو بيبو بيبو يا سلام يا خطيب - بونبوناية ملبساية - بشرة خير - جمبرى مشوي جمبري طازة).. صدق أو لا تصدق: الكوكتيل السابق كله متواجد الآن في فيلم واحد!


في آخر الفيلم وبعد انتهاء الأحداث فعليا، يظهر فريق شبيك لبيك فجأة ليقدم أغنية الموسم مفيش صاحب يتصاحب. على الأغلب أراد السبكي أن يحتفظ بكارت (الولد) للنهاية!.. أو ربما يعود السبب لتعاقده معهم في مرحلة متأخرة جدا!


بالنظر لتصفيق الجمهور الفوري مع عرض الأغاني، ولمعدل رضا أغلب المتفرجين عن الفيلم ككل بعد النهاية، راودتني فكرة أثناء خروجي من القاعة، ككائن فضائي غريب يغادر كوكب السبكي عائدا إلى كوكبه الأصلي. 


الرجل نجح في تدشين التراس خاص بأفلامه. جمهوره يعرف المعادلة تفصيليا وراض عنها 100% ويراها على عكسي جديرة بوقته وتذكرته. جمهور مماثل مثلا لألتراس أفلام مارفل الهوليوودية، الذي ينتظر مشهد بعد التترات، لمعرفته التفصيلية بمعادلات مارفل السينمائية!



تنتج مارفل الفيلم الواحد بـ 150 مليون دولار في المتوسط. تستغرق سنوات في الإعداد، وشهور طويلة في التنفيذ. توظف آلاف الفنيين والخبراء، مع أطنان من الخدع السينمائية. السبكي حقق انجاز مماثل بالجهود الذاتية!


يمكنك أن تشكو من أفلامه ومعادلاته كما تشاء. لكن إذا تجاوزت المبالغات والاتهامات والإدانات الأخلاقية الغريبة التي توجه لأفلامه، كما لو كانت مصدر كل الشرور، ستراه في النهاية بشكل مختلف. شخص اجتهد ونجح، يقدم لك مُنتَج واضح وصريح، من حقك أن تشتريه أو ترفضه. شخص لا يتبجح ويتهمك بعدم الفهم إذا رفضت بضاعته.


وبالنظر لهذه الحقيقة البسيطة فالشكوى والسخرية منه لا محل لها من الإعراب. أفلام السبكي لا تدعي ما ليس فيها. بضاعة أمينة أصبحنا جميعا نميز مواصفاتها القياسية بمجرد مشاهدة دقيقتين إعلان.


الكل يعرف غالبا احتمالية أن يكون عيال حريفة نوعية السينما التي يرغب بمشاهدتها أم لا. إجابتي كانت لا. والتجربة جاءت مطابقة لتوقعي. إذا كانت إجابتك العكس، لا تتردد في المشاهدة.


أغنية بونبوناية - عيال حريفة



باختصار:
شريط سينما فوضوي يتضمن معادلة السبكي بكل عناصرها القياسية من رقص وغناء وإيفيهات ونكت جنسية. إذا كنت شاهدت أفلام المعادلة السابقة وتصنفها "بونبوناية ملبساية" فهذا هو فيلم العيد الذي طال انتظاره!


ريفيوهات أفلام العيد:
أهواك.. وسهل جدا أنساك
جيل الفيس بوك يغرق في "الجيل الرابع"


لمتابعة الكاتب على الفيس بوك